الثلاثاء، 1 يناير 2013

التحليل الائتماني ودوره في ترشيد عمليات الإقراض المصرفي

التحليل الائتماني ودوره في ترشيد عمليات الإقراض المصرفي بالتطبيق على المصرف الصناعي السوري
Ñ الملخّص Ñ

يعتبر الائتمان المصرفي فعالية مصرفية غاية في الأهمية، حيث إن العائد المتولد عنه يمثل المحور الرئيسي لإيرادات أي مصرف مهما تعددت وتنوعت مصادر الإيراد الأخرى، وبدونه يفقد المصرف وظيفته الرئيسية كوسيط مالي في الاقتصاد. ولكنه في ذات الوقت استثمار تحيط به المخاطر، بسبب القروض والتسهيلات المتعثرة.
وقد أصبح موضوع " التحليل الائتماني " من الموضوعات الشاغلة للنشاط المصرفي وللعاملين فيه بشكل عام، وكذلك لطلبة الدراسات المالية والمصرفية بشكل خاص، وذلك باعتباره أداة هامة للوصول إلى دقة في اتخاذ القرارات الائتمانية وبالتالي تخفيض الخسائر التي قد تتعرض لها المصارف. وانطلاقاً من أهمية الموضوع فقد تناولنا بالدراسة عملية منح الائتمان والدراسة التي تُُجرى على طلبات التسهيلات الائتمانية في المصرف الصناعي مقارنةً مع الركائز الأساسية للتحليل الائتماني، وذلك للتعرف على الجوانب الإيجابية وتعزيزيها، وكذلك على جوانب القصور وتقديم المقترحات والتوصيات للعمل على تلافيها وبما يسهم في ترشيد عمليات الإقراض المصرفي.

كلمات مفتاحية: الائتمان المصرفي، التحليل الائتماني، التسهيلات، القروض.

مقدمة:
تواجه المصارف اليوم تحديات المنافسة التي أصبحت تتخذ طابعاً عالمياً والتي نتجت عن مجموعة من المتغيرات على الساحة الدولية كالاتجاه نحو تحرير التجارة الدولية في الخدمات المالية، الاتجاه الكامل نحو                 تكنولوجيا المعلومات، والاتجاه نحو اقتصاد السوق وإن سياسة الانفتاح والتحرر الاقتصادي التي تنتجها سورية في الوقت الحاضر وما يرافق ذلك من إزالة القيود أمام الاستثمار، وشروع المصارف الخاصة بعملها، ألزمت المصارف المحلية بضرورة مواكبة التطورات، وإعداد نفسها على جميع الأصعدة وذلك بالعمل دائماً على تدريب الكوادر البشرية، ونظم الإدارة الحديثة وتطوير الأنظمة المحاسبية، وبصفة خاصة البنية التكنولوجية والبحث عن الوسائل الممكنة لتخفيض تكاليف الخدمات المصرفية وتحقيق عوائد مرتفعة للمصرف، وهذا يؤدي إلى ضرورة الاهتمام بالوظيفة الائتمانية للمصرف على اعتبار أن المركز المالي لأيّ مصرف يتأثر بمتغيرات وعناصر كثيرة إلا أن محفظة القروض بشكل خاص تحتل موقعاً هاماً ضمن بنود المركز المالي، فسلامة محفظة القروض يؤدي إلى تحقيق عوائد مرتفعة للمصرف عند أقل مستويات ممكنة من المخاطر المصاحبة لقرارات منح الائتمان.  
أهمية البحث والهدف منه:
تتزايد أهمية التحليل الائتماني في الوقت الراهن وذلك باعتباره أداة هامة لتخفيض الخسائر التي تتحملها المصارف بسبب القروض والتسهيلات المتعثرة. فالقروض المتعثرة مشكلة خطيرة تواجه المصارف في أعمالها حيث تؤدي إلى تجميد جزء هام من أموال المصرف نتيجة عدم قدرة العملاء الحاصلين عليها  على سداد أقساطها وفوائدها، وتعرض المصرف المانح لها لخسائر تتجاوز عائد الفرصة البديلة للاستثمار إلى خسارة حقيقية مادية تتمثل في هلاك الدين وفوائده خاصةً إذا لم تكن هناك ضمانات مادية كافية يمكن تسييلها بالبيع والحصول على ثمنها لسداد القرض الممنوح من المصرف للعميل المتعثر في السداد فضلاً عما يسببه الدين المتعثر من تقليل معدل دوران الأموال لدى المصرف، ومن ثم تخفيض القدرة التشغيلية لموارده وإنقاص أرباحه وزيادة خسائره.
ومن هنا فإنه من الأهمية بمكان إجراء دراسة تهدف إلى شرح مفهوم الائتمان وأسسه ومعاييره وكذلك التعرف على العناصر الأساسية للتحليل الائتماني وتبيان أهمية تحليل البيانات المالية لطالب الاقتراض في الكشف والتحقق من سلامة مركزه المالي وجدارته الائتمانية وقدرته على سداد التزاماته بعد الحصول على الائتمان المطلوب، وكذلك يهدف إلى إبراز أهمية متابعة الائتمان للتحقق من استمرار العميل في وضع يمكنه من تسديد الأقساط المستحقة، وذلك للوقاية من أخطار الديون المتعثرة وحماية حقوق المصرف من الضياع.

مشكلة البحث:
تكمن مشكلة البحث في أن التحليل الائتماني لا يحظى بالاهتمام الكافي حتى الآن، حيث إن الإجراءات والدراسات التي تجريها المصارف المحلية والتي تسبق عملية منح الائتمان غير كافية، ولا بد من التعرف على أوجه القصور التي تؤدي إلى ظهور مشكلة الديون والتسهيلات الائتمانية المتعثرة وتقديم بعض المقترحات التي تسهم قدر الإمكان في تطوير عمليات الإقراض المصرفي بناءً على أسس سليمة وذلك للوقاية من أخطار الديون المتعثرة.

فروض البحث:
1. قرار الائتمان يجب أن يتم في ضوء حسابات دقيقة وحساسية مرتفعة - نظراً للتأثيرات المتشابكة والمتبادلة سواء بالنسبة للعميل أو المصرف ذاته أو المتصلة بالتسهيل الائتماني الممنوح – وهذا يؤدي إلى تكوين محفظة قروض ذات جودة عالية.
2. إن عدم قيام المصرف بالتحليل الائتماني والدراسات الكافية التي يجب أن تسبق عملية منح الائتمان، تؤدي إلى تفاقم أزمة الديون والتسهيلات الائتمانية المتعثرة.
3. الاعتماد على نموذج لتصنيف مخاطر الائتمان، وكذلك وجود مراكز متخصصة لجمع البيانات عن الشركات والمنشآت يؤدي إلى قياس المخاطر الائتمانية بعيداً عن التحيز الشخصي والحكمية.  

منهج البحث:
سيتم الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي وذلك من خلال دراسة القوانين والتعليمات والمراجع والمصادر المحاسبية والأبحاث السابقة والتي لها علاقة بموضوع البحث، وكذلك جمع الملاحظات والبيانات وتحليلها بالأسلوب المناسب لتقديم الاقتراحات والتوصيات اللازمة.

أولاً:  الائتمان المصرفي ( مفهومه، أسسه ومعاييره، والعوامل المؤثرة في قرار منحه ):    
1- مفهوم الائتمان المصرفي ونشأته:
إن أصل معنى الائتمان في الاقتصاد هو القدرة على الإقراض، واصطلاحاً:  هو التزام جهة لجهة أخرى بالإقراض أو المداينة، ويراد به في الاقتصاد الحديث:  أن يقوم الدائن بمنح المدين مهلة من الوقت يلتزم المدين عند انتهائها بدفع قيمة الدين، فهو صيغة تمويلية استثمارية تعتمدها المصارف بأنواعها.
ويعرّف الائتمان بأنه:  " الثقة التي يوليها المصرف لشخص ما سواء أكان طبيعياً أم معنوياً، بأن يمنحه مبلغاً من المال لاستخدامه في غرض محدد، خلال فترة زمنية متفق عليها وبشروط معينة لقاء عائد مادي متفق عليه وبضمانات تمكّن المصرف من استرداد قرضه في حال توقف العميل عن السداد " [1].
وتعرّف القروض المصرفية بأنها تلك الخدمات المقدمة للعملاء التي يتم بمقتضاها تزويد الأفراد والمؤسسات والمنشآت في المجتمع بالأموال اللازمة على أن يتعهد المدين بسداد تلك الأموال وفوائدها والعمولات المستحقة عليها والمصاريف دفعة واحدة، أو على أقساط في تواريخ محددة. ويتم تدعيم هذه العلاقة بتقديم مجموعة من الضمانات التي تكفل للمصرف استرداد أمواله في حال توقف العميل عن السداد بدون أية خسائر. وينطوي هذا المعنى على ما يسمى بالتسهيلات الائتمانية ويحتوي على مفهوم الائتمان والسلفيات، حتى إنه يمكن أن يكتفى بأحد تلك المعاني للدلالة على إحداها [2].
إن أول أشكال العمل المصرفي كان قبول الودائع التي لم تكن تعطي أصحابها في البداية أي حق بالفائدة، لا بل إنه كان يترتب عليهم في بعض الأحيان دفع جزء منها لمن أودعت لديه هذه الممتلكات لقاء حراستها والمحافظة عليها. ومن ثم أخذت مؤسسات الإيداع هذه بممارسة عمليات الإقراض لقاء فوائد وضمانات تختلف باختلاف طبيعة العمليات والمواد المقرضة، وكانت عمليات الإقراض هذه تتم من ممتلكات المقرض نفسه [3]. بعد ذلك ومع تطور العمل المصرفي وتراكم الودائع لدى المؤسسات التي تمارس العمليات المصرفية، لاحظت هذه المؤسسات أن قسماً من المودعين يتركون ودائعهم فترة طويلة دون استخدامها ففكروا باستخدام جزء من هذه الودائع، وتسليفها للمحتاجين مقابل فائدة، وبعد أن كان يدفع المودع عمولة إيداع أصبح يتلقى فائدة على ودائعه، وبعد أن ازدادت هذه العمليات لاحظ الصيارفة أن باستطاعتهم منح قروض دون ودائع فعلية مقابلة لما لديهم [4]. وهكذا من مهمة قبول الودائع في البداية انتقل العمل المصرفي إلى ممارسة عمليات الإقراض والتسليف، ليصبح الركن الأساسي لأعمال المصارف الحديثة هو قبول الودائع والمدخرات من جهة وتقديم التسهيلات الائتمانية والخدمات المصرفية المتعددة الأشكال من جهة أخرى.

2 – أسس منح الائتمان:
الائتمان المصرفي يجب أن يتم استناداً إلى قواعد وأسس مستقرة ومتعارف عليها، وهي:
أ‌-   توفر الأمان لأموال المصرف:   وذلك يعني اطمئنان المصرف إلى أن المنشأة التي تحصل على الائتمان سوف تتمكن من سداد القروض الممنوحة لها مع فوائدها في المواعيد المحددة لذلك.
ب‌-  تحقيق الربح:  والمقصود بذلك حصول المصرف على فوائد من القروض التي يمنحها تمكنه من دفع الفوائد على الودائع ومواجهة مصاريفه المختلفة، وتحقيق عائد على رأس المال المستثمر على شكل أرباح صافية.
ت‌-  السيولة:  يعني احتفاظ المصرف بمركز مالي يتصف بالسيولة، أي توفر قدر كافٍ من الأموال السائلة لدى المصرف - النقدية والأصول التي يمكن تحويلها إلى نقدية إما بالبيع أو بالاقتراض بضمانها من المصرف المركزي- لمقابلة طلبات السحب دون أي تأخير، وهدف السيولة دقـيق لأنه يستلزم الموازنة بين توفير قدر مناسب من السيولة للمصرف وهو أمر قد يتعارض مع هدف تحقيق الربحية، ويبقى على إدارة المصرف الناجحة مهمة المواءمة بين هدفي الربحية والسيولة.
ويقوم كل مصرف بوضع سياسته الائتمانية بعد مراعاة الأسس أعلاه وطبقاً لحاجة السوق، وهي عبارة عن: " إطار يتضمن مجموعة المعايير والشروط الإرشادية – تزود بها إدارة منح الائتمان المختصة – لضمان المعالجة الموحدة للموضوع الواحد، وتوفير عامل الثقة لدى العاملين بالإدارة بما يمكنهم من العمل دون خوف من الوقوع في الخطأ، وتوفير المرونة الكافية، أي سرعة التصرف بدون الرجوع إلى المستويات العليا، ووفقاً للموقف، طالما أن ذلك داخل نطاق السلطة المفوضة إليهم "[5].

3 – معايير منح الائتمان:
ويعتبر نموذج المعايير الائتمانية المعروفة بـ 5C'S [6] أبرز منظومة ائتمانية لدى محللي ومانحي الائتمان على مستوى العالم عند منح القروض، والتي طبقاً لها يقوم المصرف كمانح ائتمان بدراسة تلك الجوانب لدى عميله المقترح كمقترض أو كعميل ائتمان. وفيما يلي استعراض لهذه المعايير:  
أ) الشخصية Character: تعد شخصية العميل الركيزة الأساسية الأولى في القرار الائتماني وهي الركيزة الأكثر تأثيراً في المخاطر التي تتعرض لها المصارف، وبالتالي فإن أهم مسعى عند إجراء التحليل الائتماني هو تحديد شخصية العميل بدقة. فكلما كان العميل يتمتع بشخصية أمينة ونزيهة وسمعة طيبة في الأوساط المالية، وملتزماً بكافة تعهداته وحريصاً على الوفاء بالتزاماته كان أقدر على إقناع المصرف بمنحه الائتمان المطلوب
والحصول على دعم المصرف له. وقياس عامل معنوي كعامل الأمانة والنزاهة بدرجة دقيقة أمر تكتنفه بعض الصعوبات من الناحية العملية، ويتم التغلب على هذه الصعوبات من خلال الاستعلام الجيد وجمع البيانات والمعلومات عن العميل من المحيطين العملي والعائلي له، لمعرفة المستوى المعيشي وموارده المالية والمشاكل المالية التي يعانيها، ومستواه الاجتماعي وسجل أعماله التي قام بها وماضيه مع المصرف ومع الغير وسابق تصرفاته مع المصارف الأخرى. ويتم ذلك عن طريق الاتصال بالمنشأة والعاملين بها، وبمورديها والمصارف التي سبق للعميل المقترح التعامل معها
.  
ب) القدرة  Capacity: وتعني باختصار قدرة العميل على تحقيق الدخل وبالتالي قدرته على سداد القرض والالتزام بدفع الفوائد والمصروفات والعمولات. ... ومعيار القدرة أحد أهم المعايير التي تؤثر في مقدار المخاطر التي يتعرض لها المصرف عند منح الائتمان. وعليه لابد للمصرف عند دراسة هذا المعيار من التعرف على الخبرة الماضية للعميل المقترض وتفاصيل مركزه المالي، وتعاملاته المصرفية السابقة سواء مع نفس المصرف أو أية مصارف أخرى. ويمكن الوقوف على الكثير من التفاصيل التي تساعد متخذ القرار الائتماني من خلال استقراء العديد من المؤشرات التي تعكسها القوائم المالية الخاصة بالمقترض. فكلما كانت نتائج دراسة هذا الجانب إيجابية زاد اطمئنان متخذ القرار إلى قدرة المقترض محل الدراسة على سداد القرض المطلوب وفق الشروط المقترحة للقرض وفي مواعيد السداد التي سيتم الاتفاق عليها.
جـ) رأس المال Capital: يعتبر رأس مال العميل أحد أهم أسس القرار الائتماني، وعنصراً أساسياً من عناصر تقليل المخاطر الائتمانية باعتباره يمثل ملاءة العميل المقترض وقدرة حقوق ملكيته على تغطية القرض الممنوح له، فهو بمثابة الضمان الإضافي في حال فشل العميل في التسديد. هذا وتشير الدراسات المتخصصة في التحليل الائتماني إلى أن قدرة العميل على سداد التزاماته بشكل عام تعتمد في الجزء الأكبر منها على قيمة رأس المال الذي يملكه، إذ كلما كان رأس المال كبيراً انخفضت المخاطر الائتمانية والعكس صحيح في ذلك، فرأس مال العميل يمثل قوته المالية.  ويرتبط هذا العنصر بمصادر التمويل الذاتية أو الداخلية للمنشأة والتي تشمل كل من رأس المال المستثمر والاحتياطيات المكونة والأرباح المحتجزة. حيث إنه لابد أن يكون هناك تناسب بين مصادر التمويل للعميل المقترح الذاتية وبين الاعتماد على مصادر التمويل الخارجية.
د) الضمانCollateral : يقصد بالضمان مجموعة الأصول التي يضعها العميل تحت تصرف المصرف كضمان مقابل الحصول على القرض، ولا يجوز للعميل التصرف في الأصل المرهون، فهذا الأصل سيصبح من حق المصرف في حال عدم قدرة العميل على السداد. وقد يكون الضمان شخصاً ذا كفاءة مالية وسمعة مؤهلة لكي تعتمد عليه إدارة الائتمان في ضمان تسديد الائتمان. كما يمكن أن يكون الضمان مملوكاً لشخص آخر وافق أن يكون ضامناً للعميل [6]. وعموماً فإن هناك العديد من الآراء تتفق على أن الضمان لا يمثل الأسبقية الأولى في اتخاذ القرار الائتماني، أي عدم جواز منح القروض بمجرد توفر ضمانات يرى المصرف المقترض أنها كافية. إنما الضمان بصفة عامة تفرضه مبررات موضوعية ومنطقية تعكسها دراسة طلب القرض، مثلاً كأن يرى متخذ القرار الائتماني أنه يمكن اتخاذ قرار بمنح الائتمان إنما هناك بعض الثغرات القائمة أو المتوقعة التي يمكن تلافيها بتقديم ضمان عيني أو شخصي، أي الضمان هنا يقلل من مساحة المخاطر الائتمانية المصاحبة لقرار منح الائتمان ومن ثم يُطلب من المقترض المقترح تقديم ضمانات بعينها.
هـ) الظروف المحيطة conditions:يجب على الباحث الائتماني أن يدرس مدى تأثير الظروف العامة والخاصة المحيطة بالعميل طالب الائتمان على النشاط أو المشروع المطلوب تمويله. ويقصد هنا بالظروف العامة المناخ الاقتصادي العام في المجتمع، وكذلك الإطار التشريعي والقانوني الذي تعمل المنشأة في إطاره خاصة ما يتصل بالتشريعات النقدية والجمركية والتشريعات الخاصة بتنظيم أنشطة التجارة الخارجية استيراداً أو تصديراً، حيث تؤثر هذه الظروف العامة على مختلف قطاعات النشاط الاقتصادي. أما الظروف الخاصة فهي ترتبط بالنشاط الخاص الذي يمارسه العميل، مثل الحصة السوقية لمنتجات المشروع أو خدماته التي يقدمها،  شكل المنافسة، دورة حياة المنتج أو الخدمة التي يقدمها العميل، موقع المشروع من دورة حياته بمعنى هل هو في مرحلة التقديم أو الولادة، أوفي مرحلة النمو، أوفي مرحلة الاستقرار، أوفي مرحلة الانحدار. ..
ونخلص إلى أن الدراسة المتعمقة لهذه المعايير مجتمعة يمكن أن تقدم صورة واضحة عن وضع العميل طالب القرض أو الائتمان ومركزه الائتماني، إلا أن هذه المعايير تتفاوت في أهميتها النسبية فهناك بعض المراجع تميل إلى التركيز على المعايير الثلاثة الأولى كما ينظر إلى الضمان على أنه أقل هذه المعايير أهمية. كما أنه من الطبيعي ألا تستوفي جميع المعايير الخمسة أعلاه الحد الأمثل لها فالضعف في أحد المعايير يمكن أن يعوض بقوة المعيار الآخر على أن تكون الدراسة التي أجريت لهذه المعايير الخمسة بشكل كامل ومتوازن.

4 - العوامل المؤثرة في اتخاذ القرار الائتماني:
هناك مجموعة عوامل مترابطة ومتكاملة تؤثر في اتخاذ القرار الائتماني في أي مصرف، وهي:
أ.العوامل الخاصة بالعميل:  بالنسبة للعميل تقوم عوامل:  الشخصية، رأس المال، وقدرته على إدارة نشاطه وتسديد التزاماته، والضمانات المقدمة، والظروف العامة والخاصة التي تحيط بالنشاط الذي يمارسه العميل، تقوم جميعها بدورها في تقييم مدى صلاحية العميل للحصول على الائتمان المطلوب، وتحديد مقدار المخاطر الائتمانية ونوعها والتي يمكن أن يتعرض لها المصرف عند منح الائتمان، فعملية تحليل المعلومات والبيانات عن حالة العميل المحتمل سوف تخلق القدرة لدى إدارة الائتمان على اتخاذ قرار ائتماني سليم.

ب.العوامل الخاصة بالمصرف:  وتشمل هذه العوامل:
أ‌-         درجة السيولة التي يتمتع بها المصرف حالياً وقدرته على توظيفها، ومفهوم السيولة يعني قدرة المصرف على مواجهة التزاماته، والتي تتمثل بصفة أساسية في عنصرين هما:  تلبية طلبات المودعين للسحب من الودائع، وأيضاً تلبية طلبات الائتمان، أي القروض والسلفيات لتلبية احتياجات المجتمع.
ب‌-       نوع الاستراتيجية التي يتبناها المصرف في اتخاذ قراراته الائتمانية ويعمل في إطارها، أي في استعداده لمنح ائتمان معين أو عدم منح هذا الائتمان.
ت‌-       الهدف العام الذي يسعى المصرف إلى تحقيقه خلال المرحلة القادمة.
ث‌-       القدرات التي يمتلكها المصرف وخاصةً الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة على القيام بوظيفة الائتمان المصرفي، وأيضاً التكنولوجيا المطبقة وما يمتلكه المصرف من تجهيزات الكترونية حديثة.


ج. العوامل الخاصة بالتسهيل الائتماني:  ويمكن حصر هذه العوامل بما يلي:
1.      الغرض من التسهيل.
2.      المدة الزمنية التي يستغرقها القرض أو التسهيل، أي المدة التي يرغب العميل بالحصول على التسهيل خلالها،  ومتى سيقوم بالسداد وهل تتناسب فعلاً مع إمكانيات العميل.
3.      مصدر السداد الذي سيقوم العميل المقترض بسداد المبلغ منه.
4.      طريقة السداد المتبعة، أي هل سيتم سداد القرض أو التسهيل دفعة واحدة في نهاية المدة، أم سوف يتم سداده على أقساط دورية، وذلك بما يتناسب مع طبيعة نشاط العميل ومع إيراداته وموارده الذاتية وتدفقاته الداخلة.
5.      نوع التسهيل المطلوب وهل يتوافق مع السياسة العامة للإقراض في المصرف أم يتعارض معها.
6.      ثم مبلغ هذا القرض أو التسهيل ولذلك أهمية خاصة، حيث إنه كلما زاد المبلغ عن حد معين كان المصرف أحرص في الدراسات التي يجريها خاصةً أن نتائج عدم سداد قرض بمبلغ ضخم تكون صعبة وقد تؤثر على سلامة المركز المالي للمصرف.
ويمكن أن نضيف إلى هذه العوامل ضرورة الالتزام بالقيود القانونية حيث تحدد التشريعات القانونية التي يصدرها المصرف المركزي، إمكانية التوسع في الائتمان أو تقليصه والحد الأقصى للقروض ومجالات النشاط المسموح بتمويلها بحيث لا يحدث أي تعارض بين سياسة المصرف الائتمانية والتشريعات المنظمة للعمل المصرفي[1].
وأخيراً نؤكد أن الحالة التي تتخذ فيها القرارات الائتمانية هي حالة الخطر، فمتخذ القرار الائتماني في المصرف لا يستطيع أن يتنبأ بنتائج قراره بدقة كاملة، ولكنه يستطيع عن طريق تحليل المخاطر المصاحبة لعمليات الائتمان أن يصل إلى تقدير احتمالات موضوعية محددة للقرار الذي سوف يتخذه، فالقرار السليم هو القرار الذي تشعر فيه الإدارة بأن العائد الذي سوف يتولد عنه يوازي أو يزيد على درجة المخاطر التي تحيط به. ويمكن لمحلل الائتمان من أجل تحليل المخاطر الائتمانية أن ينطلق من تطبيق نماذج المعايير الائتمانية المعروفة [7]- وقد عرضنا للنموذج 5C'S -.

ثانياً:  التحليل الائتماني وعملية منح الائتمان في المصرف الصناعي السوري:
1- تأسيس المصرف الصناعي:
تزايد اهتمام الدولة بالنشاط الصناعي في نهاية الخمسينات فتم إحداث وزارة الصناعة بالمرسوم 212 لعام 1958 لكي توجه وتراقب وتشجع الإنتاج الصناعي بأشكاله وأنواعه كافةً [8]. وفي نفس العام تم إحداث المصرف الصناعي بموجب القرار رقم 177 لسنة 1958 والذي تم تعديله بالقرار رقم 31 لسنة 1959 وتضمن ما يلي: تحدث مؤسسة مصرفية بشكل شركة مساهمة تدعى المصرف الصناعي تتمتع بضمانة الدولة وتعمل تحت إشراف ومراقبة وزارة الصناعة، ويحدد رأسمال المصرف باثني عشر مليوناً وخمسمائة ألف ليرة سورية، تكتتب الدولة بـ (25%) من رأسمال المصرف بصورة إلزامية وتأخذ على عاتقها تغطية الأسهم غير المكتتب بها ضمن الاعتمادات المحددة ويكتتب مصرف سورية المركزي بنسبة لا تقل عن (8% ) من رأسمال المصرف [9]. وبموجب المرسوم رقم 1648 لعام 1977 أصبح المصرف الصناعي مؤسسة عامة ذات شخصية اعتبارية وحُدد رأسماله بموجب هذا المرسوم بمائة مليون ليرة سورية.
يعتمد المصرف على مصادر عدة لتمويل نشاطاته من أهمها رأس المال ويعتمد على مصادر أخرى مثل الإيداعات المصرفية للصناعيين والقروض التي يحصل عليها من المصرف المركزي والقروض من المؤسسة العامة السورية للتأمين والمصارف الأخرى وهناك في بعض الأحيان قروض خارجية يحصل عليها مثل القرض الكويتي بمبلغ ( 205 ) مليون ليرة سورية في عام 1992 [8].

2- غايات ومهام المصرف:  
1ً. التسهيلات المصرفية:  يمنح المصرف الصناعي المتعاملين معه من القطاع الصناعي التسهيلات المصرفية التي   تشمل ما يلي:  
·  القروض القصيرة الأجل لمدة لا تتجاوز السنة أو السنتين لتمويل رأس المال العامل.
·  القروض المتوسطة الأجل لمدة لا تتجاوز الخمس سنوات والقروض الطويلة الأجل لمدة لا تتجاوز العشر سنوات لغايات إحداث صناعات جديدة أو توسيع الصناعات القائمة.
·  يمنح المصرف الحسابات الجارية المدينة للمتعاملين معه لتأمين احتياجاتهم الضرورية إلى الأموال النقدية وضمن حدود ضيقة ويتم العمل بها حسب التعليمات التي يصدرها مجلس الإدارة.
·  حسم السندات التجارية والصناعية.
·  شراء الشيكات والسحوبات للاطلاع بالاستناد إلى حاجات المتعاملين ووضعهم المالي وسمعتهم الأدبية.
·  السلف على عقود التصدير الجارية بين المتعاملين وبين المستوردين في الخارج بالاستناد إلى حاجة المتعامل ووضعه المالي.
·  السلف لقاء وثائق الشحن للتصدير، حيث يمنح المصرف هذه السلف بالاستناد إلى حاجة المتعامل ووضعه المالي وسمعته الأدبية.
·  إصدار الكفالات والقبولات.

ً2. الخدمات المصرفية:  يقدم المصرف الخدمات المصرفية للمتعاملين وللمراسلين كما يلي:
·  قبول الودائع وفتح الحسابات الجارية الدائنة وتكون الودائع تحت الطلب أو ودائع لأجل أو ودائع توفير.
·  إصدار الشيكات وإجراء الحوالات وتصديق الشيكات المسحوبة على المصرف:  حيث يقوم المصرف بناءً على طلب خطي من المتعامل بإصدار الشيكات وإجراء جميع الحوالات البرقية والهاتفية والعادية وتصديق الشيكات المسحوبة على المصرف وتقييد القيمة المعادلة لهذه الحوالات والشيكات مع العمولات المترتبة عليها والمقررة أصولاً والنفقات الأخرى على الحساب وفي حدود المؤونة الموجودة فيه أو لقاء دفع المبلغ نقداً حسب الحال.
·  يقوم المصرف بتحصيل السندات والسحوبات والشيكات المحررة بالليرات السورية التي تقدم إليه وفقاً للشروط التي يحددها مجلس الإدارة وبعد تظهيرها لأمر الصرف.
·  يقدم المصرف للمتعاملين معه ولمراسليه بناءً على طلبهم المشورة والمعلومات وفق التعليمات الخاصة بذلك ولا يتحمل أية مسؤولية من جراء تقديم هذه المشورات والمعلومات.


2- خطوات الحصول على التسهيل الائتماني في المصرف الصناعي: *
كخطوة أولى للحصول على القرض أو التسهيل الائتماني يجب على العميل طالب الائتمان أن يقدم الأوراق الثبوتية اللازمة مع طلب الاعتماد الصناعي إلى دائرة التسليف حيث تحول إلى شعبة الاستعلامات وهنا يجب القيام بما يلي:
·  بعد التأكد من سلامة الأوراق المطلوبة يتم الخروج لإجراء الكشف على المنشأة وذلك للتأكد من:  
- هل المنشأة موجودة أو وهمية ؟   هل لها مكان ثابت ولوحة باسمها ؟ هل البناء مناسب للآلات. .......؟.
·  بعد ذلك يتم فحص الآلات:  - هل هي جديدة أم قديمة ؟ تحديد وتقييم أسعارها، ويتم ذلك من قبل لجنة تتضمن مهندساً مختصاً وخبيراً بالمهنة.
·  يُسأل عن الشخص طالب القرض من الجوار وأصحاب المهنة وذلك لمعرفة:  هل سمعته حسنة أم سيئة ؟ وأيضاً يتم تحديد سمعة العميل من تقديمه براءات الذمة من المصارف الأخرى، وكذلك يُرجع إلى سجلات المصرف لتبيان:  هل هو متعامل سابق، وفي حال كونه كذلك هل كان يسدد في الوقت المحدد، أم يتأخر ويسدد في آخر الفترة المسموح له بها، أم أنه امتنع عن التسديد وأحيل للقضاء ؟. وبناءً على ذلك يتم تحديد سمعة العميل وتصنيفه في فئات:
§   فئة أولى وفئة ثانية:  السمعة ممتازة.
§   فئة ثالثة:  يصنف ضمنها العميل للمرة الأولى فيما إذا كان وضعه المالي جيداً وسمعته جيدة، وكذلك العميل السابق جيد التعامل مع المصرف.
§   فئة رابعة:  يصنف ضمنها العميل السابق متأخر السداد ولكن ضمن المدة القانونية.
§   فئة خامسة:  يصنف ضمنها العميل السابق المحال للقضاء، وعندها يجب الحذر ويجري التركيزفي هذه الحالة على الضمانات بحيث تغطي على سبيل المثال 150% من القرض.
ü        تنظيم المذكرة التسليفية لدراسة المنشأة وتقدير الموجودات الثابتة والمتداولة، وذلك بهدف تحديد الإمكانيات المالية الصافية للعميل والتي على أساسها يحسب الحد الأقصى للتسهيلات التي يمكن منحها للعميل. إذن باختصار تقوم شعبة الاستعلامات بتنظيم: بطاقة استعلامات للعميل، مذكرة تسليفية، جدول موجودات ومطاليب.
أ‌-         وأيضاً من أعمال شعبة الاستعلامات دراسة الكفلاء، حيث تجري عليهم دراسة مماثلة للدراسة التي أجريت على العميل طالب التسهيل.
بعد ذلك تحوَل الإضبارة إلى شعبة الدراسات حيث تتم دراسة البيانات، وذلك لتقييم الوضع المالي لطالب الاعتماد وتحديد مبلغ القرض الواجب منحه، وسنعطي فيما يلي حالة عملية توضح ذلك:
وتتضمن هذه الحالة مثالين:  مثالاً على منح قرض قصير الأجل ومثالاً آخر على منح اعتماد حسم سندات. فلو فرضنا أن المطلوب:  قرض قصير الأجل بقيمة /500000/ ل.س واعتماد حسم سندات بقيمة /1500000 / ل.س وذلك بهدف شراء المواد الأولية وتأمين السيولة النقدية. والدراسة تكون على الشكل التالي:
 1. يتم إعطاء موجز عن المنشأة صاحبة الطلب وتعاملها السابق مع المصرف.
2. بعد ذلك يتم بيان الضمانات المقدمة.    
3. تقرير موجودات والتزامات المنشأة صاحبة الطلب ( البيانات يُحصل عليها من  جدول الموجودات والمطاليب الذي تم تحديده من قبل الاستعلامات تقديرياً من خلال الكشف الميداني ):

جدول (1) يبين موجودات والتزامات المنشأة طالبة الائتمان
أ – الموجودات
المبلغ
ب- الالتزامات
المبلغ
آلات
موجودات متداولة:
بضاعة
مدينون
صندوق
3580000

1000000
1290000
25000

التزامات متداولة

1250000
مجموع أ
5895000
مجموع ب
1250000

 وبالتالي صافي أموال المنشأة:  أ – ب =/ 4645000/ ل.س
4.
تكلفة الإنتاج اليومي الفعلي
قيمة المبيعات اليومية الفعلية
الأرباح المقدرة سنوياً
32000 ل.س( يتم تقديرها من قبل لجنة الاستعلامات)
36000 ل.س
1200000 ل.س
 5. حاجة المنشأة للاعتمادات المطلوبة:
أ – بالنسبة للقرض قصير الأجل: تكلفة الإنتاج اليومي الفعلي:  32000 ل.س، مدة الدورة المالية بالأيام:75
يوماً،  وبالتالي:
جدول(2) يبين كيفية حساب العجز الإجمالي للمنشأة طالبة الائتمان
البيان
المبالغ
كلي
جزئي
رأس المال العامل اللازم للإنتاج في دورة واحدة
(-) رأس المال العامل المتوفر
2400000
(1065000)

العجز في رأس المال العامل ( العجز الجزئي )
العجز في المخزون (1000000× 30% )

1335000
300000
العجز الإجمالي

1635000
ب – بالنسبة لحسم السندات:
قيمة المبيعات اليومية36000 ل.س، قيمة المبيعات السنوية  10800000  ل.س *  منها 45% بسندات، وبالتالي:
  قيمة المبيعات بسندات 4860000  ل.س
 متوسط استحقاق السند /10/ أشهر، وبالتالي:


الحاجة إلى اعتماد حسم السندات = 4860000 ×

10

= 4050000 ل.س
  12
6.الحد الأقصى للتمويل = 4645000 × 75% = 3483750  ل.س، حيث إن:
 / 4645000 ل.س / تمثل  الإمكانيات الصافية ( الملاءة ) للمنشأة في عام2005 م.
7.إذن فمجموع التسهيلات المطلوبة ضمن الحد الأقصى للتمويل، وضمن حدود احتياجات المنشأة، وعليه يتم الموافقة على منح العميل التسهيلات المطلوبة:  قرض قصير الأجل بقيمة 500000 ل.س لمدة عام، اعتماد حسم سندات بقيمة 1500000 ل.س لمدة عام.
وبعد إجراء الدراسة تحَول الإضبارة إلى رئيس دائرة التسليف الذي يقوم بمراجعة الإضبارة واقتراح المبلغ الممكن منحه ثم يرفعها لمدير الفرع. بعد توقيع المدير بالموافقة تحوّل إلى شعبة تنفيذ القروض حيث يتم إعطاء الدراسة رقماً وتعطى رقم قرار، ومن ثم يتم تنظيم العقد ليتم توقيعه من قبل العميل طالب التسهيل ومن قبل الكفلاء ومن ثم توقيع مدير الفرع أو نائبه. بعد ذلك توزع نسخ من قرار منح التسهيل وقائمة الصرف كما يلي:  ( نسخة من القرار وقائمة الصرف للخزينة ليتم صرف القرض الممنوح، نسخة من القرار وقائمة الصرف لشعبة مراقبة تنفيذ القروض، نسخة من القرار وقائمة الصرف والعقد للإدارة، نسخة من قائمة الصرف للمحاسبة). يتم ترحيل مواعيد الاستحقاقات على البطاقات وتحوَل نسخة للخزينة لمعرفة مواعيد الاستحقاق. توضع النسخة الأصلية من عقد التسهيل الممنوح في إضبارة خاصة لذلك وتأخذ رقماً متسلسلاً وتصنف في المكان المخصص.

3- المقارنة بين الدراسة التي يجريها المصرف والعناصر الأساسية للتحليل الائتماني:
 بمقارنة الدراسة التي تُجرى في المصرف الصناعي مع ما يجب أن يُراعى عند إجراء التحليل الائتماني من عناصر أساسية ولكي تتوفر المعطيات اللازمة لاتخاذ القرار الصحيح بخصوص منح التسهيل الائتماني من عدمه، نصل إلى ما يلي:
1ً. وصف واضح للقرض أو التسهيلات: وهذا العنصر متوفر في دراسة المصرف سواء من حيث المعلومات الشخصية عن العميل أومن حيث نوع القرض أو التسهيل المطلوب والغرض أو المجال الذي سيستخدم فيه، بمعنى هل سيستخدم لتوفير النقدية وتمويل رأس المال العامل أم لغرض التوسع الصناعي وشراء الآلات. ... ؟، وكذلك بالنسبة لتوقيت التسديد إذ يتم تحديد جدول بمواعيد استحقاق الأقساط.
 2ً. تحليل مخاطر الائتمان:  وتعتبر هذه الخطوة من أهم الخطوات اللازمة لاتخاذ قرار الائتمان من أجل تحديد فئة القرض التي في ضوئها سيتحدد مصير القرض بالموافقة أو الرفض، ومن خلال الدراسة وجدنا أنه يتم تصنيف العملاء في المصرف الصناعي إلى خمس فئات وذلك حسب السمعة وحسب التعامل السابق مع المصرف، وفيما يخص سمعة العميل ومعرفة فيما إذا كانت حسنة أم سيئة ؟ يعتمد في ذلك على سؤال الجوار وأصحاب المشاريع المماثلة، إلا أن هذا لا يكفي ولكن يجب الاعتماد على معايير أكثر موضوعية وتبتعد عن الشخصية والحكمية، مثل: الدوائر المالية ومؤسسات الـتأمينات الاجتماعية وكذلك الغرف التجارية والصناعية، الدوريات المهتمة بالشؤون المالية والتجارية، العملاء الذين يقومون بشراء منتجات أو خدمات طالب القرض، الموردون الذين يحصل منهم على المنتجات والخامات التي يتعامل بها، وأيضاً عن طريق وضع الشركة في سوق الأوراق المالية وارتفاع مؤشرات الأسهم لديها أي إننا بحاجة إلى توسيع المنشآت والشركات والانتقال من شركات الأشخاص إلى شركات الأموال ووجود سوق أوراق مالية والاعتماد على نظرية السوق الكفء في اتخاذ القرارات. ولكن إذا عدنا إلى الأسس والطرق العلمية المستخدمة في تقييم مخاطر الائتمان نجد أنَّ:
أ. النظام الوصفي ( النوعي ) لتصنيف مخاطر الائتمان [7]: يأخذ بعين الاعتبار ستة عناصر. وكل عنصر من هذه العناصر أعطي وزن نسبي وذلك كما يلي:  الصناعة التي تعمل فيها الشركة 10 %، المركز التنافسي 15%، الأداء التشغيلي 20%، التدفق النقدي25%، الوضع المالي15 %، الإدارة 15%. أي أن هذا النظام يأخذ مجموعة من العناصر ويقوم بدراستها ولا يعتمد فقط على عنصر واحد وهو سمعة العميل وتعامله السابق.
ب. النظام الكمي:  يقوم على ( 6 ) نسب مالية رئيسية لكل منها وزن نسبي، ولتوضيح كيفية استخدام النظام في الواقع العملي سنقوم بتطبيقه على بيانات الحالة التي لدينا:

جدول (3) يبين تقييم مخاطرة القرض
مسلسل
النســـــــــبة
قيمة النسبة
معامل النسبة
الحصيلة بالنقاط
1
2
3
4
5
6
صافي رأس المال العامل / إجمالي الموجودات
الموجودات السائلة / إجمالي الموجودات
حقوق الملكية / الالتزامات الخارجية
صافي الربح قبل الضرائب / إجمالي الموجودات
إجمالي الموجودات / الالتزامات الخارجية
صافي حقوق الملكية / إجمالي الموجودات الثابتة
0.18
0.004
3.716
0.20
4.716
1.297
17.0
9.0
3.5
20.0
1.2
0.1
3.06
0.036
13.006
4.0
5.659
0.129
المجموع
حصيلة النقاط ( مؤشر الجودة Z)


25.89
حيث تمثل Z مؤشر المخاطرة الذي يتم بموجبه تصنيف مخاطرة العميل طالب القرض وذلك ضمن فئة من بين خمس فئات رئيسية كما يلي:
جدول (4) يبين تصنيف القروض حسب درجة المخاطرة
مسلسل
فئة القرض
مؤشر المخاطرة (الجودة )
1
فئة أولى ( قروض ممتازة عديمة المخاطرة )
Z  25<
2
فئة ثانية ( قروض قليلة المخاطرة)
25   Z < 20 <
3
فئة ثالثة ( قروض متوسطة المخاطرة )
20  Z< < 5
4
فئة رابعة ( قروض مرتفعة المخاطرة )
5- < Z < 5
5
فئة خامسة ( قروض خطرة جداً )
5- > Z
وعليه نجد أن مؤشر الجودة ( 25< Z  ) ووفق النموذج يكون القرض من الفئة الأولى ( القروض الممتازة ) – ونذكر هنا أن الموظف المسؤول ذكر أن الفئة الأولى في التصنيف لا تعطى لأحد – ومن ثم يستطيع مدير الائتمان أن يعدل مؤشر الجودة بعد أخذ مجموعة من العوامل ذات الطبيعة غير الكمية بالاعتبار مثل:  نوعية إدارة الشركة، مدى استمرارية ربحية الشركة، المركز التنافسي للشركة في السوق الذي تعمل فيه، أداء الشركة بالمقارنة مع الشركات المنافسة، ولكن حسب ما رأينا أن هذه العوامل لا يتم أخذها بالاعتبار عند دراسة طلبات القرض، فمثلاً:  بالنسبة لمدى استمرارية ربحية الشركة  - وهذا العامل يتم التأكد منه عن طريق سلسلة من قوائم الدخل
( لسنتين على الأقل ) – نجد أن قائمة الدخل غير مطلوبة أصلاً من العميل طالب الائتمان.
ً3. مصادر المعلومات المالية:  إن المعلومات المالية التي يطلب من العميل تقديمها مرفقة بطلب التسهيلات تشكل ركناً أساسياً في اتخاذ قرار منح الائتمان حيث إنها القاعدة التي يستند إليها عند إجراء التحليل المالي وتحليل مخاطر الائتمان فالاستفادة من التحليل المالي تتوقف على مدى دقة وجودة القوائم المالية موضوع التحليل. أما فيما يتعلق بدراسة الميزانية فيجب ألا يتوقف محلل الائتمان عند مجرد اشتقاق النسب المالية التي تستخدم في تقييم أداء طالب الائتمان وتقييم مركزه المالي، وإنما يجب الدراية بالأساليب المتبعة في تقييم الموجودات والمطلوبات وكذلك تأثير التغيير في السياسات المحاسبية المتبعة على قيم بنود الميزانية. فمثلاً للتحقق من أن القيمة المدرجة في الميزانية للمخزون من البضاعة معقولة أو غير معقولة، يجب البحث عن الطريقة التي يتبعها العميل في تقييم هذا المخزون ومن ثم إن كانت الشركة قد أجرت تغييراً غير مبرر في هذه الطريقة وينطبق الكلام نفسه على طرق الاستهلاك. وعند دراسة المطاليب يجب على المحلل حصر القروض والتسهيلات الممنوحة للعميل مسبقاً، وآجال تلك القروض وفيما إذا كانت تتعارض مع أجل القرض المطلوب. ويتوجب على محلل الائتمان أن يولي اهتماماً خاصاً لدراسة الالتزامات المشروطة، ودراسة الأحداث اللاحقة لتاريخ الميزانية *. وبصفة عامة هناك عدد من المؤشرات المستخرجة من الميزانية العمومية والتي يستدل بها على أن العميل يواجه خللاً، وإن هناك احتمالاً لتعثره وأهم هذه المؤشرات ما يلي:  
ü      المؤشر الأول:  تزايد اعتماد المشروع على المصادر الخارجية للتمويل وتوسعه في الاقتراض، وتراجع نصيب الموارد الذاتية بدرجة ملحوظة، في الوقت الذي ترتفع فيه تكلفة الاقتراض مقارنة بمعدل الربحية الذي يحققه المشروع مما يعني أنه سيصاب بتعثر قريب إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه.
ü      المؤشر الثاني:  عدم اتجاه المشروع إلى زيادة رأسماله أو احتجاز احتياطيات من أرباحه وإجراء توزيعات أرباح بنسب ومعدلات مغالى فيها لا تتناسب مع الأرباح المحققة مما يشير إلى رغبة أصحاب المشروع والقائمين عليه على سرعة استرداد أموالهم المستثمرة وترك المشروع للدائنين يفعلون به ما يشاؤون.
ü      المؤشر الثالث:  تناقص رأس المال العامل وصافي رأس المال العامل بدرجة كبيرة نتيجة زيادة كمية وحجم الخصوم المتداولة مع تناقص الأصول المتداولة والأرصدة النقدية بصورة ملحوظة.
ü      المؤشر الرابع:  تآكل الاحتياطيات المحتجزة وتراجع معدلات الربحية أو تحول الشركة إلى تسجيل خسائر أو عدم تحقيقها أرباح لسنوات متتالية.
وقائمة الدخل تظهر للمحلل المالي مدى سلامة كل من عناصر الإيرادات، ومدى ارتباطها بالنشاط الرئيسي للمشروع ومدى دوامها واستمرارها، ومدى مساهمة البنود الاستثنائية والبنود غير العادية في صافي الربح، ويجب على المحلل الائتماني عند دراسته لإيرادات العميل ألا يبني حكمه على الأداء التشغيلي للعميل من خلال رقم المبيعات فقط، وإنما يجب الأخذ بعين الاعتبار كلاً من معايير الاعتراف بالإيراد، شروط البيع والائتمان، مسموحات ومردودات المبيعات والخصومات الممنوحة، والمركز التنافسي للعميل في السوق. كما يتوجب دراسة أثر الطريقة المتبعة في تقييم المخزون على تكلفة المبيعات ومن ثم على مجمل الربح. وكذلك من الأمور التي يجب مراعاتها في تحليل ربحية العميل تحليل نوعية الأرباح، هل تعكس الأداء الفعلي للمشروع أم أنها مجرد أرقام صورية جاءت نتيجة استغلال مزايا السياسات والإجراءات المحاسبية البديلة مع تغييرات غير مبررة تجريها الإدارة على تلك السياسات.
ومن خلال الدراسة العملية للأوراق المطلوبة تبين أن القوائم المالية الأساسية( الميزانية، قائمة الدخل ) غير مطلوبة وإنما قسم الاستعلامات هو الذي يقوم عن طريق اللجان بتقدير قيم الموجودات والمطاليب وذلك عن طريق الخبرة غالباً، وكذلك الأمر بالنسبة لتقدير صافي المبيعات وتكلفة الإنتاج فتُقدر تقديراً  أيضاً عن طريق سؤال خبراء بالمهنة ومعرفة أسعار المواد الأولية الداخلة في المنتج. ...
 4. المعلومات الاستراتيجية: حيث يتم جمع معلومات عن نشاط الشركة بما فيه من نقاط قوة ومواطن ضعف، وكذلك احتمالات النمو والفشل في المستقبل، من خلال دراسة الظروف المحيطة بالشركة وبالصناعة التي تعمل فيها وعوامل السوق والمنافسة وكذلك متغيرات الاقتصاد الكلي، وهذا ما يسمى بـ "التحليل الاستراتيجي "[7]. بخصوص هذا العنصر نجد أنه يتم الأخذ بعين الاعتبار عند دراسة طلب الاعتماد في المصرف الصناعي حصر مجموعة من العناصر الإيجابية الخاصة بالمنشأة طالبة الاقتراض ومن هذه العناصر نذكر: (أن المنشأة تؤمن عمل عدد من العمال ( تشغيل البطالة )، قرب المواد الأولية من مكان التصنيع، القرب من سوق التصريف ). ونذكر هنا أن هذا أمر جيد ولكن يجب أخذ معلومات أخرى بعين الاعتبار مثل الظروف البيئية المحيطة بالمنشأة وبالصناعة التي تعمل فيها وكذلك عوامل السوق والمنافسة ومتغيرات الاقتصاد الكلي.
5. تحليل المعلومات المالية وتفسيرها:  وقد تطرقنا إلى الدراسة التي يجريها المصرف الصناعي والتي على أساسها يتم منح القرض أو التسهيل المطلوب وسنقوم فيما يلي باحتساب مجموعة النسب المالية التي تخدم أغراض التحليل الائتماني انطلاقاً من المعلومات المالية أعلاه:
أ. نسب السيولة: نسبة التداول ( السيولة العادية ) = الأصول المتداولة/ الخصوم المتداولة
                                           = 2315000  /1250000 = 1.85مرة.
          نسبة التداول السريعة = ( أصول متداولة – المخزون ) / خصوم متداولة
                                = (2315000 -1000000)/ =1250000 1.05 مرة.
ونلاحظ أن نسبة التداول أقل من 2:  1 وهي النسبة المقبولة من إدارة الائتمان، وهذا يعني أن منح القرض يحمل درجات مخاطرة، إلا أنه بالرجوع إلى نسبة التداول السريعة نجد أنها تفوق 1: 1 وهذا يمثل ضمان بأن العميل قادر على تسديد التزاماته قصيرة الأجل حيث إن هذه النسبة تعتبر مقياساً أكثر تشدداً في تقييم السيولة من نسبة التداول العادية، على اعتبار أنه يتم استبعاد المخزون السلعي من مكونات الموجودات المتداولة ليس لعدم أهميته ولكن بسبب بطئ  تحويله إلى نقدية أو بسبب عدم التأكد من بيعه .
ب. نسب الربحية:  هامش الربح قبل الضرائب = صافي الربح قبل الضرائب / صافي المبيعات
                                         = 1200000/ 10800000 =  11.11%
وهذا يشير إلى قدرة العميل وكفاءته على توليد الأرباح.
             معدل العائد على حقوق الملكية = صافي الربح / حقوق الملكية
                                             = 1200000/  4645000= 25.8%
وهو معدل مقبول ويمثل كفاءة الإدارة على تحقيق عائد مناسب على الأموال الخاصة.
             معدل العائد على الاستثمار = صافي الربح / جملة الموجودات
                                        = 20.35= 5895000/ 1200000 %
 ونذكر هنا أنه في النسبتين أعلاه يجب أخذ صافي الربح بعد الضرائب ولكن المتوفر لدينا رقم صافي الربح قبل الضرائب. ويجب أن نلاحظ أن الصورة عن المنشأة لا تكتمل ما لم تتم مقارنة النسب المحتسبة مع النسب المعيارية في الصناعة نفسها. ومن الأفضل مقارنة النسبة لسنتين على الأقل بدلاً من التركيز على الملاحظات المفردة. إلا أنه بشكل عام يظهر في هذه الحالة وذلك من خلال نتائج تحليل الربحية أن العميل يتمتع بقوة أدائية جيدة سوف تبعده عن احتمالات العسر المالي، وبالتالي فإن هذه المجموعة من المؤشرات سوف تعزز نسب السيولة وبالتالي تجعل من قرار منح العميل الائتمان يتسم بدرجة من الدقة.
ج. نسب الملاءة:  نسبة المديونية ( معدل التمويل بالديون ) = مجموع الديون / مجموع الموجودات
                                                     = 21.2 = 5895000 / 1250000 %
أي أن 21.2 % من الموجودات ممول بالديون، ونذكر هنا أنه بشكل عام كلما ارتفعت هذه النسبة زادت المخاطر التي تتعرض لها إدارة الائتمان.
           نسبة الديون إلى حقوق الملكية = مجموع الديون / حقوق الملكية
                                          = 26.91 = 4645000 / 1250000 %
وأيضاً ارتفاع هذه النسبة يعني زيادة المخاطر الائتمانية بسبب انخفاض مساهمة الملاك مقابل زيادة الالتزامات، أي انخفاض مدى الضمان الموفر للمصرف – الدائنين بشكل عام – من جهة حقوق الملكية.
ويبدو من خلال نتائج نسب المديونية أعلاه أن العميل طالب الائتمان  يتمتع بوضع مالي جيد ولا يوجد تحفظ معين على مديونية العميل.
د. نسب النشاط:  معدل دوران الحسابات المدينة= صافي المبيعات الآجلة السنوية / رصيد الحسابات المدينة
                                         = 3.76 = 1290000 / 4860000 مرة.
                  متوسط فترة التحصيل = 79.78 = 3.76 /300  يوم.
وهنا لا نستطيع أن نجزم بأن معدل دوران المدينين منخفض ومتوسط فترة التحصيل مرتفع ما لم نقارن بالمعدل المعياري، ولكن بالمقارنة مع عدد أيام دورة الإنتاج وهو(75 ) يوم يمكن القول إن متوسط فترة التحصيل مرتفع نسبياً. وتعكس هاتان النسبتان مدى ملاءمة سياسة البيع بالأجل وسياسة التحصيل عند العميل، فالسياسة المتساهلة تضعف قدرة العميل في تحصيل مستحقاته، وبالتالي التعرض إلى احتمالات العسر المالي مما يضعف قدرته في إقناع إدارة الائتمان على منحه القرض المطلوب.
       معدل دوران الموجودات = صافي المبيعات / إجمالي الموجودات
                                = 1.8 = 5895000 / 10800000 مرة.
ونذكر هنا أنه كلما زاد هذا المعدل دل على مدى كفاءة العميل في استغلال موارده وكان مؤشراً جيداً لإدارة الائتمان.
نلاحظ من النسب المالية المحتسبة أعلاه أن وضع العميل المقترح جيد، ويمكن أن تقدم له المشورة الفنية فيما يتعلق بسياسة البيع الآجل وسياسة التحصيل عنده.
هذه هي النسب التي استطعنا احتسابها انطلاقاً من المعلومات المالية المتوفرة لدينا، كما أنَّ هناك مجموعة أخرى من النسب - سواء من ضمن المجموعات الأربعة التي تعرضنا إلى بعض نسبها أومن نسب التدفقات النقدية التي تشتق من قائمة التدفقات النقدية - لها دور كبير في خدمة قرار الائتمان ومن الأفضل أن تؤخذ بعين الاعتبار فيما إذا أراد محلل الائتمان في المصرف أن يبني قراره على أسس علمية صحيحة.
 مما سبق نستنتج أن متخذ القرار الائتماني يجب أن يستند على نوع المعلومات والبيانات التي يتم الوصول إليها من الملف الائتماني والاستعلام المصرفي لطالب الائتمان أولاً، ومن خلال التحليل المالي ثانياً من أجل الوصول إلى قرار سليم يتسم بدرجة من الدقة والموثوقية.
- فيما يخص متابعة التسهيلات الائتمانية بعد منحها وجدنا أن ذلك يتم عن طريق الكشوف الميدانية ولا يتم طلب أي بيانات دورية من العميل، وفي هذا الصدد نقول إنه لا يتوقف عمل التحليل الائتماني عند اتخاذ القرار بمنح العميل للائتمان المطلوب من قبله وإنما يجب متابعة الائتمان وتحليله بعد منحه واستخدامه من قبل العميل للتأكد من قدرته على التسديد عندما يحين موعد الاستحقاق والتنبؤ بأي حالة تعثر قد يتعرض لها. ولأهمية الموضوع فقد ظهرت جهود كثيرة لتطوير نماذج تنبؤية تستند على نتائج التحليل المالي عند العميل،  وقد تباينت هذه النماذج في شكل مضمونها، فبعضها يعتمد على معايير مالية والبعض الآخر على تقييمات وصفية – وقد تعرضنا لها في الفصل الثاني –ونموذج Altman يعتبر من أكثر النماذج التي يعتمدها المحلل الائتماني للتنبؤ بالفشل المالي وتعثر العملاء، يعتمد النموذج على ( 5 ) نسب مالية اعتبرت الأفضل في التمييز بين المنشآت المفلسة والمنشآت غير المفلسة أي أفضل النسب المالية المميزة للأداء والتي يمكن من خلالها التنبؤ بالفشل أو التعثر، وهذه النسب هي:
- نسبة صافي رأس المال العامل إلى مجموع الموجودات.
- نسبة الأرباح المحتجزة إلى مجموع الموجودات.
- نسبة صافي الربح قبل الفائدة والضريبة إلى مجموع الموجودات.
- نسبة القيمة السوقية للأسهم إلى القيمة الدفترية لإجمالي الديون.
- نسبة صافي المبيعات إلى مجموع الموجودات.
وتأخذ معادلة الارتباط التي تعبر عن هذا النموذج الشكل التالي:
Z = 0.012 X1 + 0.014 X2 + 0.033 X3 + 0.006 X4 + 0.010 X5
حيث إن Z   هي القيمة التمييزية ( Z. score ) وهي معيار التفريق بين الشركات المفلسة وغير المفلسة. أما X1, X2, X3, X4, X5 هي النسب المالية المذكورة أعلاه وبنفس الترتيب.
ونلاحظ أن النسب التي اعتمدها هذا النموذج تتناول أهم الأبعاد المالية التي يجب دراستها في المنشأة وهي السيولة، الربحية، الرفع المالي، والنشاط. وبموجب هذا النموذج تصنف الشركات محل الدراسة في ثلاث فئات وفقاً لقدرتها على الاستمرار وهذه الفئات هي:
الفئة الأولى:  فئة الشركات الناجحة أو القادرة على الاستمرار وذلك إذا كانت قيمة Z فيها 2.99 وأكبر.
الفئة الثانية:  فئة الشركات الفاشلة والتي يحتمل إفلاسها وذلك إذا كانت قيمةZ  فيها أقل من 1.81.
الفئة الثالثة:  فئة الشركات التي يصعب إعطاء قرار حاسم بشأنها وبالتالي تحتاج إلى دراسة تفصيلية، وذلك عندما تكون قيمة Z أكبر من 1.81، وأقل من 2.99.
- أما فيما يتعلق بالإجراءات المتخذة بشأن القروض والديون المتعثرة من قبل المصرف فهي إجراءات سليمة، حيث يقوم بالملاحقة القضائية للعملاء المتأخرين وفي حال قبلوا بالتسوية تُعاد جدولة الأقساط بفائدة تأخيرية، وهذا يعتبر بديلاً أفضل من تصفية موجودات العميل والتي قد لا تفي بسد كل التزامات العميل تجاه المصرف وبذلك يتم الحفاظ على حقوق المصرف بالكامل. ولكن فإنه من الأفضل إتباع استراتيجية أخرى في التعامل مع القروض المتعثرة وذلك كما يلي:  إذا ما تعثر أحد العملاء في الوفاء بالتزاماته فيجب دراسة كل الجوانب المتعلقة بالعميل وتحليل حسابات المالية لغرض التعرف على الأسباب التي أخرته عن التسديد، وإذا ما لوحظ بأن حالة العسر المالي يمر بها العميل هي حالة مؤقتة أو ظرفية وليست دائمة، ففي مثل هذه الحالات فإن المصرف يساعد العميل ويقدم له المشورة أملاً في تجنبه حالة العسر، ويتم ذلك من خلال تأجيل سداد قرضه أو منحه قرض جديد بشروط ميسرة أو يقترح عليه تعديل خططه التشغيلية. أما في الحالة التي تجد فيها إدارة الائتمان أن حالة العميل صعبة وأن الائتمان الممنوح له قد تحوّل إلى قرض متعثر وبشكل نهائي فإنها تلجأ إلى الإجراءات القانونية وتصفية موجودات العميل وإعلان إفلاسه وذلك حفاظاً على حقوق المصرف. كذلك يجب على المصرف المطالبة الفورية بإشهار إفلاس العميل إذا ما لاحظ أن العميل المتعثر قد أخفى الكثير من المعلومات أو أنه لم يكن صادقاً في معلومات أخرى، أو أن العميل المتعثر استخدم الائتمان في غير الغرض الذي قُدم من أجله، مما أدى إلى تعرض المصرف للمخاطرة وتعثر القرض.

الاستنتاجات:
1. المصرف الصناعي هو المصرف المعني بتطوير الصناعة المحلية وزيادة حجم الإقراض وتقديم المزيد من التسهيلات، إلا أن تطلعاته لا تتناسب البتة مع إمكانياته وصلاحياته أو رأسماله أو حتى حجم إيداعاته فهو يعاني من نقص الودائع لأنه قليل الانتشار بالمحافظات.
2. يعاني المصرفي الصناعي من حجم كبير من الديون التي تتخللها إشكالات وتقصير، والتقصير الحاصل في إدارة هذه الأزمة يرجعونه إلى كادر المصرف بموضوع الملاحقات والمتابعة القانونية في كل فرع من الفروع، وتقصير إدارات الفروع، ومحامي المصرف الذين يتابعون القضايا.
3. عدم اعتماد المصرف على نظام موضوعي وفعِِِِّال لتصنيف مخاطر الائتمان بقصد تقليص آثار الشخصية والحكمية. وبهدف تحديد الفئة التي يقع ضمنها القرض وبالتالي مستوى المخاطر المصاحبة له.
4. نلاحظ أن المصرف الصناعي يركز على الضمانات، إلا أن الضمانات لا تصلح أساساً كافياً لمنح الائتمان من عدمه، فالضمان يأتي بمثابة تعزيز للقرار الائتماني، أو حماية من مخاطر معينة يتعرض لها المصرف عندما يتخذ القرار بمنح الائتمان.
5. عدم طلب المصرف الصناعي من مقدمي طلبات الاقتراض إرفاقها بقوائم مالية ( ميزانية عمومية، قائمة دخل، قائمة تدفق نقدي ) خاضعة للتدقيق من قبل مدقق حسابات وعلى مدار عدة فترات محاسبية.
6. المصرف الصناعي يعتمد على أسلوب الكشف الذي تقوم به اللجان المختصة لتقدير إمكانيات العميل المحتمل، وهذا أمر صحيح في حال ارتفاع الأسعار والتضخم، إلا أن هذا لا يلغي ضرورة طلب القوائم المالية من العميل، وذلك لأهميتها في استخراج العديد من المؤشرات والدلالات التي تساهم في تكوين صورة متكاملة عن العميل وتحديد إمكانية التعامل معه.
7. يقوم المصرف فيما يخص متابعة القروض بكشوف ميدانية على المنشأة، ولكن لا يتم طلب أي بيانات ومعلومات دورية عن العميل وذلك على الرغم من أهميتها للتأكد من استمرار قدرة العميل على التسديد، والتنبؤ بأي حالة تعثر قد يتعرض لها.                      
8. لا يقوم المصرف بإجراء أي نوع من أنواع التحليل المالي سواء في مرحلة دراسة طلب الاقتراض أوفي مرحلة متابعة القرض، وذلك للوقوف على المركز المالي للعميل أو للتنبؤ باحتمالات تعثره.        
9. إجراءات التعامل مع العملاء المتأخرين عن السداد والديون المتعثرة إجراءات سليمة، حيث يقوم المصرف بالملاحقة القضائية للعملاء المتأخرين، وفي حال قام العملاء بالتسوية تعاد جدولة الأقساط وبفائدة تأخيرية.
10. يقوم الفرع بتنظيم بيان بالسيولة بشكل يومي، يُرسل إلى الإدارة العامة. ويُعد هذا الإجراء ضرورياً وذلك حتى يتم التأكد من أن المصرف يحتفظ بمركز مالي يتصف بالسيولة قادر على تلبية طلبات السحب دون أي تأخير.

التوصيات:
1. أن يطلب المصرف من العميل فرداً كان أم شركة أن يُرفق طلبه للقرض أو التسهيلات بسلسلة متصلة من القوائم المالية وعلى مدار عدة فترات محاسبية سابقة، وإخضاع تلك القوائم للدراسة والتحليل من قبل محلل الائتمان، وذلك للتعرف على عوامل السيولة والجدارة الائتمانية والكفاءة والربحية للمنشآت التي تقدمت بطلب للحصول على الائتمان.
2. وضع استراتيجية يتم من خلالها مراقبة محفظة الائتمان ومتابعة الائتمان بعد منحه للعملاء، وبغض النظر إذا كانوا في حالة يسر أوقد تعرضوا إلى حالة من العسر المالي، وأيضاً انتقاء النموذج التحليلي الذي من خلاله تستطيع إدارة الائتمان أن تستقرئ حالة العميل، ورصد احتمالات الفشل لديه أملاً في اتخاذ قرارات تصحيحية مناسبة لغرض تجنب أو الحد من المخاطر التي سوف تتعرض لها.  
3. الاستمرار في متابعة الديون المتعثرة لأن إهمالها يؤدي إلى خسارة المصرف خسارة كبيرة وبالتالي إضعاف مركزه المالي، ومع محاولة التمييز بين العميل الذي يعاني من حالة عسر مالي مؤقتة وليست دائمة ومحاولة تقديم المشورة الفنية له والمساعدة عن طريق الاتفاق على تسوية ما أملاً في تجنبه حالة العسر، وبين العميل الذي تحول قرضه إلى قرض متعثر وبشكل نهائي وعندها يجب اللجوء إلى الملاحقات القانونية حماية لحقوق المصرف.
4. العمل على إنشاء مؤسسات ومراكز متخصصة ممتهنة عملية الحصول على المعلومات وتجميع البيانات عن الشركات وتحليلها ونشرها، وذلك لمساعدة المقرضين والمستثمرين أيضاً في الحصول على معلومات موضوعية تفيد في تقييم سمعة الشركة وبالتالي اتخاذ قرارات رشيدة.
5. يتوجب على إدارة المصرف انتقاء العاملين الجيدين، والعمل على تدريبهم وإعدادهم وإكسابهم الخبرة والمعارف التي تمكنهم من تحليل المعلومات الوصفية والكمية واستخلاص النتائج واتخاذ قرارات ائتمانية سليمة وذلك للوقاية من مخاطر الديون المتعثرة.
6. التأكيد على المطلب الملح والضروري، وهو الإسراع في تحديث الأجهزة المصرفية وأتمتتها وزيادة التدريب والوعي المصرفي، وإصدار نظام عمليات مصرفي جديد يواكب التطورات الهائلة في مجال العمل المصرفي.
7. الانتقال من المصارف المتخصصة الصغيرة إلى المصارف الشاملة ذات القدرة المالية لتمويل التصدير والتجارة الخارجية وعلى منح الخدمات المصرفية المتنوعة والمتطورة لكافة العملاء، وعلى اعتبار أنه كلما زاد حجم المصرف ازدادت إمكانياته وأصبح ضمانة للاقتصاد الوطني.
8. زيادة الوعي المصرفي في المجتمع عبر التسويق المصرفي عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، خصوصاً بعد مباشرة المصارف الخاصة – ذات الخبرة فبي هذا المجال – لأعمالها.
9. السماح للمصرف الصناعي بالتعامل بالعملات الأجنبية، وذلك تلبيةً لاحتياجات العملاء الذين يتعاملون مع الخارج وجذبهم للتعامل معه.
المراجع:
1 – خطيب، منال. تكلفة الائتمان المصرفي وقياس مخاطره بالتطبيق على أحد المصارف التجارية السورية، رسالة ماجستير، جامعة حلب، 2004، ص4.
2– عبد الحميد، عبد الطيف. البنوك الشاملة عملياتها وإدارتها، الدار الجامعية، الإسكندرية، مصر، 2000، ص103.
3 - حمزة، محمود. الاعتمادات المستندية والكفلات المصرفية في المصرف التجاري السوري ودورهما في الاقتصاد الوطني، رسالة ماجستير، جامعة دمشق، 2004، ص 2.
4 - فلوح، صافي. محاسبة المنشآت المالية، منشورات جامعة دمشق، الطبعة الثامنة، 1999، ص13.
5 –عبد الغفار حنفي، عبد السلام أبو قحف. الإدارة الحديثة في البنوك التجارية، الدار الجامعية، بيروت، 1991، ص 140 .
6 – الزبيدي، حمزة محمود. إدارة الائتمان المصرفي والتحليل الائتماني، الوراق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2002، ص 148.
7– مطر، محمد. الاتجاهات الحديثة في التحليل المالي والائتماني، دار وائل للنشر، الأردن،  2003،  ص 353، 397.
8- كنعان، علي. النظام النقدي والمصرفي السوري " مشكلاته واتجاهات إصلاحه "، دار الرضا للنشر، دمشق، سورية، 2000، ص70،  86.  
8- قانون إحداث المصرف الصناعي وتعديلاته، منشورات الإدارة العامة، دمشق، ص6.


* تم الاعتماد في هذه الفقرة على المقابلات الشخصية مع موظفي دائرة الائتمان والتسليف في المصرف الصناعي / فرع اللاذقية.
* يتم التعامل في المصرف الصناعي السوري على أساس أن أيام السنة التجارية 300 يوم, وذلك فيما يخص دراسة طلبات    الاعتماد وتحديد الاحتياجات المالية, أما فيما يخص احتساب الفوائد فإن عدد أيام السنة هو365 يوماً.

* الأحداث اللاحقة " هي تلك الأحداث التي تقع في فترة المراجعة والتي تؤثر على القوائم المالية ". وتتحدد فترة المراجعة بالفارق الزمني بين تاريخ إعداد الميزانية ( تاريخ انتهاء الفترة المالية ) وبين تاريخ الانتهاء من عمليات المراجعة الميدانية. وتنقسم الأحداث اللاحقة إلى مجموعتين:  الأولى تؤثر على قيم عناصر القوائم المالية, والثانية يجب الإشارة إليها في صورة إيضاحات مكملة للقوائم.
ومن أمثلة الأحداث اللاحقة التي تتطلب تعديل قيم عناصر القوائم المالية:  أرصدة الحسابات المدنية التي اعتبرت ديوناً جيدة عند إعداد القوائم المالية ثم اتضح خلال فترة المراجعة, أن هذه الديون أصبح مشكوكاً فيها, مما يترتب عليه ضرورة تعديل قيمة مخصص الديون المشكوك فيها في القوائم المالية. ومن أمثلة أحداث المجموعة الثانية:  تحطم أو انهيار وحدات إنتاج رئيسية في المشروع نتيجة وقوع حادث ما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

كتاب مباديء المحاسبة المالية 2024

للتحميل