الجمعة، 4 يناير 2013

التأمين أنواع وأحكام


التأمين أنواع وأحكام
التمهيد: نبذة عن نشأة التامين :
التأمين أول ما نشأ في الغرب ومن أسباب نشأته إحجام كثير من رؤساء الأموال عن التجارة بسبب المخاطرة وبسبب حوادث الخسارة، ونتيجة لهذا الإحجام يتأثر الاقتصاد القومي وعلى إثره عمل المفكرون على إنشاء شركات التأمين حتى تضمن للتاجر المتاجرة وتؤمن له الخسارة للأقدار الطارئة مقابل مبلغ من المال يدفعه اشتراك يقدمه لشركة التأمين وتقوم بتعويضه إذا حصل له خسارة،  وتأثرت الدول الإسلامية تباعا بهذه الشركات، ومن الأسباب التي أدت إلى انتشار التأمين التجاري في البلدان الإسلامية العولمة التجارية . 
المطلب الأول: تعريف التأمين :
في اللغة: الأمَانُ و الأمَنةُ بمعنى، وقد أمِنَ أمَاناً و أَمَنَةً بفتحتين فهو آمِنٌ و آمَنهُ غيره من الأمْنِ والأمَانِ 1(1) وقد أمنت فأنا أمن و آمنت غيري من الأمن و الأمان  و الأمن  ضد الخوف 2(2) والمقصود منه طمأنينة النفس وسكونها بتوفير أسباب الطمأنينة.
في الاصطلاح : عقد يتم بين شركة التأمين ومستأمن معين تتعهد هذه الشركة بمقتضاه بدفع مبلغ من المال ،عند حدوث خطر معين ، مقابل التزام المستأمن بدفع مبلغ مالي محدد 3(3)
في اصطلاح القانونيين : (عقد يلتزم المؤمِّن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤَمَّن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من المال أو إيراداً مرتباً أو أي عرض مالي آخر في حالة وقوع الحادث، أو تحقيق الخطر المبين في العقد، وذلك نظير قسط أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمَّن له للمؤمِّن) 4(4)   
المطلب الثاني
أنواع التأمين  
النوع الأول : التأمين التبادلي على أنواع 
أولا :التأمين على الأشخاص
صورة التأمين على الأشخاص أن يتقدم شخص ما إلى شركة التأمين لإبرام عقد التأمين على الحياة لمدة معينة بموجبه تلتزم الشركة بدفع المبلغ المدفوع له مع فوائده بعد تمام المدة ، أو دفع المال لورثته إن مات بتمامه حتى وإن لم يدفع إلا قسطا واحدا، ومن صوره :التأمين على ما قد يصيب عضوا من أعضاء الجسم ، وفي شرح المهذب : (أن التأمين على الحياة، فإنه غير صحيح ولا يباح لأننا لم نجد له محملاً من الصحة، لأن وسائل البطلان محيطة به من جميع جهاته، فهو نوع من القمار، ويدخل في بيع الغرر، كبيع الآبق الذي لا يدري أيقدر على تحصيله أم لا، ويدخل في مسمى الربا الذي هو شراء درهم بدراهم مؤجلة، ويدخل في بيع الدين بالدين، حيث أن المؤمِّن يدفع قيمة التأمين مقسطة في سبيل الحصول على دراهم أكثر منها مؤجلة، أضف إليه أنها لا تقتضيه الضرورة ولا توجبه المصلحة، ومن عقود التأمين ما كان على الحياة، وصورته أن يعقد عقداً على مبلغ 5000 خمسة آلاف جنيه مثلاً تدفع لورثته بعد وفاته إذا مات بحادث أو مات حتف أنفه وفي هذه الصورة من القمار الصريح ما يتضح في جهالة الأجل لتعلقه بعلم الله تعالى والغرر القائم في العقد لجهالة ما سيدفعه المؤَمِّن على حياته) 5(5)
ثانياً :التأمين على الأموال
تأمين على البيت من الحريق،أو الهدم أو نحوه ،أو على البضاعة أثناء نقلها براً أو بحراً أوجواً، أو التأمين على المتجر من الحريق ونحوه أو السيارات وغيرها من الأشياء والأموال بدفع قسط محدد على ما بينا، يذكر شارح المهذب صورته فيقول : (فصورته أن يعقد شخص مع الشركة عقداً تضمن له به سلامة داره، أو سيارته، أو أثاث منزله، أو بضاعته التي في متجره، أو التي يريد نقلها من جهة إلى أخرى في البر أو البحر أو ما إلى ذلك من مختلف الأموال، ويلتزم صاحب المال المؤَمِّن عليه أن يدفع للشركة ضريبة معينة من المال كل سنة أو كل شهر على حسب الشرط ،ويختلف مقدار هذه الضريبة على حسب المال المؤَمِّن عليه الذي يتفق الطرفان على مقدار قيمته ،وهذه الضريبة لا يستردها صاحب المال على كل حال، وإنما تكون خالصة لشركة التأمين على خلاف الحكم في أقساط التأمين على الحياة، ثم تلتزم الشركة لصاحب المال المؤَمِّن عليه بأن تدفع له قيمة هذا المال كله إذا هلك أو تلف بحرق أو غرق أو غير ذلك ما دام عقد التأمين قائماً، ولو لم يدفع صاحب المال من الضريبة إلاّ دفعة واحدة ) 6(6)
ثالثاً :التأمين على المسؤولية
هذا التأمين على الأخطاء التي قد يرتكبها الشخص بمزاولة حرفة ما، مثل تأمين أصحاب السيارات فيما يقع لهم من أخطاء تضر بالآخرين.
وجه التحريم :
للعلماء في تحريم التأمين أوجه عديدة، وجه الربا بالزيادة في العوض ، ووجه في الغرر أن يدفع مبلغ لغرض الحصول على مبلغ مجهول، وجهالة أخرى إذا حدث له حادث كم سيدفع له،ووجه غبن قد يكون على المؤَمِّن أو على الشركة ،ووجه قمار  
المطلب الثالث
أقوال العلماء في التأمين التجاري  
القول الأول: القول بالحرمة
الميسر في عصرنا عقود التأمين التجاري على الحياة والمركبات والبضائع وضد الحريق والتامين الشامل 7(7) ، وقد أفتى ببطلان عقد التأمين على الحياة من فقهاء العصر الحاضر الشيخ محمد نجيب المطيعي رحمه الله مفتى مصر سابقا والشيخ أحمد إبراهيم من كبار فقهاء الشريعة في عصره 8(8)  والشيخ محمد بخيت المطيعي والشيخ العلامة محمد أبو زهرة  9(9) وقال بحرمته مجمع الفقه 10(10) وشيخنا الشيخ عبد الكريم زيدان
وعند سؤال لجنة  إسلام أن لاين عن التامين  أجابت اللجنة :
السؤال : ما حكم التأمين التجاري المنتشر اليوم ؟
الإجابة : فمن صور المعاملات الجديدة على الفقه الإسلامي ما يسمى (بشركات التأمين) ، ومن ضمن نشاطات شركات التأمين ما يسمى بالتأمين التجاري ، وجميع صور هذا التأمين حرام ؛ لأنها قائمة على الربا ، والربا محرم نصوص القرآن الكريم والأحاديث النبوية ، كما أنه يقوم على القمار ، والمقامرة أيضاً حرام ، وكذلك فيه غرر ، والغرر حرام وفيه أكل لأموال الناس على الباطل ، وبقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة العربية السعودية : جميع أنواع التأمين التجاري ربا صريح دون شك ، فهي بيع نقود بنقود أقل منها أو أكثر مع تأجيل أحد النقدين ، ففيها ربا الفضل وفيها ربا النسأ ؛ لأن أصحاب التأمين يأخذون نقود الناس ويعدونهم بإعطائهم نقودا أقل أو أكثر متى وقع الحادث المعين المؤمن ضده، وهذا هو الربا، والربا محرم بنص القرآن في آيات كثيرة  ، فجميع أنواع التأمين التجاري لا تقوم إلا على القمار ( الميسر ) المحرم بنص القرآن :  ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [سورة : المائدة- آية 90 ]  والتأمين بجميع صوره لعب بالحظوظ ، يقولون لك ادفع كذا فإن وقع لك كذا أعطيناك كذا ، وهذا هو عين القمار ، وإن التفرقة بين التأمين والقمار مكابرة لا يقبلها عقل سليم ، بل إن أصحاب التأمين أنفسهم يعترفون بأن التأمين قمار .
وجميع أنواع التأمين التجاري غرر ، والغرر محرم بأحاديث كثيرة صحيحة ، من ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة ، وعن بيع الغرر "
11(11) 
وإن التأمين التجاري بجميع صوره يعتمد على الغرر ، بل على الغرر الفاحش ، فجميع شركات التأمين ، وكل من يبيع التأمين يمنع منعا باتا التأمين ضد أي خطر غير احتمالي ، أي أن الخطر لا بد أن يكون محتمل الوقوع وعدم الوقوع حتى يكون قابلا للتأمين ، وكذلك يمنع العلم بوقت الوقوع ومقداره ، وبهذا تجتمع في التأمين أنواع الغرر الثلاثة الفاحشة .
فالتأمين التجاري بجميع صوره أكل لأموال الناس بالباطل ، وهو محرم بنص القرآن : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ [سورة : النساء- آية 29]  .
فالتأمين التجاري بجميع أنواعه وصوره عملية احتيالية لأكل أموال الناس بالباطل ، وقد أثبتت إحدى الإحصائيات الدقيقة لأحد الخبراء الألمان أن نسبة ما يعاد إلى الناس إلى ما أخذ منهم لا يساوي إلا 2.9% .
فالتأمين خسارة عظيمة على الأمة ، ولا حجة بفعل الكفار الذين تقطعت أواصرهم واضطروا إلى التأمين اضطرارا ، وهم يكرهونه كراهية الموت
12(12).
القول الثاني :القول بالحل
ذهب بعض العلماء إلى جواز عقود التأمين بأنواعها ومن هؤلاء الأستاذ مصطفى الزرقا وفضيلة الأستاذ عبد الرحمن عيسى ، والأستاذ محمد يوسف موسى والشيخ علي الخفيف رئيس قسم الشريعة بكلية الحقوق 13(13) والذي قال في بحثه المقدم للمؤتمر الثاني بمجمع البحوث الإسلامية: ( إن حكم التأمين شرعاً هو الجواز، لأنه عقد جديد لم يشمله نص حاضر، وهو يحقق مصلحة دون أن يكون من ورائه ضرر، فأصبح بعد أن تفشى وشاع عرفاً عاماً دعت إليه كل من المصلحة العامة والمصلحة الخاصة وأن المصلحة التي تدعو إليه تقارب الضرورة ومعها لا يكون للإشتباه فيه موضع إذا فرض وكان فيه شبهة) 14(14)
أدلة القائلين بالحرمة :
أدلة الغرر والقمار المذكورة سابقاً وعللوا ذلك بالأتي:
التأمين من عقود المعاوضات وتعتريه : كل طرف يأخذ مقابل ما يعطي ، فالمؤَمِّن يدفع قسطاً محدداً ويأخذ مقابل ذلك ما ألتزمت به شركة التامين ، وشركة التأمين تأخذ القسط المحدد كل شهر أو ما اتفق عليه وتدفع إن حدث له شيء الغرم الحادث وكل طرف ملتزم بذلك التأمين من العقود الإحتمالية: بسبب الجهالة لكل طرف ما يأخذ وما يعطي المؤَمِّن يدفع قسطاً ثابتاً محدداً في حين ما يتلقاه غير معلوم الحصول ولا القدر  فهذا غرر في الحصول في المقدار وفي الأجل 15(15) ، ومن الغرر أنه قد يدفع قسطاً واحدا ويقع الخطر وقد يدفع ولا يقع له خطر وهذا غرر فاحش والرسول r نهى عن الغرر الفاحش،كما أنه يحتوي على ضرب من المقامرة في المعاوضات المالية،فيؤدي إلى أن تتحمل شركة التامين غرما بلا جناية ولا تسبب فيها،ويكسب الطرف الآخر غنماً بلا مقابل، أو بمقابل غير مكافئ  16(16)
وبعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك، قرر مجلس المجمع الفقهي بالإجماع عدا فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا تحريم التأمين بجميع أنواعه سواء كان على النفس أو البضائع التجارية أو غير ذلك للأدلة الآتية  : 17(17)
أولاً: عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الإجتماعية المشتملة على الغرر الفاحش، لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد ومقدار ما يعطي أو يأخذ فقد يدفع قسطاً أو قسطين ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤَمِّن ، وقد لا تقع الكارثة أصلاً فيدفع الأقساط ولا يأخذ شيئاً، وكذلك المؤَمَّمن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي r : " النهي عن بيع الغرر" .
وسبب ذلك؛  لأن التأمين يكون على شيء محتمل الوقوع أو عدمه، وهو مع ذلك مجهول الوقت والمقدار، فمما هو معلوم أن وقت وقوع الحادث شيء مجهول لا يمكن التنبؤ به، وكذلك مقدار تكلفته أمر مجهول، فهو داخل تحت بيع الغرر   .
الثاني: عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل أو مقابل غير مكافىء، فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين ثم يقع الحادث فيغرم المؤَمَّن كل مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر، ومع ذلك يغنم المؤَمَّن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً، ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: ﴿ يَـۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلاٌّنصَابُ وَٱلاٌّزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَـٰنِ فَٱجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
الثالث: عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنسا، فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا فضل، و المؤَمَّن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة، فيكون ربا نسا، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نسا فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع.
وهو بيع نقود بنقود بأقل أو أكثر من الدفع مع تأجيل أحد النقدين، وبهذا اشتمل على الربا بنوعيه ربا الفضل والنسيئة، فأصحاب شركات التأمين يأخذون نقود الناس على أن يعطونها إياهم أو أقل منها أو أكثر عند وقوع الحادث المؤمن عليه، وهذا هو عين الربا الذي حرمه القرآن الكريم والسنة النبوية تحريما قاطعا. 
الرابع: عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم، لأن كلاً منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصرة للإسلام، وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، وقد حصر النبي r   رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله :
" لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل" 18(18) وليس التأمين من ذلك ولا شبيهاً به، فكان محرماً.
بسبب أنه قائم على الحظ، فالمؤمن يدفع  المبالغ التي يدفعها (قيمة التأمين) وقد يستفيد منها وقد لا يستفيد، فالمسألة مسألة حظ، إن وقع حادث استفاد وإلا فقد ضاع ماله. 
الخامس: عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، وأخذ شيء بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: ﴿ يَـۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلاٌّنصَابُ وَٱلاٌّزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَـٰنِ فَٱجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
السادس: في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعاً، فإن المؤَمَّن لم يحدث الخطر منه، ولم يتسبب في حدوثه، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له، و المؤَمِّن لم يبذل عملاً للمستأمن فكان حراماً 19(19)
أدلة المجيزين للتأمين:
1-  المصلحة دليل للحل وفيه مصلحة المستأمن في حصول الطمأنينة في مزاولة التجارة 
2-  الأصل في العقود الإباحة ولا يحرم إلا بنص، فإنه يقوم على التعاون فالجميع يتعاونون ويعطون من المجموع الغرم
3-  انه أصبح ضرورة ملحة في المجتمع وعرفاً لابد منه
4- نظام الموالاة ويتلخص هذا العقد أن يقول شخص مجهول النسب للعربي أنت وليي تعقل(20(20)) عني إذا جنيت وترثني إذا أنا مت 
5-  نظام العواقل إذا جنى احد جناية في القتل غير العمد تعطي الدية القبيلة التي ينتسب إليها .
رابعا: المناقشة والترجيح 21(21)   
أدلة المبيحون للتأمين التجاري مطلقاً أو في بعض أنواعه فالجواب عنه ما يلي:
يتلخص استدلالهم :
أ- الاستدلال ببعض أصول الشريعة.
ب- قياس التأمين على بعض العقود ، والتشبث ببعض الأنظمة .
ونرد عليها بالاتي: 
أولا:  الاستدلال بالمصلحة غير صحيح، فإن المصالح في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام:
أ-  قسم شهد الشرع باعتباره فهو حجة.
ب-  وقسم سكت الشرع عنه فلم يشهد له بإلغاء ولا اعتبار فهو   (مصلحة مرسلة) وهذا محل اجتهاد المجتهدين.
ج-  والقسم الثالث ما شهد الشرع بإلغائه، وعقود التأمين التجاري فيها جهالة، وغرر، وقمار، وربا، فكانت مما شهد الشرع بإلغائه لغلبة جانب المفسدة فيه على جانب المصلحة.
فالمصلحة الشرعية حجة عند من يقول بها بشروط :
- ألا تصادم نصاً من قرآن أو سنة ولا مقصداً من مقاصد الشريعة الإسلامية.
- أن تكون المصلحة عامة للناس وليست خاصة لفئة.
- أن تكون المصلحة حقيقية لا وهمية.
- أن تكون هذه المصلحة لحفظ أمر ضروري من الضروريات الخمس المعلومة التي لا قيام للمجتمع بدونها.
- أن تكون فيما يعقل معناه دون ما لا يعقل، فلا مدخل لها في التعبدات، ولا ما جرى مجرى التعبدات في الأمور الشرعية المحددة.
وكل هذه الاشتراطات تخلوا من التأمين التجاري ،  لمعارضته النصوص الشريعة القاضية بتحريم القمار والربا والغرر ،ويحقق المصلحة لفئة من الناس ومخل بالأمر الضروري. 
ثانيا: الإباحة الأصلية لا تصلح دليلاً هنا، لأن عقود التأمين التجاري قامت الأدلة على مناقضتها لأدلة الكتاب والسنة، والعمل بالإباحة الأصلية مشروط بعدم التنافى بينها أو المنافى لها .
ثالثا: الضرورات تبيح المحظورات؛ لا يسمح الاستدلال به هنا، فإن ما أباحه من طرق كسب الطيبات أكثر أضعافاً مضاعفة مما حرمه عليهم فليس هناك ضرورة معتبرة شرعاً تلجئ إلى ما حرمته الشريعة من التأمين. 
رابعا: لا يصح الاستدلال بالعرف فإن العرف ليس من أدلة تشريع الأحكام وإنما يبنى عليه في تطبيق الأحكام وفهم المراد من ألفاظ النصوص، ومن عبارات الناس في أيمانهم وتداعيهم وأخبارهم وسائر ما يحتاج إلى تحديد المقصود منه من الأفعال والأقوال، فلا تأثير له فيما تبين أمره، وتعيين المقصود منه، وقد دلت الأدلة دلالة واضحة على منع التأمين فلا اعتبار به معها ؛ مع أن العرف من شروطه أن لا يخالف نصاً.
خامسا: قياس عقود التأمين على ولاء الموالاة عند من يقول به غير صحيح، فإنه قياس مع الفارق ومن الفروق بينهما أن عقود التأمين هدفها الربح المادي المشوب بالغرر والقمار وفاحش الجهالة بخلاف عقد ولاء الموالاة، فالقصد الأول فيه التآخي في الإسلام والتناصر والتعاون في الشدة والرخاء وسائر الأحوال، وما يكون من كسب مادي فالقصد إليه بالتبع.
سادسا: قياس نظام التأمين التجاري وعقوده على نظام العاقلة لا يصح، فإنه قياس مع الفارق، ومن الفروق أن الأصل في تحمل العاقلة لدية الخطأ وشبه العمد ما بينهما وبين القاتل خطأ أو شبه العمد من الرحم والقرابة التي تدعو إلى النصرة والتواصل والتعاون وإسداء المعروف ولو دون مقابل، وعقود التأمين تجارية استغلالية، تقوم على معاوضات مالية محضة، لا تمد إلى عاطفة الإحسان وبواعث المعروف بصلة.
سابعا:  الاستدلال بنظام معاشات التعاقد وصورته  ما تقوم به الدولة من  اقتطاع جزء من المرتب الشهري للموظفين، حتى إذا بلغ أحدهم سن التقاعد أو مات النظامي يعطى راتباً شهرياً  والفرق بينهما 
أولا: أن الموظف إذا استقال قبل بلوغ المدة المحددة للتقاعد أخذ ما يستحقه عن خدمته، مهما قلت أو كثرت، وفي التأمين إذا توقف المؤمّن له عن دفع الأقساط بطلت جميع حقوقه، وخسر جميع ما دفعه من مال.
ثانيا : في التقاعد لا احتمال ولا شك في حصول الموظف على مبلغ التقاعد إذا بلغ المدة المحددة في الخدمة، وفي التأمين قد تنتهي مدة العقد دون وقوع الحادث فلا يحصل المُؤمَّنْ له على شيء ويخسر جميع ما دفعه.
ثالثا: الذي يُبرم العقد في نظام التقاعد هو الدولة بدافع المصلحة العامة للموظفين، وحُسن الرعاية، والذي يُبرم العقد مع المُؤمَّنْ لهم في التأمين فئة من المتاجرين به من الناس، بدافع الربح والإثراء .
رابعا : تسهم الدولة في تمويل نظام التقاعد بما يخصصه من أموال من بيت المال، ولا تجني من وراء ذلك شيئاً، وشركات التأمين لا تسهم بشيء، وجميع مصروفاتها وأرباحها وما تعيده على المُؤمَّنْ لهم حين وقوع الحادث كل ذلك تستخرجه من جيوب المُؤمَّنْ لهم.
ومن خلال المناقشة يترجح لي الحرمة في هذه العقود و يمكن تفصيل وجه التحريم بالأتي:
1 – فيه معنى القمار والرهان والميسر، لأنه تعلق على خطر قد يقع وقد لا يقع.
2 – المؤَمِّن يدفع قسطا ثابتاً محددا في حين أن ما يلقاه غير معلوم الحصول والمقدار فهو غرر.
3 - ولأن فيه غرراً وجهالة، إذ لا يدري أي من طرفي العقد عند إنشائه من سيأخذ ومن سيعطي.
4- ولأن فيه غبناً وذلك باعتباره عقداً احتمالياً من عقود الغرر .
5 - ولأن فيه زيادة من جهة أن المستأمن قد يبذل قسطاً ضئيلاً ويأخذ إذا وقع الخطر تعويضاً كبيراً بلا مقابل، ومن جهة إعطاء فوائد في بعض أنواعه، فضلاً عن أن شركات التأمين قد تستغل ما تحصله من أقساط في معاملات يومية محرمة.
6- تحمل أحد أطراف التعاقد وهو شركة التأمين غرماً بلا جناية ولا تسبب فيها، ويكسب الطرف الأخر عنماً بلا مقابل، أو بمقابل غير مكافئ .   
النوع الثاني
التأمين التعاوني  
يشترك مجموعة من الأفراد بدفع مبلغ معين تعاوناً ويتفقون على تعويض من تنزل عليه نازلة أو يحدث له فيفقد مال أو نفس جاء في شرح المهذب : (هو أن تتولاه جمعيات تعاونية يجمع أعضاءها الأخطار التي يتعرضون لها، ويلتزمون بتعويض من يلحقه الضرر منهم، وذلك من الاشتراك الذي يؤديه كعضو، وهو اشتراك متغير يزيد أو ينقص بحسب قيمة التعويضات التي تلتزم الجمعية بأدائها في خلال السنة، وقد لا يدفع العضو اشتراكه إلاّ عند وقوع الخطر، وبقدر نصيبه من التعويض.. وهي جمعيات لا تستهدف الربح وإنما التعاون لجبر الخطر أو الضرر الذي يلحق بأحد الأعضاء بتوزيعه عليهم جميعاً، إذن يكون القسط أو الاشتراك في هذه الجمعيات التعاونية من قبيل التبرع، وهو عقد تبرع يقره الإسلام، وهذه الجمعيات هي الصورة الوحيدة التي أقرها مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية لعام  1965م وضرب المثل فيه بصناديق الزمالة التي يقوم بها موظفو شركة أو مصلحة لدفع مبلغ كمعونة سريعة لأسرة العضو المتوفي مثلاً) 22(22)
كما قرر مجلس المجمع بالإجماع على الموافقة على جواز التأمين التعاوني 23(23)   والمنوه عنه آنفاً للأدلة الآتية:
الأول: إن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار، والاشتراك في تحمل المسؤولية عند نزول الكوارث، وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر، فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ولا ربحاً من أموال غيرهم وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر.
الثاني: خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه: ربا الفضل، وربا النسا. فليس عقود المساهمين ربوية، ولا يستغلون ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية.
الثالث: أنه لا يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني بتحديد ما يعود عليه من النفع لأنهم متبرعون، فلا مخاطرة ولا غرر، ولا مقامرة بخلاف التأمين التجاري فإنه عقد معاوضة مالية تجارية.
الرابع: قيام جماعة من المساهمين أو من يمثلهم باستثمار ما جمع من الأقساط لتحقيق الغرض الذي من أجله أنشىء هذا التعاون، سواء كان القيام بذلك تبرعاً أو مقابل أجر معين 24(24) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

كتاب مباديء المحاسبة المالية 2024

للتحميل