الثلاثاء، 1 يناير 2013

نحو استخدام مؤشرات مالية إسلامية في تقييم المشروعات الاقتصادية

نحو استخدام مؤشرات مالية إسلامية في تقييم المشروعات الاقتصادية
مقدمه:
يتميز النظام الاقتصادي الإسلامي انه ينطلق من العقيدة الإسلامية ونظرتها الكلية إلى مصالح الفرد والمجتمع، وأنه نظام يصلح لكل زمان ومكان. وعلى الرغم من ان النظام الاقتصادي الإسلامي ساد المجتمعات الإسلامية فتره زمنية طويلة، إلا أن القوانين الاقتصادية الإسلامية واستنباطها وصياغتها في إطار نظريه اقتصادية لم يظهر الا في العصر الحديث لأسباب تتعلق بالدور التاريخي للجانب الفقهي الذي قدم على غيره من الجوانب في البداية والجمود الذي أصابه في العصور المتأخرة مما أدى إلى توقف حركة الاجتهاد في الفقه الإسلامي.    ومع بداية انتشار المؤسسات
المالية الإسلامية ظهرت الحاجة إلى تفعيل دور الفقهاء والاقتصاديين المسلمين لتطوير الآليات والأدوات الاقتصادية بما يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية. وبعد أن زاد اهتمام الماليين والمصرفيين والمحاسبين والاقتصاديين بضرورة إيجاد بدائل إسلامية للاساليب المعتمدة على الفائدة الربوية تم تطوير أساليب مالية ومصرفية ومحاسبية جديدة في هذا المجال ، ويدل على ذالك إنشاء المصارف الاسلامية واصدار معايير للمحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية وانشاء شركات تامين اسلامية الامر الذي يتطلب في رأيي المتواضع ضرورة ايجاد اساليب تساعد هذه المؤسسات في تقييم المشروعات الاقتصادية ضمن أحكام الشريعة الإسلامية. ومن هذه الاساليب ايجاد معايير ومؤشرات مالية لا تعتمد على الفائدة الربوية تنطلق من التزام المشروعات باحكام الشريعة الاسلامية في الحصول على التمويل وفي الاستثمار ، وقد شهدنا – والحمد لله –  في العقدين الأخيرين زيادة اعداد المدراء وأصحاب المشروعات الذين يراعون حدود الله سبحانه وتعالى قي ممارساتهم الاقتصادية. حتى ان هذا الالتزام جعل دولا غير إسلامية تلجأ لادوات التمويل الاسلامي من أجل جلب مدخرات المسلمين مثل لجوء ولاية ساكسوني انهلت الالمانية وغيرها من المدن الاروبية الى اصدار سندات مقارضة ( مضاربة اسلامية ) لتمويل احتياجاتها.
1- الإطار العام للدراسة
1-1 أهمية الدراسة :
          تنبع اهمية هذه الدراسة من خلال تعرضها لموضوع يهم المؤسسات المالية الاسلامية ويتناسب مع الاقتصاد الاسلامي في ضوء المتغيرات الاقتصادية الحديثة . حيث يهتم هذا البحث بايجاد معايير ومؤشرات مالية  يمكن استخدامها للمساعدة في الحكم على جدوى المشروعات الاقتصادية ضمن احكام الشريعة الاسلامية .
1-2 أهداف الدراسـة:
يهدف البحث الى التوصل الى مؤشرات مالية  لا تعتمد على الفائدة الربوية ولا تخالف أحكام الشريعة الاسلامية ويمكن استخدامها للمساعدة في دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروعات خاصة في مجال خصم التدفقات النقدية بعد اتفاق الباحثين في الاقتصاد الاسلامي على أن للزمن قيمة مالية في المعاملات كما سنرى في هذا البحث باذن الله.

1-3 مشكلة الدراسة :
تتمثل مشكلة البحث في محاولته الاجابة على السؤال التالي :
هل يمكن ايجاد مؤشرات مالية تساعد في الحكم على جدوى المشروعات الاقتصادية دون استخدام المؤشرات والمعايير المالية في النظام الاقتصادي الراسمالي التي تعتمد على افتراضات واسس تخالف الشريعة الاشلامية  ؟
1-4 فرضية الدراسة :
تفترض الدراسة وجود مؤشرات مالية  يمكن استخدامها في الحكم على الجدوى الاقتصادية للمشروعات دون مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية.
  1-5 منهجية الدراسـة:
          سيتبع الباحث المنهج الاستقرائي لتاكيد او نفي فرضية البحث من خلال دراسة واستقراء ما جاء في أبحاث وكتب الاقتصاد الاسلامي والقواعد الفقهية المتعلقة بالمعاملات المالية . اضافة الى دراسة واستقراء ما جاء في ابحاث وكتب الادارة المالية والاقتصاد الراسمالي بخصوص الطرق المالية المستخدمة في تقييم المشروعات..
1-6 الدراسات السابقة :
تركزت جهود الباحثين المسلمين المعاصرين حول إيجاد صيغ بديله لتقييم المشروعات تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية،  وتناولت الدراسات التي قدمها هؤلاء الباحثون قضية إيجاد معدلات خصم من منظور إسلامي بديله لمعدلات الخصم التقليدية، وفيما يلي ملخص لأهم المساهمات الفكرية في هذا المجال:
·              رسالة ماجستير للباحثة فداء اسحق شاهين عام 1993 " بعنوان نظرة إسلامية لمفهوم الاستثمار الرأسمالي وطرق تقييمه : حالة دراسية على المصارف والمؤسسات المالية في الأردن" . حيث أكدت الباحثة على اختلاف مفهوم الاستثمار الإسلامي عن مفهوم الاستثمار التقليدي ؛ وأن المصارف والمؤسسات المالية الأردنية تستخدم الأساليب التقليدية والحديثة في التقييم واقترحت الباحثة نموذجا لتحديد سعر خصم على أساس إسلامي أطلقت عليه اسم " نموذج التكاليف الإسلامية " .وقد أوصت الباحثة بضرورة اهتمام الجامعات والمؤسسات الأكاديمية بموضوع الاستثمار الإسلامي باعتباره موضوعا حيويا لم يتم إثراؤه .
·              رسالة ماجستير للباحث مأمون المصري من جامعة اليرموك سنة 1991م بعنوان " تقييم جدوى المشاريع الخاصة وتطبيقاتها المعاصرة في الاقتصاد الإسلامي " . حيث اقترح الباحث أن يكون معدل الحسم – عند اعتمـاد المستثمر على التمويل بالملكية – هو المتوسط التاريخـي للنسـب العامة لتوزيع الأرباح على حسابات الاستثمار المشترك لدى المصرف الإسلامي إضافة إلى علاوة مخاطرة تقـاس من خلال قسمة مخصص مخاطر الاستثمار على مجمـوع التمـويل والاستـثمـار . كما اقتـرح أن يكون معدل الحسم – عند الاعتماد على التمويل الخارجي بإحدى أدوات التمويل الإسلامي- هو متوسط العائد التاريخي المتحقق من الأدوات التمويلية .
ومن أهم الملاحظات على هذا المعدل المقترح ما يلي:
·                    أنه يعتمد على أداء مؤسسة واحدة فقط وهو لا يعبر بالتالي عن حقيقة الأرباح في المجتمع أو في القطاع الذي ينتمي إليه المشروع.
·        أن المعدل المستخدم في حالة الاعتماد على تمويل من البنك لا يتضمن (علاوة مخاطرة) والسبب في ذلك حسب اعتقادنا صعوبة تحديد ما يخص كل أداة تمويلية من مخاطر الاستثمار.
·                    لا يمكن قياس المخاطرة من خلال نسبة مخصص مخاطر الاستثمار إلى إجمالي التمويل والاستثمار، ذلك لأن تكوين المخصص لا يعني بالضرورة أن هذه المبالغ قد صرفت فعلاً. وقد يكون قياس المخاطرة من نسبة خسائر الاستثمار الفعلية إلى حجم التمويل والاستثمار.
·                    يمكن الاعتماد على هذا المعدل في حالة واحدة فقط وهي أن يكون لحجم عمليات المصرف الإسلامي وزن نسبي كبير قياساً إلى حجم عمليات القطاع المصرفي، وأن تكون استثماراته موزعة على الأنشطة الاقتصادية بحسب الأهمية النسبية لكل نشاط، وفي هذا الحالة فقط يمكن أن يكون المعدل مؤشراً على متوسط الربحية في الاقتصاد.
·                     دراسة للباحثة الدكتورة كوثر عبد الفتاح الأبجي من جامعة الملك عبد العزيز عام 1985 بعنوان " دراسات جدوى الاستثمار في ضوء أحكام الفقه الإسلامي " نشرت في مجلة الاقتصاد الإسلامي. وقد ركزت الدراسة على إيجاد معدل حسم يتناسب مع منهج الاقتصاد الإسلامي حيث اقترحت الباحثة أن يكون معدل الحسم هو المتوسط المرجح لمعدل عـوائد الاسـتثمارات المثيلة التي تتصف بنفس درجة المخاطرة للمشروع موضوع الدراسـة .
ومن أهم الانتقادات التي توجه لهذا المعدل المقترح أنه يعتمد على حجم كبير من المعلومات والبيانات التفصيلية على شكل سلاسل زمنية على المشروعات المثيلة، كما أن حساب الأوزان الترجحية يحتاج بدوره إلى معلومات عن تكرار حدوث العائد وأن عدم توفر هذه المعلومات يؤدي إلى الاعتماد على التقدير الشخصي مما يعني تحويل المقياس الى مقياس شخصي.

2- المؤشرات المالية التقليدية في تقييم المشروعات الاقتصادية

1-2         الطريقة البسيطة في التقييم
وتشمل المؤشرات التالية:
أ‌-           فترة الاسترداد.
ب‌-      معدل العائد المحاسبي.
أ‌-          فترة الاسترداد أو الاستعادة Pay back period
تعرف فترة الاسترداد بأنها عدد السنوات اللازمة لاستعادة أصل المبلغ المستثمر من صافي التدفق النقدي السنوي، ويضاف التدفق النقدي لبعضه سنة بعد أخرى للتوصل إلى المبلغ الذي يقارن بأصل الاستثمار ( Brigham & Houston 2000 ).
 قاعدة  القرار وفق هذه الطريقة أن يتم اختيار المشروع الذي يحقق أقصر فترة استرداد. وفي حالة عدم وجود مشاريع للمفاضلة فيتم مقارنة فترة الاسترداد بفترة الاسترداد الحاسمة التي يحددها المستثمر على أساس من الخبرة السابقة ( Stickney & Brown 2000 ).
تتميز هذه الطريقة بسهولة الحساب ولكن يؤخذ عليها ما يلي:
·   إنها تتجاهل القيمة الزمنية للنقود، فهي تتعامل مع وحدة النقد المتحققة في السنة الأولى على أنها مساوية لوحدة النقد المتحققة في أي سنة من السنوات اللاحقة.
·       إنها تتجاهل التدفقات النقدية المتحققة بعد فترة الاسترداد والتي قد تكون مهمة بحيث تؤثر على قرار الاستثمار.
ب‌-      معدل العائد المحاسبي ( ARR ) Accounting Rate of  Return  
يستند هذا المعيار إلى الربح المحاسبي لقياس العائد من المشروع، حيث ينسب الربح المحاسبي أما إلى كلفة الاستثمار وتسمى النسبة معدل العائد البسيط على الاستثمار وأما ينسب الربح إلى حقوق الملكية وتسمى النسبة المستخرجة العائد البسيط على حق الملكية ( Weston & Brigham 1987 ).

1-      معدل العائد البسيط على إجمالي الاستثمار :
                                               متوسط الدخل السنوي
                                                   إجمالي الاستثمار
وتسمى هذه النسبة أيضاً المردود من الموجودات (العائد على الموجودات) ويعرف متوسط الدخل السنوي بأنه الوسط الحسابي للدخل السنوي المتحقق خلال عمر المشروع (المفترض) ، بينما يعرف إجمالي الاستثمار بأنه كلفة الاستثمار وتشمل رأس المال الثابت ورأس المال العامل ونفقات التأسيس الأولية، ولكن على هذه النسبة أيضاً معدل العائد (المردود) الوسطى Average rate of returne .
2-      معدل العائد على حق الملكية:
  متوسط الدخل السنوي
رأس المال المملوك
ونقيس هذه النسبة المردود من حقوق الملكية. حيث ينسب متوسط الدخل السنوي إلى (رأس المال المملوك).
معدل العائد على حق الملكية =

وقاعدة القرار في ظل هذه الطرق أنه كلما كان معدل العائد أعلى كلما كان ذلك أفضل وفي حال المفاضلة بين عدة مشاريع يفضل المشروع الذي يكون معدل العائد المتوقع منه أكبر( Weston & Copeland 1986 ).
وتمتاز طريقة معدل العائد البسيط بما يلي:
·       سهولة عملية الاحتساب.
·       أن هذه الطريقة تتمشى مع المفاهيم المحاسبية لقياس الدخل وعائد الاستثمار.
·       أن هذه الطريقة ( في حالة الأخذ بمتوسط الدخل) لا تتجاهل أي جزء من الدخل بعكس طريقة فترة الاسترداد.
أما أهم عيوب هذه الطريقة فتتلخص في أنها:
·       تتجاهل القيمة الزمنية للنقود.
·       تتجاهل توقيت التدفقات النقدية.

2-2 طريقة التدفق النقدي المخصوم.( DCF ) Discount of Cash Flow
يتمثل العيب الأساسي الذي تعاني منه طرق التقييم البسيطة في تجاهل القيمة الزمنية للنقود. كما أن بعضها الآخر يتجاهل جزءاً من التدفقات النقدية المتولدة عن المشروع. وبسبب هذه العيوب فإن نتيجة المفاضلة بين عدة مشاريع لا تؤدي دائماً إلى اختيار المشروع الأفضل والأكثر ربحية من بينها. وبناء على ذلك فإن طرق التقييم الجيدة لابد أن يتوفر فيها ثلاث خصائص هي:
1-      الأخذ في الاعتبار كل التدفقات النقدية.
2-      أن تأخذ في الاعتبار القيمة الزمنية للنقود.
3-      أن يؤدي استخدامها إلى اختيار المشروع الذي يعظم قيمة المشروع.
تضم الطرق المعتمدة على خصم التدفقات النقدية مؤشرين أساسيين هما صافي القيمة الحالية Net Present Value ومعدل العائد الداخلي Internal Rate of Returne.
ويتميز هذان المؤشران في أنهما يعتمدان على كل التدفقات النقدية كما أنهما يعتمدان على القيمة الزمنية للنقود، ويعني مفهوم القيمة الزمنية للنقود ببساطة أن وحدة النقد المتحققة الآن لها قيمة أكبر من وحدة النقد المتحققة في المستقبل انطلاقاً من أن وحدة النقد المتحققة الآن يمكن إعادة استثمارها مرات متعددة ويتحقق منها بالتالي عائد أكبر( Gitman 2000 ).
أ‌-                                         طريقة صافي القيمة الحالية (NPV) : Net Present Value
تعد طريقة صافي القيمة الحالية أحد أساليب التقييم على أساس التدفقات النقدية المخصومة (أي على أساس القيمة الحالية للتدفقات). وطبقاً لهذه الطريقة يتم حساب القيمة الحالية لصافي التدفق النقدي السنوي باستخدام معدل خصم معين، ثم يتم جمع التدفقات المخصومة لبعضها جبرياً للحصول على صافي القيمة الحالية للمشروع. ويمكن  التعبير عن ذلك رياضياً  كما يلي:

حيث أن :
NPV : صافي القيمة الحالية للمشروع.
NCF : صافي التدفق النقدي السنوي للمشروع.
ai : معامل الخصم للسنة i وفقاً لمعدل الخصم المختار.
وصافي القيمة الحالية وفق هذه الصيغة يساوي مجموع القيمة الحالية للتدفقات الداخلة ناقصاً مجموع القيمة الحالية للتدفقات الخارجة.
وبغض النظر عن الصيغة المستخدمة فإن معدل الخصم المستعمل  لخصم التدفقات هو أقل عائد مقبول من قبل المستثمر أو هو كلفة الأموال المستثمرة.
وفي كلتا الحالتين تكون قاعدة القرار كما يلي:
·       في حالة المفاضلة بين عدة مشاريع يتم اختيار المشروع الذي يحقق أعلى صافي قيمة حالية.
·       في حالة وجود مشروع واحد يتم قبول المشروع إذا كانت صافي القيمة الحالية أكبر من صفر ( Russell & Janes 2000 ).
ب- مؤشر الربحية: ( P I  ) Profitability Index
عندما تكون تكلفة الاستثمار مختلفة بين المشاريع قيد الدراسة يصبح من الصعب الحكم بجدوى الاستثمار استناداً إلى معيار صافي القيمة الحالية. وخصوصاً عندما لا يكون هناك تناسب بين صافي القيمة الحالية وحجم الاستثمار المطلوب. فإذا كان المشروع (أ) مثلا يحقق قيمة حالة صافية 200 دينار بينما يحقق المشروع (ب) قيمة حالية صافية 250 دينار، فإن المشروع (ب) وفق معيار صافي القيمة الحالية هو الأفضل، بينما قد  لا يكون ذلك صحيحاً في الواقع إذا علم أن حجم الاستثمار اللازم للمشروع أ هو 1000 دينار بينما يحتاج المشروع ب إلى استثمارات تبلغ 2000 دينار. وتفادياً لمثل هذه المشكلة فإن مؤشر الربحية يوجد علاقة بين القيمة الحالية الصافية وحجم الاستثمار ( Jones 1992  ).

                                    صافي القيمة الحالية
                                     حجم الاستثمار
وقاعدة القرار أن يتم اختيار المشروع ذي المؤشر الأعلى.
ج‌-              معدل العائد الداخلي ( IRR ) Internal Rate of Return
يمكن تعريف معدل العائد الداخلي بأنه معدل الخصم الذي تتساوي عنده القيمة الحالة للتدفقات الداخلة مع القيمة الحالية للتدفقات الخارجة. أو هو معدل الخصم الذي يجعل صافي القيمة الحالية مساوياً للصفر ( Khan & Jain 2004 ) .
ومن الملاحظ أن معدل الخصم في هذه الحالة يكون مجهولاً بخلاف طريقة صافي القيمة الحالية. كما يلاحظ أن معدل العائد الداخلي يفترض أن التدفقات النقدية يعاد استثمارها بعائد يعادل معدل الخصم (المجهول) بينما تفترض طريقة صافي القيمة الحالية أن التدفقات النقدية يعاد استثمارها بمعدل عائد يساوي " أقل معدل عائد مقبول" أو يساوي كلفة الأموال المستثمرة.
يتم حساب معدل العائد الداخلي عن طريق التجربة والخطأ، بحيث يتم التوصيل بالتدريج إلى المعدل الذي يجعل صافي القيمة الحالية مساوياً للصفر.


 قاعدة القرار باستخدام معدل العائد الداخلي تقتضي بقول المشروع إذا كان معدل العائد الداخلي أكبر من كلفة الأموال المستثمرة.
تتميز طرق التدفق النقدي المخصوم بأنها تستند إلى كل التدفقات النقدية من المشروع مع مراعاة القيمة الزمنية للنقود أيضاً غير أنه يعاب على هذه الطرق ما يلي:
·       إن هذه الطرق تفترض ضمناً إعادة استثمار الأموال المتحققة وهو افتراض غير صحيح في كل الأحوال . فغالباً مع تقوم الشركات بتوزيع جزء من الأرباح المتحققة وتحتفظ بجزء فقط على شكل أرباح محتجزة ( Ross 2000 ).
·       إن الجزء المحتجز من الأرباح يعاد استثماره فعلاً ولكن ليس بالضرورة افتراض عائد الاستثمار المتحقق على الاستثمار الأصلي. (حسب افتراض معدل العائد الداخلي).
3- المؤشرات المالية المقترحة في ضوء احكام الشريعة الاسلامية
من أهم الأسباب التي تدعو المستثمر إلى تقييم المشروع ودراسة جدوى الاستثمار هو الرغبة في الاطمئنان على فرص نجاح المشروع والتعرف على مدى المخاطرة واحتمالات تعرض أمواله المستثمرة للخسارة وبذلك يشكل هدف حماية الأموال المستثمرة والمحافظة عليها أحد الأسباب الموجبة لدراسات الجدوى وتقييم الاستثمار. ويعتبر هذا الهدف أساسياً بالنسبة للتقييم من المنظور الإسلامي فالمستثمر (في الإسلام) ليس أقل حرصاً على حماية أمواله من المستثمرين الآخرين. بل أن هدف حماية وصون الأموال أصلاً من الأصول الإسلامية الخمسة التي تدور حولها مجمل أحكام الشريعة الإسلامية السمحة ( حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال ).
ولا تقتصر أحكام الشريعة على مجرد حفظ المال من الضياع أو السرقة أو الإسراف والتبذير بل تعدت ذلك إلى حفظ المال عن طريق تنميته، وصيانة طرق كسبه وإنفاقه، وبذلك فإن على المشروع الاستثماري أن يخضع للمعايير والضوابط الشرعية أولاً قبل أن يخضع لمعايير الربحية المالية أو غيرها من المعايير التي يجب أن تستند بدورها إلى الأطر الشرعية التي تحكم هذا الموضوع، ولما كان الأمر على هذا النحو، فإن معايير التقييم من وجهة النظر الإسلامية مقارنة مع المعايير التقليدية تتصف بما يلي:
1-    أنها تضيف مجموعة جديدة من المعايير، وهي المعايير والضوابط الشرعية.
2-    إن التقييم ضمن أحكام الشريعة الاسلامية يُعدل من المعايير المالية  بحيث تستجيب للمتطلبات الشرعية.
1-3 مؤشرات التقييم المالي في ضوء أحكام الشريعة الاسلامية:
تضمنت معايير التقييم المالي التقليدية مجموعتين من المؤشراتٍ تشتمل المجموعة الأولى على المعايير البسيطة في التقييم، بينما اشتملت المجموعة الثانية على المؤشرات المستندة إلى خصم التدفقات النقدية للمشروع الاستثماري، وسنبحث في هذه الفقرة معايير التقييم المالي من وجهة النظر الإسلامية باستخدام نفس المنهج التقليدي في التمييز بين الطرق البسيطة وطرق التدفقات النقدية المخصومة. (وسوف نعالج هذه الطرق بالقبول أو التعديل حسب الضوابط الشرعية).
1-1-3           مؤشرات التقييم البسيطة في ضوء أحكام الشريعة الاسلامية:
تضمن هذه الطريقة كلاً من فترة الاسترداد، ومعدل العائد البسيط على الاستثمار " معدل العائد المحاسبي" على الاستثمار.
فترة الاسترداد ( PBP ) Pay Back Period
يعتمد هذا المؤشر (كما سبقت الإشارة لذلك) على مقدار التدفقات النقدية الصافية المتحققة من المشروع سنوياً.
ويعتبر هذا المؤشر مقبولاً من وجهة النظر الإسلامية ولا بأس من استخدامه بشرط إعادة النظر في مكونات التدفق بحيث لا يشتمل على الفوائد المدفوعة أو المقبوضة.
وبحيث لا يشتمل على أية مدفوعات أو مقبوضات لا تجيزها الشريعة الإسلامية.
معدل العائد البسيط ( المحاسبي ) على الاستثمار( ARR )
يعتمد هذا المؤشر (والمؤشرات المشتقة منه) على الربح المحاسبي، وهذا المؤشر مقبول أيضاً من الناحية الشرعية ويمكن استخدامه  بشرط إعادة النظر في مكونات الدخل (الربح المحاسبي) بحيث لا يتضمن الفوائد دائنة كانت أم مدينة.
وخلاصة القول أن معايير التقييم البسيطة يمكن استخدامها لغايات التقييم من وجهة النظر الإسلامية بشرط استبعاد الفوائد وما في حكمها للتوصل إلى التدفق النقدي أو الدخل المحاسبي.
غير أن هذا الأمر ليس بهذه البساطة، فالمسألة هنا ليست مجرد عمليات حسابية (جمع وطرح) فقط، بل إن استبعاد الفوائد يقتضي استبعاد المعاملات المالية التي تولدت الفوائد عنها. وقد سهلت الشريعة الإسلامية هذا الأمر حيث قدمت وسائل وأدوات أخرى بديلة أصبحت معروفة الان بفضل إنشاء المصارف الإسلامية كالمضاربة والمشاركة والاستصناع والسلم وغيرها ( ناصر ، سليمان 2002 ).
2-1-3 المعايير المعتمدة على خصم التدفقات النقدية ضمن أحكام الشريعة الإسلامية:
تعتمد هذه المجموعة من المعايير على ثلاثة أسس:
-         التدفق النقدي.
-         الخصم (القيمة الزمنية للنقود).
-         معدل الخصم.
ومفهوم التدفق النقدي يعتبر مقبولاً من الناحية الشرعية بشرط مراعاة استبعاد المكونات التي لا تقرها الشريعة الإسلامية مثل الفوائد وأية معاملات أخرى باطلة أو محرمة شرعاً، فما هو موقف الشريعة الإسلامية من القيمة الزمنية للنقود؟ وما هو معدل الخصم المقبول في حال اعتبار أن هناك قيمة زمنية للنقود؟
المعيار الاول:  إقتراح معدل خصم إسلامي للتدفقات النقدية مبني على تكلفة الاموال :
          يتطلب اقتراح معدل خصم لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية مناقشة المسائل التالية أولا :
- معدل العائد المطلوب على الاستثمار في الاقتصاد الراسمالي.
- نظرة الاسلام الى التضخم ودور ذلك في القيمة الزمنية للنقود.
- نظرة الاسلام الى مكونات العائد المطلوب من قبل المستثمرين بصفته تكلفة على من يريد التموُّل ( الحصول على الاموال من المستثمرين )
- مكونات معدل الخصم المقبول من الناحية الشرعية ونظرة الاسلام لهذه المكونات.
- شروط استخدام معدل الخصم في الاسلام.
أولا :  معدل العائد المطلوب على الاستثمار في الاقتصاد الراسمالي:
          تعتمد فكرة هذا العائد في الاقتصاد الراسمالي على وجود عاائد مطلوب من قبل المستثمر يحقق له تعويضا عن النقص في القوة الشرائية للنقود ( التضخم ) ، وعن معدل الفائدة البحت ، وعن المخاطر التي سيتعرض لها نتيجة هذا الاستثمار ( الشماع 1993 ).
          ويعبر عن العائد المطلوب بدلا من النقص في القوة الشرائية للنقد ومعدل الفائدة البحت بالعائد الخالي من المخاطرة الذي يعبر عنه في النظرية الاقتصادية الراسمالية بالفائدة على أذونات الخزينة. أي أن العائد المطلوب من قبل المستثمر = العائد الخالي من المخاطرة + علاوة المخاطرة ( Bodie,Kane,Marcos 2002 ).
          سيعتمد الباحث على هذا المفهوم في التوصل الى متوسط تكلفة الاموال التي يستطيع المشروع الحصول عليها من الممولين ( المستثمرين ) ضمن أحكام الشريعة الاسلامية عن طريق حل المشكلة الاساسية في هذه المعادلة وهي الفائدة على اذونات الخزينة ( العائد الخالي من المخاطرة ) ، إضافة الى بيان موقف الاسلام من علاوة المخاطرة كما سياتي بحثه
          هذا ويمكن استخدام المتوسط المرجح لتكلفة الاموال Weighted Average Cost of Capital ( WACC) كمعدل للخصم ( الشماع 1993 )
ثانيا : موقف الاسلام من التضخم :
يستدل من أقوال جمهور الفقهاء على أن للزمن قيمة مالية في البيوع فقط دون القروض.
   لقد فرَّق الباحثون في الاقتصاد الإسلامي بين الحالات التي تتعرض لها قيمـة النقود الورقية مـن كساد أو انقطاع أو ارتفاع وانخفاض في قيمتها، قياساً علـى تفريق الفقهاء بين الحالات التي تعرضت لـهـا النقود الذهبيـة والفضيـة فـي زمانهـم ( ابن عابدين ج4 كتاب اليوع،حسن 1999، النووي ج3 1412هـ ) . ومن خلال استقراء آراء العلماء حول مسألة تغير القيمة الشرائيـة للنقود الورقية وتأثيرها على الديون، يمكن تلخيص هذه الآراء بما يلي :
أولاً :  يرى فريق مـن المعاصرين بأن يتم إعـادة مثل ما يترتب في الذمة في حال تغير قيمة النقود الورقية ، فالنقود مـن المثليات والمثليات لا تـرد إلا بمثلها بغض النظـر عـن قيمتها يوم السداد . بمعنى أن من ثبت في ذمته مائـة دينار مثلا فإنه يردها مائة دينار فـي المستقبل دون زيادة أو نقصان بغض النظر عن قيمة هذه المائة دينار عند التسديد ( السالوس 1996،حسن 1999 ).
ثانياً : فريق آخر من المعاصرين يرى بأن يتم إعادة قيمة ما يترتب في الذمة إذا تغيرت قيمة النقود الورقية بشكل عام ( الاشقر 1998).
ثالثاً: فريق يرى بأن يتم الأخذ بالقيمة في حال التغير الفاحش في القيمة فقط ( بن منيع 1982).
رابعاً : ومنهم من يرى الأخذ بالقيمة فقط في حال حدوث التغير أثناء مماطلة المدين في تسديد الدين مما يوقع ضرراً بالدائن بسبب تصرفات المدين( بن منيع 1982).
خامسـا ً: هنـاك من يرى بالصلح على الأوسـط ، بمعنى أن يتحمل كل من الدائن والمدين الضرر المترتب على تغير القيمة ( الدريني 1990).
سادساً : وآخرون قالـوا ببحث كل حـالـة على حدة بسبب صعوبـة ترجيح رأي علـى آخـر في مسالة تغير قيمة النقود الورقية ( شبير 1996). 
رغم اختلاف هذه الآراء وأدلة كل طرف على ما قـال بـه ومناقشته لـلآراء الأخرى ، إلا أن الفتوى المعمول بها هي رد المثل ، وهذا مـا أفتى به مجمـع الفقـه الإسلامي فـي دورة مؤتمره الخامس المنعقد في الكويت مـن 1 إلى 6 جمادى الأولى 1409 هـ الموافق 10 إلـى 15 كانون الأول 1988 ، حيث جاء في القرار رقم 4 " ...العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما ، هي بالمثل وليس بالقيمة ، لأن الديـون تقضى بأمثالها " .
   وجمهور علماء المسلمين على عدم جواز طلب تعويض من المدين عن انخفاض القوة الشرائيـة للنقد ( التضخم ) في عقود القروض . فإذا اقرض شخص ما لشخص آخر مائة دينار لمدة سنة فلا يجوز له إلا استرداد مائة دينار فقـط دون زيـادة أو نقصان حتى وإن بلغت نسبة التضخم عشرة أو عشريـن أو ثلاثين بالمائة طالما أن النقود ما زالت في التداول ولم تنقطع( حسن 1999) . أما فـي البيـع والتجارة فيجوز للبائع أو التاجر أو المستثمر أن يطلب تعويضا عن الانخفاض المتوقع فـي القـوة الشرائية للنقد لكن ليس على سبيل الإلزام . فإذا أراد أن يستثمر شخص مسلم مبلغا معينا من المال ( ألف دينار مثلا ) ضمن أحكام الشريعة الإسلامية كالمشاركة أو المضاربة - لأنه لا يملك سوى خيار الاستثمار ليحمي أمواله من مشاكل التضخم –( حسن 1999 )،  فمن حقه أن يأخذ بالاعتبار نسبة التضخم المتوقعـة عند إعداد دراسـة الجدوى للاستثمار الــذي سيُقدم عليه . فإذا كانت نسبـة التضخم المتوقعة 5% مثلا فهـذا يعني بأنـه سيقوم بهذا الاستثمار إذا توقع أن يحقق عائداً أعلى من 5% وذلك للمحافظة على قيمـة الأموال المستثمرة , بل وزيادتها أيضا . فإذا كـان العائد المتوقـع من الاستثمار يحقق له ذلك – ولنفرض انه 8% مثلا – فسيقوم بالاستثمار . إلا أنه قـد يحقق أقل من 8% أو حتى 5% أو تحقيق خسائر ، فهذا يعتمد علـى النتائج الفعلية للاستثمار لا عـلـى النتائج المتوقعة .
وهذا يختلف تماما عن التعويض الذي يطلبه المستثمر فـي النظام الربوي مقـابل التضخم ، فهو يطلب ذلك على سبيل الإلزام ، فـفي الحسـابات الاستثمارية فـي المصارف التقليدية يطلب العائد الذي يحقق له المحافظة على قيمة نقوده أو زيادة هذه القيمة على سبيل الإلزام مع ضمان المصرف لرأس المال النقدي إضافة إلـى الفائدة  دون أن يكون له علاقة بنتائج استثمار الأموال التي أودعها  ، وبما أن المودع لا يرغب بالمحافظـة على قيمة نقوده فقط ، بل ويرغب بزيادة قيمتها في المستقبل ، وسيطلب على سبيل الإلزام نسبـة اكبر من 5% لا تقل عن النسبة التـي تدفعهـا الحكومة على سنداتها قصيرة أو طويلة الأجل حسب مدة الوديعة
   إذن فالإسلام لا يُحرِّم عـلـى المستثمر أن يأخذ في حسبانه نسبـة التضخـم المتوقعة عند إعداد دراسـات الجدوى أو اتخاذ القرارات الاستثمارية كدفع مالـه لآخـَر مضاربـة . فيجـوز للمستثمر المسلم أن يطلب تعويضا عـن نسبـة التضخـم المتوقعـة ( تعويضا عـن الانخفاض المتوقع فـي القوة الشرائية للنقد ) للمحافظـة عـلـى قيمـة أموالـه المستثمرة ، وذلك بـأن يتضمن العائد المطلوب من قبله نسبة التضخم المتوقعة شرط أن يكون ذلـك عـلى سبيل التوقع والطموح لا على سبيل الإلزام .
ثالثا :  نظرة الاسلام لمكونات معدل العائد المطلوب في الاقتصاد الراسمالي  :
أ-  نظرة الاسلام الى عوائد أذونات الخزينة ( سندات الدين الحكومية ) :
          لهذا النوع من السندات أهمية كبيرة في احتساب تكلفة الأموال في الاقتصاد الرأسمالي ، فالفائدة المدفوعة عـلى السندات الحكوميــة أو أذونات الخزينة هي التي تمثل العائد الخالي من المخاطرة في معادلة احتساب تكلفة الأموال من مصادرها المختلفة في النظام الاقتصادي الرأسمالي .
   وقد جاء في قرار المؤتمر الإسلامي الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة المنعقد في شهر محرم سنة 1385 هـ الموافق مايو 1965 م بشأن المعامـلات المصرفية ( القرضاوي 2002) :
(الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرَّم ، لا فرق في ذلك بين مــا يسمى بالقرض الاستهلاكي، وما يسمى بالقرض الإنتاجي لأن نصوص الكتـاب والسنة في مجموعها قاطعة في تحريم النوعين )
ب‌-              نظرة الاسلام للمخاطرة :
من أهم القواعد التي أرساها الإسلام تلك التي نجم عنها استحقاق الربح بالمال أو بالعمل وأن المال لا يستحق الربح إلا إذا تحمل صاحبه مخاطر استثماره باستمرار ملكيته لماله ، أما إذا تنازل عن ملكية هذا المال باختياره كما فـي حـالة القرض ، فلا يجوز له بأي حـال من الأحوال أن يأخذ أي عائد على هذا المال حتى وإن تحقق ذلك ، كما أنه لا يتحمل مخاطر استثمار أموال ماله المُقرَض ( الهيتي 1998). ففي البيع مثلا لا يستحق البائـع الربح إلا إذا تملك السلعة ( تحمل مخاطر هلاكها أو التصرف بها ) ثم تصرف فيها ، فلا يجـوز له أن يبيع ما لا يملك . وفـي المضاربة لا يستحق صاحب المال الربح إلا إذا تحمل مخاطر استثمار ماله من خلال استمرار ملكيـتـه لهذا المال ، ولا يكون المضارب ضامنا للمال، ولا يجوز ذلك في عقد المضاربة لأنه يستحق الربح بالعمل، وأن مخاطره تتمثل في عدم تحقيقه أرباحا تتناسب مع جهـده المبذول ، فهو يخاطر بضياع جهده في هذا العقد .
   كذلك الحال في عقود المشاركات فلا يحق لصاحب المال اشتراط ربـح محدد دون النظر إلى نتيجة استثمار المال . فيجب أن تكون الأرباح حصة شائعة مـن الربـح الذي يتحقق من استثمار الأموال ، كما أن صاحب المال يتحمل الخسارة فـي حال وقوعها ، وهكذا نجد من أهم الشروط التي وضعها الإسلام لاستحقاق الربح الناتـج عن استثمار المال، شرط الملكية والتي تتضمن بشكل مؤكد تحمل المالك مخاطرة هذا المال ( المصري 1989) .
          وخلاصة القول أن الاسلام لا يقر جميع الاسس التي يتم احتساب تكلفة الاموال على أساسها في الاقتصاد الراسمالي ، وهذا يقتضي تعديل مفهوم مكونات تكلفة الاموال لتتناسب مع أحكام الشريعة الاسلامية مما يعني أن الاسلام يقبل من المستثمر أن يطلب تعويضا عن النقص الذي قد يطرأ على كمية الاموال وقيمتها اضافة الى تعويض عن المخاطرة التي سيتحملها، شريطة أن لا يكون ذلك على سبيل الالزام بل على سبيل التوقع. 
رابعا:  مكونات معدل تكلفة الأموال المقبول من الناحية الشرعية :
يمكن تلخيص أهم أدوات التمويل التي يمكن للمشروع اللجوء اليها ضمن أحكام الشريعة الاسلامية بما يلي :
- الاسهم العادية والارباح المحتجزة وما في حكمها.
- المضاربة الشرعية.
- التأجير .
- عقود البيوع.
وقد أصبحت هذه الادوات معروفة للباحثين في هذا المجال مما يجعلنا نكتفي بذكرها فقط (للمزيد أنظر : الوادي وسمحان : المصارف الاسلامية 2010).
تكلفة الأموال المقترحة ضمن أحكام الشريعة الاسلامية :
أ- تكلفة الأسهم (رأس المال):
- الطريقة الاولى : المعادلة التقليدية  :
يتكون رأس المال الأسهمي من الأسهم العادية التي تمثل حصص الشركاء في المشروع، وبطبيعة الحال فإن صيغة المشاركة كما تقرها الشريعة الإسلامية تستبعد كلياً التمويل بأسلوب الأسهم الممتازة، أما كلفة الأسهم العادية فيمكن حسابها وفقاً للطريقة التي تستخدم في المنهج التقليدي.
كلفة إصدار السهم العادي =
       (( الارباح الموزعة للسهم في نهاية السنة ÷ (سعر السهم في بداية السنة – مصاريف الاصدار وتوزيع الارباح ))  + نسبة النمو المتوقعة.
ونلاحظ أن مكونات هذه المعادلة لا تتعارض مع أحكام الشريعة الاسلامية.                   
- الطريقة الثانية : تكلفة الاسهم العادية حسب معادلة معدل العائد المطلوب على الاستثمار:
          ان العائد المطلوب من قبل من سيشتري سهم المشروع أو سيشارك به هو تكلفة من وجهة نظر المشروع المحتاج للتمويل . وقد سبق القول بان الاسلام لا يرفض هذا العائد المطلوب بل يرفض مفهوم مكونات هذا العائد الذي يعتمد على فائدة اذونات الخزينة ويُطلب على سبيل الالزام في الاقتصاد الراسمالي . فما هو الحل اذن؟
          ان المستثمر المسلم رشيد أيضا مما يعني انه سيطلب عائدا يحافظ له على كمية أمواله وقيمتها اضافة الى عائد يعوضه عن مخاطر الاستثمار ضمن أحكام الشريعة الاسلامية. وقد بينا أنه يجوز للمستثمر المسلم ان يطلب عائدا يعوضه عن التضخم للمحافظة على قيمة ماله المستثمر، كما بينا جواز طلبه تعويضا عن المخاطر . ولكن هناك أمر اخر يؤثر على كمية المال المستثمر من قبل المسلم بحيث يقلل كمية هذا المال ، وهذا المؤثر السلبي على كمية الاموال هو الزكاة( من وجهة النظر المادية فقط) . وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم استثمار المال حتى لا تأكله الزكاة حيث يقول صلى الله عليه وسلم ( الا من ولي يتيما فليتجر بماله ولا يتركه حتى تأكله الصدقة ) ( الترمذي 1408 هـ ).
          هذا يعني أن المستثمر المسلم سيطلب عائدا يعوضه عن الزكاة والتضخم والمخاطرة ، أي أن العائد المطلوب من قبل المستثمر = نسبة الزكاة حسب طبيعة النشاط + نسبة التضخم  + علاوة المخاطرة
ب- كلفة الأرباح المحتجزة :
لا تختلف الأرباح المحتجزة كثيراً عن سهم رأس المال، ويمكن حساب كلفة الأرباح بنفس طريقة حساب كلفة الأسهم. وهي نسبة الأرباح الموزعة إلى سعر السهم مضافا اليها نسبة النمو. ولكن يؤخذ على هذه الطريقة أن المستثمرين ربما توفر لهم فرص استثمار افضل من العائد المحقق من إعادة استثمار الأرباح في الشركة ذاتها. لذلك يمكن احتساب كلفة الارباح المحتجزة عن طريق معدل العائد المطلوب من قبل المساهمين بنفس الطريقة السابقة عن طريق اخذ مجموع نسبة التضخم ونسبة الزكاة للنشاط وعلاوة مخاطرة الاستثمار.
ج- كلفة التمويل بالمضاربة :
تعتبر الأموال التي يقدمها رب المال هي  رأس مال مشروع المضاربة حيث يقوم العامل (المضارب بالتصرف). والعائد المطلوب من قبل رب المال هو نفس العائد المطلوب على رأس المال في المشاركة ولذلك فإن المضارب يتوخى أن لا يقل العائد من المضاربة على عائد رأس المال والأرباح المحتجزة.            
د- كلفة تسهيلات الموردين (الشراء بالأجل):
يمكن للمشروع أن يتبع أسلوب الشراء (شراء المستلزمات) بالأجل كواحد من أساليب التمويل الممكنة، ويتحمل المشروع كلفة هذا النوع من التمويل بمقدار الفرق بين الثمن الحاضر والثمن الأجل. ويمكن استخدام الصيغة التالية المقترحة  لحساب كلفة الشراء الأجل:


                                    الثمن لأجل لمدة سنة الفوري
        كلفةالشراء الاجل =      ـــــــــــــ
                                       الثمن النقدي (الفوري)

هـ- كلفة التأجير المنتهي بالتمليك:
يعتبر التأجير المنتهي بالتمليك أحد أساليب التمويل متوسطة وطويلة الأجل ويمكن حساب كلفة هذا النوع من التمويل اعتماداً على الفرق بين مجموع إيجارات التمويل وبين قيمة شراء الأصل نقداً كما يلي:
    مجموع الإيجارات ثمن الأصل النقدي 

ثمن شراء الأصل نقداً ×  مدة الإيجار بالسنوات
 

          كلفة التاجير=                                                     × 100
         
وبالتالي تصبح كلفة مصادر التمويل المختلفة عبارة عن المتوسط المرجح لكلفة المصادر المختلفة من التمويل كما يلي:
ك و = ك م × وم + ك ح x وح× ك ض × و ض + ك ش × و ش + ك ت × و ت
حيث : ك و = كلفة التمويل المرجحة
ك م = كلفة الأسهم العادية
و م = الوزن النسبي لرأس المال
ك ح = تكلفة الأرباح المحتجزة
 و ح = الوزن النسبي للأرباح المحتجزة
ك  ض = كلفة أموال المضاربة
و ض = الوزن النسبي لأموال المضاربة
ك ش = كلفة الشراء بالأجل
و ش = الوزن النسبي للشراء بالأجل
ك ت = كلفة التأجير المنتهي بالتمليك
و ت = الوزن النسبي للإيجار المنتهي بالتمليك
حيث تم استبعاد كلفة الأسهم الممتازة وكلفة الدين (الفوائد) تماماً من هذه المعادلة كون ذلك محرم شرعاً لأن فيها ربا.


خامسا :  شروط استخدام معدل الخصم المبني على تكلفة الاموال في الاسلام :
          من خلال العرض السابق يشترط في معدل الخصم الذي يمكن استخدامه في الاقتصاد الاسلامي مايلي :
- أن يكون خال من الفوائد الربوية.
- أن يكون العائد المطلوب لتعويض القيمة الزمنية في البيوع والعقود التي لا تنطوي على بيع النقد كما هو الحال في القروض بفائدة.
- أن يكون العائد المطلوب من قبل المموِّل على سبيل التوقع لا الالزام قبل إبرام العقد المقبول شرعا من حيث زيادة الثمن الاجل عن الثمن النقدي.
المعيار الثاني : اقتراح نسبة العائد التشغيلي القطاعي كمعدل للخصم ضمن أحكام الشريعة الاسلامية:
يمكن استخدام هذه النسبة كمعدل للخصم بحيث يتم تقسيم الأنشطة الاستثمارية إلى قطاعات (صناعة/ تجارة/ زراعة / خدمات .....الخ ) كما يتم تقسيم القطاعات إلى ثلاثة مستويات حسب الأموال المستثمرة ( مستوى صغير / متوسط / كبير / )
من خلال قوائم الدخل لهذه الأنشطة يتم استخراج نسبة العائد التشغيلي لكل مستوى في القطاعات بالنسبة التالية :-

                                صافي الربح التشغيلي
                              ــــــــــ
                                  اجمالي الموجودات

يستخرج متوسط العائد التشغيلي لكل مستوى ضمن النشاط بجمع النسب المستخرجة من المعادلة أعلاه وقسمتها على عدد الشركات في كل مستوى  س/ن
حيث (س) تمثل مجموع النسب و(ن) تمثل عدد الشركات .
أن الشركات الداخلة في هذه النسبة هي الشركات الناجحة فقط .
متطلبات استخراج هذه النسبة :
·                                            معلومات دورية يتم تجميعها وتبويبها وإدخالها في الكمبيوتر وإصداره نشرة دورية بالمؤشرات .
·                                            أن تكون المعلومات المقدمة إلى الجهة المسئولة عن الإصدار معلومات سرية وغير قابلة للنشر .


                                     النتائج والتوصيات
خلصت الدراسة إلى النتائج التالية :
1-      وجود مؤشرات مالية لتقييم المشروعات تتفق وأحكام الشريعة الاسلامية  منها مؤشرات مستخدمة حاليا في تقييم المشروعات وهي المؤشرات المالية البسيطة التي لا تعتمد على خصم التدفقات النقدية ومنها مؤشرات جديدة تعتمد على خصم التدفقات النقدية ضمن أحكام الشريعة الاسلامية.
2-      يمكن استخدام المتوسط المرجح لتكلفة الاموال كمعدل لخصم التدفقات النقدية ضمن أحكام الشريعة الاسلامية بعد تعديل طرق احتساب تكلفة كل مصدر من مصادر الاموال بحيث لا يتم اخذ أي عائد غير مقبول شرعا ضمن هذه التكلفة واستخدام النتائج في اتخاذ القرارات الاستثمارية .
3-      كما يمكن استخدام صافي الربح التشغيلي الى اجمالي الموجودات بالنسبة لمستوى النشاط الذي تمارسه المنشأة في القطاع الذي تنتمي اليه كمعدل لخصم التدفقات النقدية .
4-               إمكانية تطبيق هذه المؤشرات في الواقع العملي لتقييم بدائل الاستثمار من قبل المؤسسات الملتزمة بالتمويل والاستثمار الاسلامي .
التوصيات :-
يوصي الباحث بما يلي :
1-      دراسة تطبيق المقترحات التي توصل إليها في هذا البحث  في تقييم المشروعات وخصوصاً من قبل البنوك الإسلامية وشركات التأمين الاسلامية باعتبارها اكثر المؤسسات انتشاراً ولأنها مؤسسات استثمارية معنية بالاستثمار ضمن أحكام الشريعة الاسلامية .
2-               نشر الوعي الاقتصادي الإسلامي بين جمهور المستثمرين وخصوصاً فيما يتعلق بأدوات الاستثمار الإسلامي وطرق تقييمها .
3-               إجراء مزيد "من الدراسات في هذا المجال وصولا إلى معايير مالية إسلامية قابلة للاستخدام من قبل المؤسسات الملتزمة بالتمويل الاسلامي .


المصادر والمراجع

-  الأبجي ،كوثر ، دراسات جدوى الاستثمار في ضوء أحكام الفقه الإسلامي ، مجلة أبحاث الاقتصاد الإسلامي , العدد الثاني , جامعة الملك عبد العزيز 1985 م.
- ابن عابدين ، محمد امين بن عمر، 1984، حاشية رد المحتار على الدر المختار، مصر : مطبعة مصطفى الحلبي.
- الاشقر ، محمد واخرون ،1982، الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الاسلامية ، لم يذكر مكان النشر: مطابع الاتحاد الدولي للبنوك الاسلامية.
 - الاشقر ، محمد سليمان واخرون ، 1998 ،  أبحاث فقهية في قضايا الزكاة المعاصرة، عمان : دار النفائس.
- الترمذي ، محمد بن عيسى، 1408هـ 1987م، الجامع الصحيح، بيروت: دار الكتب العلمية.
- حسن ، أحمد ، 1999، الأوراق النقدية في الاقتصاد الاسلامي : قيمها وأحكامها ، دمشق : دار الفكر.
- الدريني ، محمد فتحي ، 1990 ، النظريات الفقهية ، دمشق : مطبعة جامعة دمشق.
- السالوس ، علي ، بدون تاريخ ، حكم ودائع البنوك وشهادات الاستثمار، القاهرة : مجمع البنوك الاسلامية.
- شبير، محمد عثمان ، 1996م، المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الاسلامي ، عمان: دار النفائس.
- الشماع ، خليل، 1992، الادارة المالية، بغداد:جامعة بغداد.
- شاهين ، فداء ، نظرة إسلامية لمفهوم الاستثمار الرأسمالي وطرق تقييمه : حالة دراسية على المصارف والمؤسسات المالية في الأردن"، الجامعة الاردنية 1993.
- القرضاوي، يوسف، 2003م، فوائد البنوك هي الربا الحرام ، بيروت : مؤسسة الرسالة
- المصري ،مأمون ، تقييم جدوى المشاريع الخاصــة وتطبيقها المعاصرة في الاقتصاد الإسلامي ، رسالة ماجستير, إربد-الأردن : جامعة اليرموك ، 1991 .

- المصري ، رفيق ، 1989، أصول الاقتصاد الاسلامي، دمشق: دار القلم.
- ناصر، سليمان، 2002، تطوير صيغ التمويل قصير الاجل للبنوك الاسلامية ، الجزائر: جمعية التراث.
- النووي ، زكريا محيي الدين بن شرف ، 1984، صحيح مسلم بشرح النووي، بيروت : دار احياء التراث العربي.
- الهيتي، عبد الرزاق، 1998، المصارف الاسلامية بين النظرية والتطبيق، عمان: دار اسامة.
- الوادي وسمحان ،  المصارف الاسلامية : الاسس النظرية والتطبيقات العملية ، ط3 ، دار المسيرة ، عمان 2010.
-



- Besley and Brigham,2000,Essential of Managerial Finance ,U.S.A : Thomas Learning.

- Brigham & Houston , 2000, Financial Manangement,U.S.A : Harcour College Puplisher.

-Gitman,J,Lawrence, 2000, Principles of Managerial Finance, U.S.A:Addison Wesley

- Jones,Charles,1992, Introduction to Financial Management , U.S.A : Irwin-Inc.

- Khan M .Y. & Jain P K., 2004, Financial Management , New Delhi: Tata Mc Graw-Hill Puplishing Company Lim

- Myers, Stewart C. & Brealy,Richard, 2003 , Principles of Corporate Finance, New Delhi: Tata Mc Graw-Hill Puplishing Company Lim
- Ross, Stephen ,2000, Fundamentals of Corporate Finance, U.S.A : Mc Graw- Hill Higher Education. 

- Rssell ,J, Fuller& Janes , 2000, Modern Investment & Financial Analysis, New Yourk : Mc Graw-Hall Boo; Company.

- Weston , J,F, & Brigham,E, 1987 , Essential of Managerial Finance,Illinios:Dryden press.

- Weston , J,F, & copeland T,1986, Managerial Finance, Illinios: Dryden press.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

كتاب مباديء المحاسبة المالية 2024

للتحميل