تـأثير مـبادئ الحـوكمة عـلى الشركـات العائـلية
مقدمة
تلعب الشركات العائلية دوراً مهماً وحيوياً في اقتصاديات الدول وعلى مر العصور والأزمنة ستستمر في القيام بهذا الدور الفعال , وتشير الشركة العائلية الى أي شركة مملوكة بصفة أساسية لأفراد ينتمون الى عائلة معينة , ويقومون بادارتها من أجل تحقيق منافع حالية ومستقبلية , وذلك لمصلحة عدد من أعضاء هذه العائلة , وعلى ذلك فان الشركات العائلية هي مشروعات يلغب فيها الكيان العائلي دوراً ادارياً ومالياً ورقابياً مؤثراً على العمليات الحالية والمستقبلية للشركة , ولبساطة تأسيس هذه الشركات فهي لن تندثر أو يتوقف تأسيس الجديد منها في مختلف دول العالم , فمهما كان حجم التحديات التي تفرضها التحولات الاقتصادية في العالم , فان مثل هذا النوع من الشركات باق ببقاء أشخاص قادرين على العطاء وتحقيق نجاح تجاري واقتصادي ينسب لهم , وينتقل بالتوريث لأبنائهم وأحفادهم .
ان الشركات العائلية الضخمة في الدول الصناعية لها دور كبير في التنمية الاقتصادية ولم تستطع الشركات الكبيرة تهميش دورها بل بالعكس وجدت أنه في الشركات العائلية حلولاً لكثير من احتياجاتها الصغيرة الحجم والمتكررة الطلب , ومن ناحية أخرى , فان الشركات العائلية بطبيعتها تعتبر بعيدة عن ضغوط أسواق المال , والتي تتمثل في ضرورة تحقيق الشركة لنتائج سريعة , وذلك لأنها لا تنتمي لهذه الأسواق , كما لا يوجد لديها حملة أسهم .
وما حدث في الآونة الأخيرة من انهيارات الأسواق المالية أدت الى المطالبة بضرورة وجود مجموعة من الضوابط والأعراف والمبادىء الأخلاقية والمهنية لتحقيق الثقة والمصداقية , حيث أن حوكمة الشركات مفيدة لمنشآت الأعمال , ومن ثم فن الشركات لا ينبغي لها أن تنتظر حتى تفرض عليها الحكومات معايير معينة لحوكمة الشركات , بقدر ما يمكن لهذه الشركات أن تنتظر حتى تفرض عليها الحكومات أساليب الادارة الجيدة التي ينبغي عليها اتباعها في عملها .
القـسم الأول
أولاً : مفهوم وحوكمة الشركـات من منظور مـحاسبي
ثانياً : الأطـراف المؤثرة في التطبيق السليم لمفهوم وقواعد حوكمة الشركـات
مـفهوم وحوكـمة الشركـات من منظور محـاسبي
Corporate governance – An Accounting View :
أدت المشاكل المالية التي تعرضت لها العديد من كبرى الشركات في العالم إلى المطالبة بضرورة وجود مجموعة من الضوابط والأعراف والمبادئ الأخلاقية والمهنية لتحقيق الثقة والمصداقية في المعلومات الواردة في القوائم المالية والتي يحتاج إليها العديد من مستخدمي القوائم المالية خاصة المستثمرين المتعاملين في سوق الأوراق المالية في ظل عولمة وتدويل سوق المال وتزايد أحجام المشروعات نتيجة إجراء العديد من عمليات الدمج بين العديد من الشركات سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي .
كذلك يمكن للحوكمة أن تلعب دوراً فعالاً في مجالات الإصلاح المالي والإداري لشركات القطاع العام والخاص , وزيادة ثقة المستثمرين في القوائم المالية , وتنشيط الاستثمار الوطني وجذب الاستثمارات , وتدعيم الجهاز المصرفي وزيادة قدراته , وتفعيل سوق الأوراق المالية , ودفع عملية التنمية الاقتصادية بقوة .
ويقصد بحوكمة الشركات مجموعة من الآليات والإجراءات والقوانين والنظم والقرارات التي تضمن كل من الانضباط Discipline والشفافية Transparency والعدالة Fairness وبالتالي تهدف الحوكمة إلى تحقيق الجودة والتميز في الأداء عن طريق تفعيل تصرفات إدارة الوحدة الاقتصادية فيما يتعلق باستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة لديها بما يحقق أفضل منافع ممكنة لكافة الأطراف ذوب المصلحة وللمجتمع ككل .
وتسعى حوكمة الشركات بذلك نحو منع التلاعب والتحريف والخداع وتخفيض الأثر السلبي لظاهرة عدم تماثل المعلومات من خلال آليات لتحقيق إحكام الرقابة والسيطرة على كافة الوحدات الاقتصادية وتحقيق مصالح كافة الأطراف , ويتحقق ذلك من خلال قدرتها على تحسين الإطار القانوني والنظامي الملائم لتوجيه حركة النشاط الاقتصادي بكل من المجتمع المحلي والمجتمع الدولي , وبطبيعة الحال يتطلب تحقيق تلك الأهداف ضرورة تحسين فعالية واستقلال مراقب الحسابات .
وتؤدي الحوكمة إلى ترشيد ممارسات المديرين ومجلس إدارة الشركة , وترشيد ممارسات المحاسبين العاملين بالشركات ومراقبي الحسابات وما يقوموا به من أعمال لإظهار المراكز المالية للشركات , وكذلك ترشيد ممارسات المستثمرين وما قد يقوموا به من تأثير على قرارات الاستثمار داخل الشركة , ويؤدي ذلك في النهاية إلى تحقيق الحوكمة لأهدافها والتي تتمثل في تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية وزيادة معدل النمو الاقتصادي , وزيادة ثقة المستثمرين والمتعاملين في سوق الأوراق المالية في المعلومات الواردة في القوائم المالية للشركة .
ومن ناحية أخرى تعرف الحوكمة بأنها حالة أو عملية أو نظام يحمي سلامة كافة التصرفات ونزاهة السلوكيات داخل الشركة , كما تعد حوكمة الشركات بمثابة عملية إدارية تمارسها سلطة الإدارة الإشرافية سواء داخل الشركات أو خارجها .
وتتم الحوكمة من خلال مجموعة من القواعد والنظم القانونية والمحاسبية والمالية والاقتصادية , وأيضاً من خلال التعليمات والتوجيهات التي تصدرها الإدارة لتنفيذ وأداء العمل في كافة الأنشطة داخل الشركة بصورة سليمة مما يؤدي إلى حصول المنشأة على كافة حقوقها وسداد التزاماتها مع التزام مجلس الإدارة والعاملين في قطاعات المحاسبة والمراجعة والرقابة والتفتيش الداخلي , وما يتصل بمراقبي الحسابات الخارجيين بتلك القواعد الحوكمية , وما يجب عمله نحو إيضاح نتائج أعمال الشركة ومركزها المالي بصورة صادقة وعادلة لمستخدمي القوائم المالية خاصة المتعاملين في سوق الأوراق المالية.[1]
وهناك أربعة أطراف رئيسية تتأثر وتؤثر في التطبيق السليم لمفهوم ولقواعد حوكمة الشركات وتحدد إلى درجة كبيرة مدى النجاح أو الفشل في تطبيق هذه القواعد .
1- المساهمين Shareholders : وهم من يقومون بتقديم رأس المال للشركة عن طريق ملكيتهم للأسهم وذلك مقابل الحصول على الأرباح المناسبة لاستثماراتهم , وأيضاً تعظيم قيمة الشركة على المدى الطويل , وهم من لهم الحق في اختيار أعضاء مجلس الإدارة المناسبين لحماية حقوقهم .
2- مجلس الإدارة Board of directors : وهو من يمثلون المساهمين وأيضاً الأطراف الأخرى مثل أصحاب المصالح , ومجلس الإدارة يقوم باختيار المديرين التنفيذيين والذين يوكل إليهم سلطة الإدارة اليومية لأعمال الشركة , بالإضافة إلى الرقابة على أدائهم , كما يقوم مجلس الإدارة برسم السياسات العامة للشركة وكيفية المحافظة على حقوق المساهمين .
3- الإدارة Management : وهي المسئولة عن الإدارة الفعلية للشركة وتقديم التقارير الخاصة بالأداء إلى مجلس الإدارة , وتعتبر إدارة الشركة هي المسئولة عن تعظيم أرباح الشركة وزيادة قيمتها بالإضافة إلى مسئولياتها تجاه الإفصاح والشفافية في المعلومات التي تنشرها للمساهمين .
4- أصحاب المصالح stockholders : وهم مجموعة من الأطراف لهم مصالح داخل الشركة مثل الدائنين والموردين والعملاء والعمال والموظفين , ويجب ملاحظة أن هؤلاء الأطراف يكون لديهم مصالح قد تكون متعارضة ومختلفة في بعض الأحيان , فالدائنون على سبيل المثال , يهتمون بمقدرة الشركة على السداد , في حين يهتم العمال والموظفين بمقدرة الشركة على الاستمرار .
وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم حوكمة الشركات يتأثر بالعلاقات فيما بين الأطراف في نظام الحوكمة , وأصحاب الملكيات الغالبة من الأسهم الذين قد يكونون أفراداً أو عائلات أو كتلة متحالفة أو أية شركات أخرى تعمل من خلال شركة قابضة بما يمكن أن يؤثروا في سلوك الشركة .
كذلك فان الحوكمة تؤدي إلى زيادة الجودة في المعلومات المحاسبية , ومن خلالها يمكن تحديد ومعالجة الانهيارات المالية التي أصابت بعض الشركات ومنع حدوثها مرة أخرى ومعرفة نقاط الضعف التي تؤدي إلى تقليل كفاءة الإدارة والمحللين الماليين . ومن ناحية أخرى فان غياب الحوكمة قد يعرض الشركة للعديد من المصاعب والمخاطر المالية نتيجة لخطر الغش والتلاعب .
القـسم الثاني : حوكمة الشركـات العائـلية
أولاً : مـقدمة
ثانياً : أهـمية حوكمة الشركـات بالنسبة للشركـات العائـلية
ثالثاً : أثر التنوع الاقليمي على ممارسات حوكمة الشركات بالنسبة للشركات العائلية
رابعاً : طـبيعة المـلكية العائـلية
خامساً : مـراحل نـمو وتطـور الشركـات العائـلية
سادساً : تطـور حوكـمة الشركـات العائـلية
سابعاً : أدوات تحليل حوكـمة الشركـات في الشركـات العائـلية
ثامناً : انحـياز نموذج السوق في الإصلاح الحوكـمي للشركـات
أولاً : مـقدمة
تختلف حوكمة الشركات العائلية بصورة جوهرية عن حوكمة الشركات العامة التي يملكها عدد كبير من المساهمين , فامتلاك عائلة ما لشركة يركز السلطة في يدها فيسهل اتخاذ القرارات , الأمر الذي يخفض التكاليف الإدارية كما يسمح باتخاذ قرارات غير تقليدية ولكنها مؤاتية استراتيجياً .
ويساعد نظام الشركة الناجح على بناء الثقة داخل العائلة , في حين تصبح الحيوية العائلية بدورها مصدر قوة للمؤسسة لأنها تسمح لكل قسم منفصل من أقسام الحوكمة بالعمل بصورة أفضل , وإضافة قيمة أكبر مع البقاء متناغماً مع المكونات الأخرى لنظام الحوكمة , ويمكن لقواعد الحوكمة هذه أن تعود بفوائد اقتصادية أكبر .
غير أن الأعمال التجارية المتنامية تصبح معقدة أكثر فأكثر وتخلق متطلباتها الخاصة بشأن إيجاد هيكلية تنظيمية رسمية أكثر مطابقة للأنظمة والقواعد , ويتعين على مديري الشركات العائلية تكييف ممارساتهم الإدارية بحيث تتماشى مع ذلك , والحقيقة هي أن النجاح يدفع الحاجة إلى التكيف والتغيير , وجميع الشركات العائلية تواجه في نهاية المطاف نفس هذا الواقع .
ثانياً : أهـمية حوكمة الشركـات بالنسبة للشركات العائـلية
تنبع الحاجة إلى ممارسة حوكمة للشركات للفصل بين الملكية والإدارة ففي المنشآت العائلية نجد انه لا يوجد فصل بين الإدارة والملكية بمعنى أن أصحاب الشركة هم مجلس الإدارة , وكذلك الإدارة مما يتسبب في خلق النزاعات ومدى تأثيرها على مسيرة الشركة ومن ناحية أخرى مدى تأثير المشاكل العائلية على اتخاذ القرارات الخاصة بالشركة وهذا واضح جدا في الشركات العائلية التي تحتل نسبة كبيرة من نسبة الشركات الصغيرة فنجد أن معظمها تملكها عائلات ومن هنا نجد أن حوكمة الشركات كأنها نظمت لكي تكون أساسية في تلك الشركات , ولكن نجد أن معظم الشركات العائلية لا تميل بالاعتراف إلى أهمية تطبيق الشركات وذلك لعدة أسباب ومنها :[3]
1- كشف بياناتها وموضعها وخططها بالنسبة للشركات المنافسة .
2- معرفة المساهم الصغير الذي يمتلك عدة أسهم قليلة على حقيقة الوضع في الشركة.
3- في بعض الشركات نجد أن الأعراف والتمسك بها أهم بكثير من تطبيق حوكمة الشركات .
4- عدم تعيين أفراد من خارج العائلة في مراكز حساسة مما يؤثر على مركزهم الاجتماعي .
ومن هنا كان لا بد من أن تواجه حوكمة الشركات صعوبات ومقاومة في التطبيق , ومن ناحية أخرى نجد أن حوكمة الشركات أصبحت صناعة تنمو في ازدياد وذلك نتيجة أن الحوكمة هي الباب الأساسي لدخول الشركات إلى الأسواق العالمية وأيضاً إلى أسواق الأوراق المالية لذلك تتطلع الحوكمة إلى عمل المؤتمرات ودعوة الشركات العائلية لحضورها وذلك لمعرفة ما هي الحوكمة وما مدى تأثيرها على الشركات عند تطبيقها , لأنه من خلال هذه المؤتمرات تقوم الحوكمة بتعريف نفسها أو تقديم نفسها وذلك عن طريق عرض مبادئها ومدى الاستفادة من هذه المبادئ في كيفية الفصل بين الملكية والإدارة ومجلس الإدارة وبين وظائف كل واحد على حده وبالتالي تقلل من النزاعات التي توجد داخل الشركات العائلية لأن في الشركات العائلية تختلط الأمور العائلية مع الأمور التي تخص الشركة , وبالتالي سوف يكون لهذا تأثير على نشاط وازدهار الشركة , كما أكد تقرير مركز المشروعات الدولية الخاصة ( CIPE )[4] والذي تعلق بحوكمة الشركات في الشركات العائلية أيضاً على ممارسة حوكمة الشركات التي من شأنها تحسين أداء الشركة ومساعدة المديرين ومجالس الإدارات على تطوير استراتيجية الشركات وضمان اتخاذ قراراتهم بناء على أسس سليمة و أهم ممارسات الحوكمة هو تقليل المخاطر وتشجيع الأداء وتحسين فرص الوصول إلى أسواق المال والقدرة على خلق الشفافية والقابلية للمحاسبة .
ثالثاً : أثر التنوع الاقلييمي على ممارسات حوكمة الشركات بالشركات العائلية :
حوكمة الشركات تكشف عن نفسها بأشكال عديدة من مكان إلى آخر , وبسبب التنوع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي فانه من غير الممكن تحديد مسار موحد ومعايير معينة لتطبيق الحوكمة وتعميمها على الشركات الخاصة وبالذات الشركات العائلية وهكذا يتعين على كل منطقة جغرافية أن تأخذ زمام المبادرة وتقوم بتحديد المعايير والمسارات التي توافق وضعها الاقتصادي وتجعل تطبيق مفهوم الحوكمة ملائماً لها وفاعلاً في سياق إصلاح وتطوير القطاع الخاص ويتوجب على كل من القطاعين العام والخاص في كل دولة دراسة القوانين والأنظمة التي تحدد عمل مؤسسات القطاع الخاص وخاصة الشركات العائلية وبحث أوضاعها الراهنة ومن ثم الدعوة إلى حوار حول رسم نظم وقوانين تحدد عمل القطاع الخاص والشركات العائلية والنظم التي يجب أن ترتكز عليها والتي من شأنها أن تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وذلك عبر تعزيز قدرات الشركات للمنافسة في الأسواق العالمية والانخراط فيها من خلال معرفة متغيراتها وإدراك إدارة القطاع الخاص والعائلي لأهمية الشفافية والمصداقية والمسؤولية التي تتوجب عليهم كصانعي قرار في الشركات .[5]
رابعاًً : طـبيعة الـملكية الـعائلية
لا تركز مجموعات الملكية العائلية السيطرة بيد أفراد العائلة وحسب , بل تتصف أيضا أحيانا كثيرة بتعلق قوي بشركاتها , ويمكن أن يكون لدى العائلة احساس بالواجب الأخلاقي ازاء أصحاب المصلحة الآخرين في الشركة , بل قد تنظر أيضاً الى أعمالها التجارية كوسيلة لتقديم مساهمة ايجابية الى المجتمع , وعلاوة على ذلك , كثيراً ما ينظر أصحاب الشركات العائلية الى شركاتهم كارث اجتماعي أسسته وطورته الأجيال السابقة ويجب أن تستمر مع الأجيال اللاحقة .والافتقار إلى السيولة المتوفرة هو أيضاً اختلاف هام بين الشركات ذات الملكية العامة وذات الملكية العائلية , ويصعب في الكثير من الأحيان التخلي عن ملكية الشركات العائلية , وتضع بعض العائلات قيوداً قانونية على بيع الأسهم كما أن العديد من الشركات العائلية يمتلكها أفراد , ويمكن أيضاً أن تدخل السياسة الضريبية في اللعبة , جاعلة بيع الأسهم في الشركات العائلية مكلفاً أكثر من الملكية المستمرة .
ويميل امتلاك الأسهم في شركة عائلية الى حشد ثروة الأفراد في أصول واحدة , ففي مجموعات الملكية العائلية , تكون نسبة مئوية غير متناسبة من الثروة الصافية للعديد من الأفراد موظفة في الشركة العائلية. وهذا يعني أن أصحاب الشركة العائلية كمجموعة من المستثمرين تكون لديهم نسبة أقل من التنوع ومخاطر أعلى مما كانوا سيواجهونه لو كانوا مستثمرين في سوق الأسهم الأوسع , ويدفع مثل هذه المخاطر الشديدة أصحاب الشركات العائلية الى إعطاء استثماراتهم اهتماماً أكبر كما يميل الى جعلهم أكثر نشاطاً وانخراطاً في أعمال الشركة . وهذا بدوره , يجعل العائلات ملتزمة أكثر باصلاح العيوب في شركاتها بدلاً من الهروب منها اقتصادياً , وفي بعض الأحيان , يمكن أن يبدو هاجس المحافظة على سمعة العائلة بنفس الأهمية التي تعطى للمحافظة على الاستثثمارات العائلية الجماعية في الشركة .
تبدأ معظم الشركات العائلية مع مؤسس صاحب مشروع , وفي البداية , يجسد المؤسس نظام الحوكمة بصفته المالك صاحب السلطة المطلقة ومدير أعمال الشركة , وفي حين يستخدم مؤسسو الشركات , أحياناً كثيرة , مجالس استشارية , الا أنهم يحتفظون بصورة عامة بجميع حقوق اتخاذ القرارات , وفي الكثير من الحالات , يكمن التحدي الرئيسي بالنسبة للمؤسسين في تقرير كيفية تحقيق استدامة شركاتهم العائلية من خلال ضمان من يخلفهم فيها . ويسعى بعض المؤسسين الى اختيار وريث واحد قادر على اعادة خلق السلطة المركزة للمالك – المدير – غير أن عدداً أكبر منهم ينظر الى الشركات العائلية كارث جماعي ويوزعونه على أفراد العائلة .
وعندما تنتقل الملكية عبر الأجيال , فأنها تمر في مراحل متميزة , والمرحلة الأولى هي شراكة الأخوة أو الشراكة العائلية , حيث يتقاسم الوالدين الملكية مع أبنائهم , وفي نهاية الأمر , ينتهي دور الوالدين ويتقاسم الأخوة الملكية بروح الشراكة , ويتعين عليهم أن يقرروا في ما بينهم كيف سيديرون الشركة , حيث أنه في هذه المرحلة يمكن للأشقاء أن يجلسوا معاً ويتشاوروا بصورة غير رسمية , وهم يشكلوا أحياناً مجلساً للمساعدة في التوصل الى الاجماع على استراتيجية معينة , وفي هذه المرحلة , قد تبدأ الأدوار في التميز اذ قد يكون بعض الأخوة نشطين في الشركة بينما لا تكون هذه حال الآخرين . وعند هذه النقطة , يصبح مستوى الثقة بين أفراد العائلية هو المحدد في الكثير من الأحيان لما ستكون عليه ممارسات الحوكمة الرسمية .
أما الجيل الثالث من الورثة فيضم في الكثير من الأحيان كجموعة متباينة من أفراد العمومة . ويغير هذا عادة حجم العائلة ويؤدي الى تمييز أكبر بين أدوار أفراد العائلة , فقد يواصل أفراد العائلة المشاركة في الادارة , وفي مجلس الادارة وفي الملكية , وقد يصبح حجم حصص الملكية متباين بشكل متزايد مع بقاء بعضها مركزة , ويمكن لأفراد العائلة أن يكونوا نشطين بدرجات مختلفة في الشركة , وفي الادارة , وقد لا يعكس مستوى مشاركتهم بالضرورة مستوى مصلحتهم الاقتصادية , وتقود هذه التعقيدات بصورة عامة الى تطوير ممارسة أكثر رسمية للادارة , وعندما تخرج ملكية الأكثرية من الادارة , يأخذ مجلس الادارة أحياناً كثيرة صفة الهيئة المؤتمنة الى حد أكبر , وكثيراً ما يحتد مدى تنامي الثقة مباشرة بين المالكين المسيطرين وقادة الادارة الشكل الذي ستتخذه الحوكمة الرسمية في هذه المرحلة وما اذا كانت العائلة قادرة على الاستمرار في ايجاد ادارة فعالة .
ثم تؤدي مرحلة التوريث العائلية التالية الى تغيير هام آخر في حجم الملكية , وفي هذه المرحلة , يشكل تطور الحوكمة العائلية الذي يعمل بموازة حوكمة ادارة الأعمال التجارية , أحياناً كثيرة , سمة اضافية لنظام حوكمة يتزايد طابعه الرسمي وتعقيده , وقد يواصل أفراد العائلة مشاركتهم في جميع أوجه نظام الحوكمة , رابطين بذلك بين الملكية ومجلس الادارة والادارة , وكثيراً ما تكون الشركة قد تحولت , في هذه المرحلة الى شركة قابضة ( أي شركة تسيطر على شركة أو شركات أخرى عن طرق حيازة أسهمها ) , مما يخلق الحاجة الى تشكيل مجلس ادارة قادر على ادارة مجموعة من مؤسسات الأعمال بشكل استراتيجي.
سادساً : تـطور حوكمة الشركات الـعائلية
مع نمو الشركة , تصبح أكثر تعقيدا وتخلق متطلباتها الخاصة في ايجاد هيكلية تنظيمية رسمية أكثر وفي حين أن تكييف ممارسات الحوكمة مع الحاجات الناشئئة للعائلة والشركة أثناء نموها عملية معقدة جداً وصعبة , الا أنها أيضاً عملية لا مفر منها مع مرور الزمن . فالنجاح يدفع الى ضرورة التكيف والتغيير . وفي نهاية المطاف تزاجه جميع الشركات العائلية هذا الواقع .
ونظراً لكون دورات حياة العائلات والأعمال التجارية تتحدى أحياناً كثيرة فعالية ممارسات الحوكمة القائمة , نجد أن الشركات العائلية تولي عناية كبيرة لتكييف ممارساتها مع مرور الوقت . فمع كل جيل يتوارث الشركة أو تغيير في حجم العمل التجاري , تواجه الشركات العائلية أحياناً كثيرة الحاجة الى خلق نظام جديد لحوكمتها . ويمكن أن تقود دورات حياة الشركات العائلية الى تغييرات جوهرية في أدوار ووظائف وممارسات نظام الحوكمة . وتعمد العائلات في كثير من الأحيان الى دراسةأفضل ممارسات إدارة الأعمال الحالية لدى مواجهتها معضلة التغيير . غير أن العائلات تميل , بدلاً من الاكتفاء بتبني أفضل الممارسات المحددة للقواعد , الى تكييف هذه الممارسات مع ثقافتها التاريخية للأعمال التجارية , مجددة بذلك فعالية وسيلة حوكمتها مع مرور الوقت .
سابعاً : أدوات تحليل حوكمة الشركات في الشركات العائلية
يوجد سبع أدوات رئيسية لحوكمة الشركات , تقوم مؤسسات التمويل الدولية باستخدامها لتحليل حوكمة الشركات بالشركات العائلية وهي :[7]
1- صحيفة التعليمات ( ( Instruction sheet: الغرض هنا من صحيفة التعليمات هو وصف وتوضيح كل أداة من الأدوات الرئيسية لحوكمة الشركات وكيفية استخدامها ومن الذي ينبغي إجراء مقابلة معه في خلال عملية استعراض ومراجعة حوكمة الشركات وفي هذه الصحيفة يوجد وصف كامل لكل خطوة من الخطوات المتعلقة بالحوكمة من أول رئيس مجلس الإدارة والإدارة بجميع أعضائها وكذلك رؤساء الأقسام أي إن الصحيفة تمسك من أول رأس الهرم حتى تصل إلى قاعدة الهرم وتحلل وظائف الإدارة بما عليها وبما لها في كل خطوة .
2- لماذا حوكمة الشركات : من خلال هذه المذكرة يتم توضيح كافة الجوانب المتعلقة بحوكمة الشركات وما هي المبادئ التي تقوم عليها الحوكمة وما هو تأثيرها على الشركة وما تأثيرها بعد ذلك بالنسبة لوضع الشركة في السوق التنافسية وما هي النظم والقوانين التي لا بد أن تأخذ بها عند استخدامها لحوكمة الشركات وما مدى مساعدتها في الفصل بين الإدارة والملكية وبين وظائف كل منها على حده وتوضيح أثر ذلك على هياكل الإدارات الداخلية وذلك من خلال تحديد وظائف كل فرد من أفراد المنشأة.
3- منظومة تطور الأداء للشركات العائلية غير المقيدة بالبورصة
تربط منظومة تطور الأداء مابين النواحي الأربعة للحوكمة وهي :
أ- الالتزام بالحوكمة الجيدة للشركات
ب-مجلس الإدارة
ج - الشفافية
د - حقوق المساهمين
ويؤكد استخدام إطار المنظومة على أهمية التحسينات الجارية في ممارسات الحوكمة لدى عملائها وذلك بدلاً من تطبيق معايير متخصصة جامدة ونجد أن منظومة تطور الأداء تسمح بصفة خاصة للعملاء أن يقوموا بتقييم الحوكمة في شركاتهم الخاصة في إطار بسيط .
4- قائمة طلب المعلومات للشركات غير المقيدة بالبورصة :
تشكل هذه الأسئلة الأساس في عملية استعراض ومراجعة حوكمة الشركات لدى عميل مؤسسة التمويل الدولية IFC ويتم تنظيم هذه القائمة وفقاً لنفس تنظيم النواحي الأربعة للحوكمة في منظومة تطور الأداء وينبغي أن تقدم قوائم طلب المعلومات إلى الشركة مقدماً بمدة ثلاثة أسابيع على الأقل قبل القيام باستعراض ومراجعة حوكمة الشركات في موقع الشركة كما ينبغي على الشركة أن تحدد موظفاً واحداً يكون مسئولاً عن الإجابة على المعلومات المطلوبة في القائمة وذلك عن كل سؤال من هذه الأسئلة وأن يقدمها إلى مؤسسة التمويل الدولية قبل استعراض ومراجعة حوكمة الشركات في الموقع ويتم تقسيم هذه الأسئلة إلى ثلاثة موضوعات وهي :
أ- الالتزام بحوكمة جيدة
ب-هيكل مجلس الإدارة للشركات وعمله
ج- الشفافية والإفصاح.
5- التعريف النموذجي لاستقلال عضو مجلس الإدارة
أهم التوصيات التي قامت بها الحوكمة بالنسبة للشركات العائلية هي زيادة استقلال مجلس الإدارة عن كل من الإدارة والمساهمين من العائلة المسيطرة وهنا تهتم مبادئ الحوكمة في الفصل بين مسئوليات والتزامات كل إدارة على حده , كذلك الفصل بين أدوار كل من مجلس الإدارة وكذلك الإدارة فيما عليها وما لها فان تحقيق استقلال حقيقي لمجلس الإدارة يقتضي بالضرورة التزام الدقة في تعريف ما الذي يعنيه الاستقلال بالنسبة لعضو مجلس الإدارة وغالباً ما يستخدم هذا التعريف النموذجي لعضو مجلس الإدارة المستقل في أثناء المناقشات والبحث مع العميل وذلك لتوضيح تقييم الاحتياجات الحالية والمستقبلية لمجلس الإدارة .
5- عينة برامج تحسين حوكمة الشركات بالشركات العائلية غير المقيدة بالبورصة:
يجري تفصيل برامج تحسين حوكمة الشركات وذلك وفقاً للظروف والأولويات الخاصة بكل شركة على حده ونجد أن تلك العينات لبرامج تحسين حوكمة الشركات تعطي فكرة جيدة عما أمكن التفاوض بشأنه مع العملاء في الماضي فلذلك يمكن استخدامه كنقاط مرجعية عند وضع البرامج وتنقسم تلك البرامج إلى مرحلتين :
المرحلة الأولى : الإجراءات قصيرة الأجل :
أ- تقوم الشركة بالإفصاح والإعلان عن السياسة الخاصة بحوكمة الشركات بالنسبة للشركة مكتوبة وهذه السياسة لا بد أن تغطي جميع النواحي الآتية وهي هيكل مجلس الإدارة ودور أعضائه وكذلك المكافآت الخاصة بهم بالإضافة إلى إنشاء مجلس إدارة استشاري ولا بد من توضيح ما هي الاتصالات التي تمت مع مساهمي الأقلية ومعاملتهم ونظام المحاسبة والإفصاح ومعاملة المساهمين الآخرين وكذلك دور المحاسب الحاصل على الزمالة وتعيين مراجعين مستقلين بالإضافة إلى نشر جدول زمني بما سوف يحدث في الشركة في الزمن القريب.
ب- إن إدارة المجلس الاستشاري يتكون من ثلاثة أو أربعة أعضاء في خلال عام واحد والغرض من إنشاء هذا المجلس هو :
1- المساعدة في عملية اتخاذ القرار عن طريق تزويد الإدارة ومجلس الإدارة بآراء موضوعية ذات بعد مستقل وبناء على معلومات بالنسبة للنواحي الرئيسية في استراتيجية الشركة وعملياتها .
2- تزويد مساهمي الشركة بمرشحين محتملين وذلك للعمل كأعضاء مجلس إدارة مستقلين .
ج- تقوم الشركة بتوفير سكرتير عام للشركة لكي يكون مسئولاً عن إعداد وتنفيذ اجتماعات مجلس الإدارة والاجتماعات السنوية للمساهمين واجتماعات مجلس الإدارة الاستشاري .
د- تقوم الشركة بتعيين عضو مجلس إدارة منتدب ( مدير تنفيذي رئيسي ) من بين الخبراء الموجودين في السوق .
هـ- تقوم الشركة بالإفصاح والإعلان عن تلك السياسة المتبعة تجاه السياسة البيئية وكذلك السياسة الاجتماعية للشركة تجاه المواطنين .
و- تؤكد تلك الوثائق الأساسية للشركة على ضمان معاملة متساوية لمساهمي الأقلية بما في ذلك اللوائح والنظام الأساسي .
المرحلة الثانية : الإجراءات متوسطة الأجل:
_ أن تقوم الشركة بالإفصاح في تقريرها السنوي المقدم إلى المساهمين عن محتوى ومدى تنفيذ سياسة الشركة المكتوبة الخاصة بحوكمة الشركات وكذلك السياسة البيئية والاجتماعية للشركة تجاه المواطنين .
- أن تقوم سياسة الشركة على تكوين مجلس إدارة استشاري في خلال عام واحد ويقوم هذا المجلس بأربعة اجتماعات على الأقل سنوياً .
- أن تعمل سياسة حوكمة الشركات على حصول كافة أعضاء مجلس إدارة الشركة على تدريب دوري عن دور ومسئوليات أعضاء مجلس الإدارة وفي هذه النقطة تقوم مؤسسة التمويل الدولية بالمساعدة في تحديد المواد وكذلك البرامج التي تساعد في تدريب أعضاء مجلس الإدارة .
- أن تقوم الشركة بالإفصاح في تقريرها السنوي عن مدى التزامها بالميثاق القومي لأفضل ممارسات حوكمة الشركات مع تقديم تفسير عن أي انحرافات تقوم داخل الشركة .
- سياسة حوكمة الشركات تنص على تعيين عضو مجلس إدارة مستقل وغير موظف في خلال سنة واحدة وكذلك تعيين عضو مجلس إدارة ثان مستقل غير موظف في خلال عامين ( ويمكن أن يكون أيضاً عضو بمجلس الإدارة الاستشاري ) .
7- قائمة المراجعة الإشرافية
هي عبارة عن الموضوعات الرئيسية التي ينبغي النظر فيها من جانب موظفي الاستثمار وذلك عند قيامهم بالإشراف على الشركات التي تقوم مؤسسة التمويل الدولية بالاستثمار فيها وبصفة خاصة تلك الشركات التي تقوم بتنفيذ برامج تحسين حوكمة الشركات وذلك لمعرفة موقع هذه الشركة بالنسبة للشركات الأخرى التي في نفس المجال ما هو مدى تفاعل نظام الحوكمة فيها وما هي نواحي القصور في تلك الشركة ؟
الأشخاص الذين تجري مقابلتهم بشأن حوكمة الشركات
لاستعراض حوكمة الشركات بطريقة متقنة يحتاج موظفو مؤسسة التمويل الدولية إلى القيام بمناقشات مباشرة مع الأشخاص الذين يلعبون أدواراً متعددة للحوكمة في الشركة وبالتالي يوجد عدد معين من الأشخاص الذين يتم عادة إجراء مقابلات معهم مع الأخذ في الاعتبار اختلاف شركة عن شركة في المسميات وفي تقسيم المستويات :
- المساهمون من أعضاء العائلة من غير العاملين في الشركة
- أصحاب الشركة من العائلة المالكة للشركة وكبار المديرين من العائلة
- رئيس وأعضاء مجلس الإدارة
- كبار موظفي الإدارة من المتخصصين والمهنيين ومن غير أعضاء العائلة
- عضو مجلس الإدارة المنتدب أي الموظف التنفيذي الرئيسي
- رئيس الإدارة المالية
- رئيس الإدارة القانونية للشركة
- المراجعون الخارجيون
وإذا لزم الأمر ينبغي أيضاً مقابلة :
- سكرتير عام للشركة
- رئيس المراجعة الداخلية
- المستشارون الرسميون أو غير الرسميين لأصحاب الشركة وكذلك مديرو الشركة
- رؤساء و أعضاء لجان المراجعة ولجان مجالس الإدارة الأخرى
- المساهمون ذوو الملكيات الكبيرة من الأسهم
ثامناً : "انحياز نموذج السوق" في الإصلاح الحوكمي للشركات
تتبلور حوكمة الشركات في أنماط العمل المالية، القانونية والثقافية للعديد من البلدان، فقد انبثق عنها نموذجيْن من حوكمة الشركات : السوق والهيمنة. ويشيع نموذج السوق الخاص بحوكمة الشركات في البلدان التي تكون فيها الأسواق الرأسمالية عالية السيولة وقاعدة المساهمين مشتتة كما هو الحال في الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة, وايرلندا. ويضم هذا النموذج شريحة ضخمة من المستثمرين المشتتين ودون أن يحتوي روابط مسبقة للشركات المُدرجة في الأسواق المالية العامة كما يكون التركيز على الإصلاح الحوكمي للشركات في البلدان التي تطبق هذا النموذج ضمن ممارسات وهياكل مجالس الإدارة التي تضمن بأن يكون مجلس الإدارة هيئة مميزة، يتمتع بالموضوعية وقادر على التعرف وبشكلٍ منفصل على السياسة الإدارية للشركة . كما يُركز أيضا على مجالس الإدارة والمطالب المستقلة على مستوى عالٍ من الإفصاح المالي والتجاري. وتتضمن الأمثلة على الشركات التي تطبق نموذج السوق أكثر الشركات شُهرةً في الولايات المتحدة مثل شركة جنرال إلكتريك و AT&T . ويتمثل أحد جوانب الصعوبة في هذا النموذج بتركيزه على المهمة المستحيلة للحد من كافة الصراعات الحالية والمستقبلية للمنفعة.
يلقى نموذج إدارة حوكمة الشركات رواجاً في آسيا، وأمريكا اللاتينية, ومعظم أنحاء أوروبا حيث لا تكون حقوق الإدارة منفصلة عن المُلكية بالكامل. وينظر هذا النموذج إلى صراعات المنفعة بأنها هي المهيمنة ويسعى لتأسيسها جيداً ولضمان سيطرة العائلة أو المؤسسة على الأمور. ولا يكمن هدف الاستثمار بالنسبة لهؤلاء المساهمين في تحقيق مكاسب على المدى القصير كما هو الحال لدى معظم المؤسسات في السوق، وخاصة للشركات العائلية، بل في الحفاظ على توجه بعيد المدى بالنسبة لاستثمارات المساهمين التي تُفيد الجيل الحالي والأجيال المستقبلية أيضاً. وكمثال على نموذج الإدارة نجده لدى شركة فيات FIAT SA وهي ثالث أضخم شركة إيطالية، حيث تملك عائلة Agneli أكثر من 25% من مُلكيتها ويشكل أفراد العائلة أعضاء مجلس إدارة الشركة كما يُعتبرون جزءا من الفِرَقْ الإدارية لديها. أما بالنسبة للأمثلة الأمريكية على هذا النموذج نجده لدى عائلة فورد Ford حيث تملك 40% من الشركة، وكذلك عائلة Sulzberger المالكة لجريدة نيويورك تايمز حيث يعود 18% من مُلكيتها لها إلى جانب أنهم يُشكلون معظم أعضاء مجلس الإدارة. وبالنسبة للشركات التي تحوي نموذجاً معينا للإدارة، يكون من الطبيعي بالنسبة للمالكين أن يُشكلوا أعضاء مجلس الإدارة.
هذا الجدول يمثل : السمات المميزة لنماذج الإدارة والسوق[9]
نموذج السوق
|
نموذج الإدارة
|
- يلقى رواجاً في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة
- يعتمد على الأسواق العامة
- درجة عالية من المُلكية النقدية
- المساهمون هم مستثمرون غير معروفون وليسوا مدراء
- قاعدة مشتتة من المساهمين
- يملك المساهمون روابط مالية مع الشركة
عناصر الحوكمة
- مستوى مرتفع من الإفصاح المالي
- التركيز على إستراتيجية قصيرة المدى
- أعضاء إدارة مستقلون
- يعتبر المساهمون الشركة بأنها إحدى الأصول
- تعتبر المُلكية والإدارة متباعدتان
|
- يلقى رواجا في أنحاء أوروبا، آسيا وأمريكا اللاتينية
- يعتمد على رأس المال الخاص
- مُلكية غير نقدية
- قاعدة مركزة من المساهمين
- ينظر المساهمون إلى الشركة على أنها أكثر من جزء من الموجودات ويركزون على العوائد المالية وغيرها
عناصر الحوكمة
- السرية
- التركيز على الإستراتيجية البعيدة المدى
- يملك المساهمون حقوقاً بالنسبة للتدفق المالي
- يملك المساهمون روابط مع الشركة أكثر من روابط مالية
- أعضاء مجلس الإدارة مطلعون على كل شيء
- تتشابك الإدارة والمُلكية بشكلٍ واضح
|
وبالمثل، يُعتبر المساهمون في الشركات ذات النموذج الإداري مدراء في نفس الوقت، مما يعني أنهم يمتلكون حقوقا خاصة بالتدفق النقدي. ويُعتبر هذا التركيز الذي تتميز المُلكية به سهل التعريف حيث يُسهل وجود إصلاح حوكمي للشركات يركز على المعاملة العادلة للمساهمين .
انـحياز نـموذج السوق
ربما بسبب التركيز الإعلامي على الحالات المفاجئة للحوكمة السيئة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وللسهولة الموجودة في الحفاظ على المعلومات الخاصة بالشركات العامة، وللكم الهائل من حجم الثروة الموجود لدى الأسواق ذات المُلكية العامة، وللتوصيات الخاصة بحوكمة الشركات والمنتشرة حول العالم، تأسس "الانحياز في نموذج السوق" للحصول على أفضل الممارسات التي تحقق شفافية وإفصاحاً ماليا بدرجة عالية خارج مجالس الإدارة المستقلة التي تسعى لأن تكون موضوعية.
وبالرغم من أنها مرغوبة، يعتبر هذا الميل لأفضل الممارسات الخاصة بنموذج السوق ناقصا بسبب الاعتماد المُفرط على مفاهيم نظرية المنظمة. وبانتشارها الواسع، تعتمد نظرية المُلكية على المشاكل التي تظهر في الشركات العامة عندما يكون هناك فصل للملكية عن الإدارة . وتؤكد نظرية المنظمة على أن الإدارة والمُلكية تسعى وراء أنواع مختلفة من المصالح، في حين قد يهتم المدراء الذين يشغلون مقاما عاليا في الشركة بثروتهم الخاصة أكثر من المساهمين. ويُعتبر المُدراء هم أكثر أشخاص ينبغي مراقبتهم عن قرب للتأكد من عدم خرقهم للقوانين أو الالتزامات التعاقدية. وبسبب تركيزها على الانتهازية الإدارية، تتبنى نظرية المنظمة توجها رقابيا حيث ينحسر دور مجلس الإدارة في مراقبة إدارة الشركة وقيمة التحفيز الخارجي الذي يتمتع بالأهمية القصوى. وكنتيجة للحاجة لوجود انضباط بالنسبة لمشاعر انعدام الثقة في الإدارة استغلت الجوانب الداعمة لنموذج السوق المفاهيم في نظرية المنظمة لحماية مجالس الإدارة المستقلة والخارجية، وازدواجية الرئيس التنفيذي إضافة إلى التعويض من خلال الأسهم. وبالرغم من أن مراقبة الإدارة والتحفيز الخارجي يعتبران في غاية الأهمية ينبغي أن يتوسع تركيز حوكمة الشركات ليذهب لأبعد من هذيْن المفهوميْن وتحديدا بسبب انعدام التوازن في المخاطر، العواقب والمكافآت التي يتم تشاركها.وبالنتيجة، تفتقد ممارسات نموذج السوق إلى الجوانب الرئيسية التالية :
أولا: لا تناقش ممارسات نموذج السوق قدرة مجلس الإدارة على مراقبة الإدارة العُليا الذي يجلب "مفهوما تكميليا" لنظرية الإشراف. وتركز المقومات الإشرافية للنظرية على التعمق في وجهات النظر الاجتماعية والنفسية الخاصة بتعزيز التعاون وصنع القرار بين مجلس الإدارة والإدارة العُليا للشركة من خلال منح القيادة للمدراء. ويتناقص هذا الجانب بعض الشيء بالنسبة لنظرية المنظمة حيث تركز نظرية الإشراف على القدرة الاستشارية لمجلس الإدارة وتعمل على أساس فرضية تشير إلى أن المدراء قادرين على تعريف أنفسهم شخصيا داخل الشركة والسيطرة على مهمتها وتحقيق درجة من الرضا خاصة بالتحفيز الخارجي.
وبعكس النظرة الغير متعمقة بالنسبة لنظرية المنظمة في نموذج السوق، يمكن الربط بين مفهومي المنظمة والإشراف لتشجيع وجود الثقة في القدرات وعدم التركيز على الحدود الإنسانية والصراع المرتكز على المهام وليس على الأفراد لإدارة نسبة متكاملة من الإشراف والتعاون إلى جانب ظهور نوع من التوازن بين الإشراف والتعاون وعوامل الحوكمة لتحقيق نظام فعال لها.
ثانيا: تتجاهل ممارسات نموذج السوق الهُويات المتنوعة لأنواع المستثمرين كالعائلات التي تملك مصالح مختلفة إلى جانب الآفاق الزمنية والإستراتيجيات بالنسبة للمستثمرين في الشركات العامة. وبينما يتم التركيز على القاعدة المشتتة والغير فعالة الخاصة بالمساهمين في الشركة العامة، تُخفق مقومات نموذج السوق في التعامل مع مصالح الشركات ذات المُلكية الخاصة حيث تنظر هذه المقومات لحوكمة الشركات العائلية على أنها تفتقد للموضوعية في امتلاك العائلات تأثير قوي عادة على إدارة الشركة ومجلس الإدارة. ومع ذلك، لطالما كانت الشركات العائلية وبغض النظر عن إطار العمل القانوني ، المالي والثقافي الذي تعتمد عليه ناجحة في العمل ضمن نموذج الإدارة الخاص بحوكمة الشركات. فعلى سبيل المثال، حتى في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حيث يسود نموذج السوق، لطالما كانت الشركات العائلية ناجحة عندما يتعلق الأمر بالمالكين الذين يعملون كمدراء وكأعضاء في مجلس الإدارة. ويرجع نجاح الشركات العائلية وتلك التي تتبنى نموذجا إداريا عموما بسبب تقييم المستثمرين للعوائد الغير مالية وللسلامة البعيدة المدى للشركة. مع استمرار المساهمين في المشاركة في المنافع والقيم المشتركة المتمثلة في مجلس الإدارة، يميل هؤلاء المساهمين لعدم طلب عوائد حالية مرتفعة على مُلكيتهم. ويعتقد المستثمرون في الشركات العائلية بإمكانية استمرار الشركة لتستفيد الأجيال القادمة منها , ففلسفة الاستثمار البعيد المدى للشركات العائلية هي مايُشكل المزايا التنافسية لديها.
وبالنسبة لأي شركة عائلية مثالية، قد يكون نموذج الإدارة فعالا عندما يتعلق الأمر بحوكمة الشركات ولكن لكي تحقق هذه الشركات درجة من النجاح، ينبغي التركيز على المسؤولية. فبالرغم من كل شيء، يشمل موضوع الحوكمة الجيدة القدرة على التعاون و تمتع القادة لديها بمسؤولية ضبط التزاماتهم مع الحفاظ على جو من الثقة والتعاون .
الـنتائـج
1- إن حوكمة الشركات العائلية عبر إنشاء مجالس للعائلة وفصل الملكية عن الإدارة وبناء استراتيجيات فعالة وإعادة الهيكلة والاستعانة بالموظفين الأكفاء هي مطالب ضرورية لبقاء الشركات العائلية بقوتها الراهنة .
2- تؤدي الحوكمة إلى استقرار الأسواق المالية وتشجيع الاستثمارات والقدرة التنافسية والنمو الاقتصادي في الأسواق الناشئة .
3- تؤدي الحوكمة إلى الاستخدام الأفضل للموارد من أجل تعزيز التنمية الاقتصادية وخفض مستوى الفقر.
4- تشكل الحوكمة الخطوة الأولى في تعزيز قدرات القطاع الخاص القيادية , ليس فقط في المسائل الاقتصادية , وحسب , بل في التطور الاجتماعي والسياسي أيضاً من خلال تعلم مهارات التوصل إلى التوافق والاتصالات والدفاع عن القضايا .
5- قد يكون من الضروري أن تقوم الشركات بتقليص نفقاتها لزيادة قدرتها التنافسية عالمياً , فان الاستثمار في الحوكمة الشركاتية يعتبر الأساس الضروري الذي يبعث على الثقة في الشركات بين المستثمرين والموظفين والمديرين , والأساس الضروري للممارسات التي تقود إلى النمو الاقتصادي المستديم .
الــمراجـع
أولاً : الـمراجع العربية
1- د. عبد الوهاب نصر علي , شحاته السيد شحاته , مراجعة الحسابات وحوكمة الشركات ,
الدار الجامعية , الإسكندرية , 2007
2- د. عمرو علاء الدين زيدان , مراحل ومعوقات نمو الشركات الصناعية العائلية ,
المنظمة العربية للتنمية الإدارية , القاهرة , 2005
3- د. محمد مصطفى سليمان , حوكمة الشركات ومعالجة الفساد المالي والإداري , الدار الجامعية, الإسكندرية , 2006
ثانياً : الـمراجع الانكليزية
1- Fame , E , and , M . Jensen , 2000, Separation of Ownership and Control . Journal of Law and Economics
2- L.A.A.Van den Berghe and Steven Carchon , Corporate Governance Practices in Flemish Family Business ,Journal of Flemish Family Business , 2002
3- Monks R.A. and N. Minow . 2000. Corporate Governance . Blackwell
ثالثاً: مـواقع انترنت
www.hawkama.com
[1] - د. عبد الوهاب نصر علي , شحاته السيد شحاته , مراجعة الحسابات وحوكمة الشركات , الدار الجامعية , الإسكندرية , 2007 ,
ص 14-20
[3] - لمزيد من المعلومات يمكن العودة إلى :
د. محمد مصطفى سليمان , حوكمة الشركات ومعالجة الفساد المالي والإداري , الدار الجامعية , الإسكندرية , 2007 , ص 249-250
www.cipe-arabia.org
1- CIPE يسمى مركز المشروعات الدولية الخاصة ويشجع على الإصلاحات الاقتصادية الموجهة للاقتصاد نحو تبني مبدأ السوق الحرة من خلال العمل مباشرة مع القطاع الخاص في الأسواق النامية والناشئة, وتقوم الطريقة المؤسساتية التي ينتهجها مركز المشروعات الدولية الخاصة إزاء الحوكمة الشركاتية على الجمع بين الخبرات الدولية والمعارف المحلية لأجل التوصل إلى وضع الآليات لتحسين الحوكمة الذاتية في الشركات .
[5] -www.cipe-egypt.org
[6] - د. عمرو علاء الدين زيدان , مراحل ومعوقات نمو الشركات الصناعية العائلية , المنظمة العربية للتنمية الإدارية , القاهرة , 2005 , ص236-238
[7] - لمزيد من المعلومات يمكن الرجوع إلى :
- د. محمد مصطفى سليمان , مرجع سابق , 252-255
www.hawkama.com -
Monks R.A. and N. Minow . 2000. Corporate Governance . Blackwell -
[8] - Fame , E , and , M . Jensen , 2000, Separation of Ownership and Control . Journal of Law and Economics PP : 301-326
[9] - L.A.A.Van den Berghe and Steven Carchon , Corporate Governance Practices in Flemish Family Business ,Journal of Flemish Family Business , 2002 , pp : 225-230
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.