الإطار المحاسبي لتسعير الخدمات المصرفية
تهتم قرارات التسعير في المصارف بمعالجة حالتين, إحداهما تسعير الخدمات النمطية والتي تقدم للزبائن اعتيادياً خلال العمليات اليومية , والحالة الثانية هي تسعير الخدمات المصرفية الاستثنائية أو الخاصة أو غير النمطية وستعالج الفقرات الفرعية التالية بشكل أساسي الخدمات النمطية مع الإشارة إلى الأساليب التي يمكن عبرها تسعير الحالتين من الخدمات (النمطية/ غير النمطية).
أولاً : الأساليب المستندة إلى تحليل التعامل مع الزبون :
من تسميتها تستند هذه الأساليب في تسعير الخدمات المصرفية على دراسة وتحليل علاقة الزبون مع المصرف وهى :
1. فرض رسوم خدمه موحده على الودائع :
يُعد هذا أقدم وأبسط أسلوب لتسعير الخدمة المصرفية، وأقل جهدا وواقعية ويتضمن الأسلوب إما فرض رسم موحد علي كل الودائع الجارية ، أو علي تلك الودائع التي يزيد رصيدها عن الحد الأدنى المعين أو تقع ضمن مدي معين . فهو إذن ، لا يأخذ بعين الاعتبار نشاط الحساب (حركته ) خلال المدة. وتعتمد إدارة المصرف علي البيانات المحاسبية عن التكلفة في تحديد رسوم الخدمة المذكورة . فمثل هذه البيانات تشير إلي الحد الأدنى من رصيد الودائع الجارية، وإذا ما هبط الحساب الجاري دونه تصبح كلفة إدارته أعلي من الإيراد المتأتي من توظيفه في القروض والاستثمارات. ويأخذ هذا الأسلوب الشكل الآتي، مثلا: (1) دينار شهريا على كل حساب رصيده يقل عن (300) دينار في الشهر، وهو بهذا المعني يشبه الرسم الجزئي المفروض علي الودائع الصغيرة . وفي الحالات الأخرى ، يفرض الرسم علي شكل فئات من الأرصدة ، مثلا (2) دينار إذا قل رصيد الحساب عن (200) دينار و(1) دينار للحسابات ذات الأرصدة التي تتراوح بين (201- 300) دينار ونصف دينار للحسابات ذات الأرصدة التي تتراوح بين (301-400) دينار خلال الشهر .
من مزايا هذا الأسلوب انه يأتي بإيراد إضافي للمصرف ويؤدي إلى تشجيع ذوي الودائع الصغيرة جدا للتعامل معه ، إضافةً لسهولة حسابه وتطبيقه غير أن هناك عدداً من السلبيات التي يعاني منها هذا الأسلوب ، منها عدم العدالة في فرض رسوم موحدة بغض النظر عن مستوى نشاط الحساب (عدد مرات المدين والدائن خلال الشهر ). وقد حاولت بعض المصارف إحداث تغيير في الأسلوب لتقيل آثار هذه السلبيات وذلك من خلال تقليل الخدمات المقدمة إلي الودائع الصغيرة ، إلى جانب فرض ذلك الرسم عليها ([1]).
2. فرض الرسوم علي الخدمة المقاسة :
وبسبب عيوب الأسلوب الاول ، درجت بعض المصارف علي حساب الرسم بعد السماح بعدد من الشيكات بدون فرض رسوم ، آخذةً بعين الاعتبار متوسط الرصيد الشهري للوديعة الجارية . وتبعاً لذلك يتطلب هذا الأسلوب فرض رسوم علي كل شيك يسحب فوق الحد المسموح به . كما يتضح ذلك من الجدول رقم (1/2/1) أدناه .
جدول رقم ( 1/2/1)
أسلوب فرض الرسوم علي الخدمة المقاسة
متوسط الرصيد (دينار )
|
الرسم (دينار )
|
عدد الشيكات المسموحة بدون رسم
|
300 فما فوق
301- 400
401-500
|
3
2
1
|
10
15
20
|
الشيكات الإضافية تحمل برسم (0.06) جنيه لكل شيك
|
المصدر: خليل محمد حسن الشماع, المحاسبة الإدارية في المصارف , (بيروت : إتحاد المصارف العربية ,1999) ص .101
3. تحليل ربحية الزبون :
تطور هذا الأسلوب بمرور الوقت، عن طريق تكثيف الجهود العلمية المتمثلة بالبحوث والدراسات المتواصلة، حتى غدا اليوم الأسلوب الأكثر اعتمادا في المصارف المعاصرة. وهو يستخدم الآن في تعامل المصرف مع زبائنه من منشآت الأعمال والمودعين من الأحجام المتوسطه والكبيرة . وينطلق الأسلوب من النظرة الشاملة والكلية لعلاقة الزبون بالمصرف , وما تتيحه هذه العلاقة من مقارنه الإيراد بالتكلفة لكي تصبح القاعدة الأساسية في تسعير الخدمات التي تقدم للزبون. فالزبائن يطلبون عادة مجموعه من الخدمات المصرفية ( القروض, الإيداعات , ...إلخ ) وقد إهتمت المصارف بعلاقة الإيداع مع زبائنها لأنها المصدر المهم لمواردها حيث تخدم أرصدة ودائع الزبائن غرضين أحدهما تغطية تكلفة إدارتها والثاني تقديم مصدر التمويل للقروض المصرفية .
من المعروف أن الزبائن لا يستخدمون كل الخدمات المصرفية ، مما يعني أن علي المصرف أن يحدد الأسعار المناسبة لها لغرض الحصول علي الربح (الدخل ) الصافي من تقديمها للزبون. غير أن بعض الخدمات المصرفية لا تولد إيراداً كافياً لتغطية تكلفتها الثابتة . ولذلك فان قرارات التسعير قد تشمل تشكيلة من الاستراتيجيات في مجال توحيد تقديم الخدمات المصرفية لغرض توليد طلب بحجم كافٍ علي خدمات مصرفية معينة . وبذلك يتضمن تحليل ربحية الزبون العلاقة الكلية بين الزبون والمصرف من خلال تحليل كل خدمة مقدمة من المصرف للزبون لتحديد الربحية الكلية , بدلا من تحديد ربحية كل خدمه علي حدا . وعلي ذلك , فهو يساعد إدارة المصرف علي تسعير الخدمات المصرفية , وتحديد الشروط المناسبة للقروض وبما يفي بالحد الأدنى من هدف الربحية للمصرف. وعموماً يمتد تحليل ربحية الزبون ليشمل تحليلات لتحديد نوعية الزبون ( صافى مجهز للأموال أو صافى مقترض ) وتؤثر هذه التحليلات على شروط القروض([2]).
ثانياً: تسعير الخدمات المصرفية علي أساس التكلفة :
تنبع أهمية التكلفة في قرارات تسعير الخدمات المصرفية من كونها نقطة البداية في التسعير تنطلق منها إدارة المصرف علي طريق إزالة بعض عناصر اللاتأكد من قرارات التسعير ، كما تؤلف التكلفة الحد الأدنى أو هامش الحماية أمام إدارة المصرف، بحيث أنها يجب أن لا تسعر الخدمات المصرفية بأقل من التكلفة مع الأخذ في الاعتبار صعوبات تقدير التكلفة وتجميعها وتخصيصها للخدمات المصرفية المختلفة، ويضاف إلى ذلك أنَ بيانات التكلفة تعطي إدارة المصرف مؤشرات عن التكاليف وبالتالي الأسعار التي تحددها المصارف المنافسة لخدماتها.
وقد تنتهج الإدارة سياسة فرض هامش الربح تضيفه علي التكلفة التي تحددها المصارف المنافسة، والتوجه الحالي الاتجاه بالمنافسة إلى نوعية الخدمة المصرفية( المنافسة النوعية ) بدلا عن التركيز علي المنافسة السعرية فقط . ويمكن تناول الأنواع التالية من السياسات السعريه التي تنتهجها المصارف لتسعير خدماتها وفقاً لمدخل التكلفة:
طريقة التكلفة المعلاة :
وفقاً لهذه الطريقة ينبغي في السعر الذي يختاره المصرف لبيع الخدمة المصرفية المعنية أن يغطي كافه التكاليف المتغيرة والثابتة التي يمكن تتبعها لها. فإذا كانت الإيرادات غير كافيه لتغطية هذه التكاليف فيفضل أن لا يقوم المصرف بتقديم الخدمة. بالإضافة إلي ذلك يجب أن يساهم سعر بيع الخدمة بتغطية التكاليف العامة للمصرف، بمعني أن يغطي سعر الخدمة جزء من المصروفات الإدارية والعمومية للمصرف ثم يحقق هامش ربح. وتعتبر معادلة التسعير بالتكلفة المعلاة من أكثر المداخل إستخداماً لتحقيق ذلك حيث يقوم هذا المدخل بتحديد التكاليف التي يمكن تتبعها إلى منتج معين تضاف نسبة معينة محددة مقدما إلى هذه التكاليف للوصول إلى السعر المستهدف وعلي الرغم من أن نظام التكلفة الكلية يعتبر الأكثر استخداماً في التسعير طبقا للتكلفة الكلية المعلاة إلا أنه يمكن أيضًا إستخدام نظام هامش المساهمة ([3]) .
( أ ) التسعير عل أساس التكلفة :
عموماً يركز مدخل التكاليف الكلية عند تسعير المنتجات علي تصنيف التكاليف تبعا لوظائفها وفيما إذا كانت هذه التكاليف الكلية تكاليف إنتاجية (تكاليف منتج ) أو غير إنتاجية (تكاليف فترة ) وبالتالي فعند تحديد السعر بالتكلفة المعلاة المبني علي نظام التكاليف الكلية فان الأساس الذي يتم علي أساسه التسعير هو تكلفة إنتاج الوحدة الواحدة ([4]) ونتيجة لذلك تبقي المصروفات التسويقية (البيعية ) والمصرفات الإدارية دون تحميل علي الوحدات المنتجة لأنها تعتبر تكلفة فترة وبالتالي عند تحديد نسبة الأرباح فإنه يجب اخذ المصروفات غير المحمَلة علي الوحدات والأرباح المخططة في الحسبان([5]) ويتم ذلك عن طر يق إضافة نسبة معينة إلى تكلفة إنتاج الوحدة الواحدة ويراعي في هذه النسبة أن تكون كافية لتغطية المصروفات السابقة (التسويقية والإدارية ) وتحقيق هامش ربح مرضي([6]) .
في بعض الأحيان قد يراد تحديد السعر المستهدف مع عدم توفر نسبة إضافة معينة يفترضها المصرف لأغراض تغطية المصروفات التسويقية والإدارية ولكن تتوفر معلومات عن الربح المستهدف. وهنا يتم التوصل إلى تحديد السعر المستهدف عن طريق:
أولاً : تحديد نسبة الإضافة إلى التكلفة التي يراد بها تغطية التكاليف التسويقية و الإدارية مع تحقيق الربح المستهدف وذلك باستخدام المعادلة :
نسبة الإضافة إلى التكلفة = المصروفات التسويقية والإدارية + الأرباح المخططة
عدد الوحدات × تكلفة الوحدة
كما يمكن تحديد نسبة الإضافة إلى التكلفة بالمعادلة :
نسبة الإضافة = العائد المرغوب علي الأصول المستخدمة + التكاليف غير المحتسبة
عدد وحدات (حجم )البيانات × تكلفة الوحدة المحتسبة
الجدير بالذكر أن التكاليف غير المحتسبة تختلف باختلاف نظام التكاليف المستخدم للتسعير فهي طبقا لنظام التكاليف الكلية تتمثل في التكاليف التي لم تدخل في تصنيع المنتج (مصروفات البيع والإدارة) أما في نظام التكاليف المتغيرة فتشتمل علي تكاليف التصنيع الثابتة وتكاليف البيع الثابتة والتكاليف الإدارية .
ثانياً: وبعد تحديد نسبة الاضافة تتم إضافتها الي تكلفة انتاج الوحدة الواحدة للحصول على السعر المستهدف إجراء .
عموما يواجه هذا النموذج بعدة مشكلات تتعلق بحساب التكلفة الكلية ومن هذه المشكلات([7]):
(1) إرتباط حجم الخدمة المقدمة بالسعر الذي تطرح به وعلاقة الحجم بالسعر وعلاقة السعر بالتكلفة .
(2) كيفية تخصيص التكاليف المشتركة علي الخدمات المصرفية المتنوعة (ساعات العمل، ساعات اندثار المعدات ، المساحة المستخدمة من مكاتب المصرف، درجة استفادة كل خدمة من التكلفة المشتركة .
(3) ضرورة تعد يل السعر الذي يتم التوصل إليه من خلال معادلة (التكلفة المعلاة ) لكي يتم الأخذ بالاعتبارا الأسعار التي تحددها المصارف المنافسة إذ يؤدي إهمال ذلك إلى تفويت فرص مربحة للمصرف في أسواق يسود فيها التسعير علي أساس الهوامش الضيقة والحساسية .
(4) صعوبة تسعير الخدمات المصرفية الجديدة أو غير النمطية علي أساس التكلفة الكلية المحتسبة للخدمات النمطية لعدم توفر بيانات عنها تتعلق بالتكلفة والأسواق) .
( ب ) التسعير علي أساس إستيعاب هامش الربح لبعض التكاليف والمصروفات :
هناك طريقتان يمكن بموجبهما شمول هامش الربح لبعض التكاليف والمصاريف بدلًا عن إحتساب المصاريف ضمن هيكل التكلفة، ويعد ذلك إمتداداً أو تحويراً لأسلوب الإضافة إلى التكلفة الكلية.
بموجب هذا الأسلوب لا يشمل هيكل التكلفة التكاليف الإدارية العامة بما فيها التكاليف التسويقية. وتستخدم في حساب هامش الربح في العديد من المصارف المعاصرة نسبة العائد علي الاستثمار وذلك بموجب المعادلة التالية :
نسبة الهامش المطلوب على التكلفة (حسب أسلوب الامتصاص) =
العائد المطلوب علي الموجودات + التكاليف الإدارية العامة
عدد وحدات الخدمة × تكلفة تقديم الوحدة الواحدة من الخدمة
في ظل هذه الطريقة تشتمل التكاليف التي تتخذ كأساس لتحديد سعر البيع علي التكاليف المتغيرة للخدمة بمعني أن التكاليف الثابتة لا تدخل ضمن هيكل التكلفة تبعا لهذه الطريقة . ولذلك عند تحديد هامش الربح يتم تعديله بحيث يكون كافيا لتغطية التكاليف الثابتة والتكاليف الإدارية مع تحقيق الربح الأصلي المطلوب تحقيقه . ويعود السبب وراء هذا الأسلوب إلى صعوبة تخصيص التكاليف الثابتة حسب الخدمات المصرفية المقدمة والي الوقت والمصاريف التي تتطلبها عملية التخصيص إلى جانب سهولة تطبيقه في حالة إضافة خدمات جديدة يحاول المصرف تحريرها من حقها من التكاليف الثابتة (باعتبارها تكلفة غارقة ) بسبب المنافسة الشديدة في السوق بحيث تستحدث وتطرح لأول مرة([10]). ويتم حساب نسبة الهامش المطلوب على التكلفة بالمعادلة
نسبة الهامش المطلوب على التكلفه (حسب طريقة هامش المساهمة ) =
العائد المطلوب علي الموجودات + التكلفة الثابتة
عدد الوحدات المقدمة من الخدمة X التكلفة المتغيرة للوحدة الواحدة
ثالثاً : التسعير علي أساس التكلفة الإضافية(قرار إضافة أو حذف خدمة) :
يقوم هذا الأسلوب علي إفتراض أن التكلفة المراد إضافتها بسبب الخدمة المضافة إلى سلة الخدمات المصرفية (أو بالعكس حذفها من تلك السلة أو تغييرها) تشترك في التكلفة الثابتة مع الخدمات الأخرى . وإذا كان لدي المصرف طاقات ثابتة فائضة أو غير مستقلة بالكامل (مثل الوقت الفائض في استخدام الحاسوب ، أو في الموظفين أو في المساحات المستعملة لتقديم الخدمة ...إلخ) فان زيادة حجم الخدمات المقدمة حاليا ، أو إضافة خدمات جديدة سوف لا يكلف سوي التكلفة الإضافية ، والتي هي في الغالب تكلفة متغيرة مرتبطة بتقديم هذه الخدمة ، وقد تكون هناك بعض التكاليف الثابتة الخاصة بتقديم الخدمة الجديدة ولكن ليس بنفس ما تحمل به الخدمات المقدمة حاليا وهكذا , وفي ظل هذا الوضع تنشأ فرصه اقتصادية تتمثل في إمكانية توسيع حجم الخدمات القائمة او تغييرها أو إضافة خدمات جديدة بتكلفة اقل للوحدة الواحدة بسبب عدم تحميلها إلا بما يسبب تقديمها من التكلفة الإضافية بما يعني أن هناك قاعدتين للتكلفة إحداهما للخدمات القائمة، والثانية لحساب جدوى توسيع الخدمات القائمة أو إضافة خدمات جديدة.
يقصد برأس المال المستخدم التكلفة التاريخية للأصول التي يتم استخدامها في المشروع لإنتاج السلعة او لتقديم الخدمة . كما يقصد بمعدل العائد على راس المال المستخدم ذلك العائد الذي يرغب الملاك بتحقيقه جرَّاء الأموال المستثمرة في المنشأة . ويختلف معدل العائد على راس المال المستخدم من منشأه إلى أخرى تبعاً لخطورة العمل الذي تمارسه المنشأة. فإذا كانت درجة الخطورة عالية زاد المعدل المطلوب وكلما قلت الخطورة انخفض هذا المعدل , وإذا ما أمكن تحديد كمية المبيعات الممكنة من الخدمة المصرفية فإنه يمكن تحديد سعر البيع الذي يحقق العائد المرغوب على رأس المال المستخدم كما يلي:
سعر البيع = مجموع التكاليف + ( معدل العائد المطلوب X راس المال المستخدم )
عدد وحدات الخدمة المقدمة
يلاحظ أن هذه الطريقة تعترضها صعوبات تتمثل في كيفية تحديد راس المال اللازم وتحديد كمية الخدمة المصرفية المقدمة والتي تعتبر في حد ذاتها عاملاً متغيراً[12] .
خامسأً : التسعير باستخدام إسلوب تحليل التكلفة الحجم الربح :
في مجال خدمة مصرفية يتوقع لحجمها أن يتزايد, فانه لا بد من المقارنة بين ربحيتها الحالية وربحيتها المتوقعة, وبعد زيادة الحجم المطلوب. وفي أي تعديل متوقع للحجم لا بد من التوكيد على مستوى الربح الحالي كحد أدنى واجب المحافظة عليه.
عليه, فإن إدارة المصرف لا بد من أن تأخذ في الحسبان إتجاهات الزبائن عندما تفكر في زيادة حجم معاملاتها من خدمة معينة.
حيث أن :
(الإيرادات من أرصدة الودائع) = (معدل الرصيد) X (نسبة الإيراد)
التكلفة المتغيرة للمعاملة = (الحجم) × (التكلفة المتغيرة للمعاملة الواحدة)
يمكن للمصرف أن يستعيد التكاليف بتوظيف الودائع في موجودات مربحة, أو بفرض الأجور على الخدمات. غير أن المعادلة أعلاه لا تأخذ بنظر الاعتبار إستعادة التكلفة عن طريق فرض أجور على الخدمات. والجدير بالــذكر أن هنالك بدائــل متعددة ومتاحة لتحـديد نسب الإيـــراد ( السعر ) من الودائع من بينها ما يأتي:
أولاً: أسعار السوق النقدي:
نظراً إلى أن صافي العائد من الموجودات المربحة يفوق أسعار السوق النقدي فإن قيمة أرصدة الأصول المودعة ستكون اقل من الواقع. هذا إضافة إلى أن أسعار السوق النقدي تتصف بالتقلب السريع.
ثانياً: الأسعار المستندة إلى تكاليف الأموال:
تعكس هذه الأسعار ما سيدفعه المصرف للمصادر البديلة للأموال لو لم تكن الودائع متوافرة. غير انه خلال المدة التي ترتفع فيها الأسعار, تكون قيمة أرصدة الأموال المودعة اقل من الواقع, بينما سيغالي في قيمتها لو انخفضت تلك الأسعار.
ثالثاً: المردود من محفظة المصرف :
يمثل هذا السعر صافي الإيراد الحالي بعد الضريبة مقسوماً على معدل الموجودات المربحة, غير أن هذا السعر يعكس القيمة الماضية لمصادر الأموال وليس قيمتها الحالية.
رابعاً: المعدل الموزون للأسعار على المزيج " المتوقع " لمحفظة المصرف :
يستند هذا السعر إلى التقديرات وهو لذلك يخضع للتغيرات المتكررة إذا كانت أسعار المحفظة متقلبة. وهكذا, فإن إختيار السعر الملائم ليس سهلاً إذ يجب أن يكون مستنداً إلى التقديرات التي تعكس, بشكل جيد, ظروف المحفظة عبر المدة التي سوف تسرد فيها أسعار الإيرادات.
ثمة تكييفاً آخر للتحليلات أعلاه يطلق عليه في المصارف المعاصرة " حساب الآن " وكيفية تسعيره تقوم على أن هيكل التكاليف يجب أن يتوسع ليشمل الفائدة المدفوعة من قبل المصرف على رصيد الوديعة. ومن بين المداخل الأساسية في معالجة ذلك اختيار معدل رصيد يعمل كحد أدنى- رصيد أدنى - يمكن بواسطته تغطية كل التكاليف على افتراض عدد معين من الشيكات التي تتم مناولتها.
يعد تسعير " حساب الآن " معقداً نسبياً, فهي حسابات بديلة عن الحساب الجاري وتتفاوت المصارف المتنافسة في صياغة جداول التسعير هنا من حيث الرصيد الأدنى من الودائع, والأجور الشهرية, والأجور قبل سحب الشيك, وغير ذلك من متغيرات. ويتراوح رصيد الحد الأدنى لكل حساب بين صفر و (1500) دولار أو أكثر. فالأرصدة الواطئة المطلوبة تجتذب المودعين الصغار أو ذوي الأرصدة القليلة, في حين أن الأرصدة الأعلى تعمل على المحافظة على الزبائن المربحين وتشذيب الزبائن غير المربحين. وغالباً ما تقترن الأرصدة الواطئة بأجور شهرية أعلى على الخدمة لكل شيك, والعكس صحيح بالنسبة للأرصدة الأعلى. وهنالك عدة اتجاهات سائدة بهذا الخصوص منها:
الاتجاه الأول: تسعير الحسابات بواحد من بدائل ثلاثة:
أ. سعر يشمل الأجور الشهرية أو الأجور لكل شيك.
ب. إزالة شرط الخدمة المجانية الشهرية للشيك الواحد.
ج. عدم فرض أية أجور إذا تم التزام الزبون بالرصيد الأدنى.
الاتجاه الثاني: شيوع استخدام التسعير المجاني المشروط.
الاتجاه الثالث: زيادة الحد الأدنى لكل من مستوى الرصيد والأجور الشهرية أو أجور الشيك الواحد بسبب زيادة التكاليف.
الاتجاه الرابع: إتاحة عدة جداول بديلة أمام الزبون لاختيار أحدها, وهي تتفاوت في التفاصيل ولكنها من مستوى تكلفة واحدة.
الاتجاه الخامس: يدل التنوع في بدائل التسعير على المنافسة الشديدة في السوق على هذا النوع من الحسابات . .
سابعاً : تسعير الخدمات غير النمطية :
يقصد بالخدمات غير النمطية تلك الخدمات التي لم يتعارف المصرف على تقديمها بشكل دائم , كما تشير إلى الخدمات الجديدة التي ينوى المصرف طرحها في السوق أو تلك الخدمات التي ينوي المصرف تقديمها في ظل ظروف غير متكررة أو إستثنائية أو تلك الخدمات التي ينوي المصرف طرحها في أسواق خارج القطر لها خصوصيتها . وقد تعارفت الأسواق والمتعاملين فيها على أن الخدمات الجديدة عادة ما يتم طرحها بشكل تجريبي في البداية كعينة في الأسواق أو لفئة معينة من الزبائن وذلك بهدف الحصول على بيانات إضافية ذات صلة بقرار التسعير لاحقاً. وفى الغالب يتم التسويق التجريبي لمثل هذه الخدمات في أسواق مختلفة وبأسعار متفاوتة . وتبعاً لذلك يمكن لادارة المصرف تقدير حدة المنافسة التي يحتمل أن تواجهها الخدمة الجديدة والعلاقة بين السعر والحجم ومدى إسهام الخدمة المعنية في تعزيز ربحية المصرف .
في بعض الأحيان يكون سعر الخدمة المصرفية الجديدة أكثر تحديداً من تكلفتها مما يعني أن المسالة تتجه إلى البحث عن كيفية تقديم الخدمة الجديدة بتكلفة وبهامش ربح لا يتعديان في مجموعهما السعر السائد في السوق
ثامناً : تسعير الخدمات الخاصة أو الاستثنائية ( طلبية بيع خاصة) :
قد يحصل المصرف على طلب لتقديم خدمة خاصة للمصارف الخارجية في مجالات (الاعتمادات المستندية مثلاً) . يتطلب هذا الوضع من المصرف التعرف على الجوانب الشكلية للطلبية والمتمثلة في الآتي:
1. وجود طاقة عاطلة آو فائضة يتحمل المصرف بسببها تكاليف ثابتة ولا بد من العمل على تغطيتها أو تغطية جزء منها على الأقل .
2. مواجهة ظروف المنافسة الحادة في الأسواق فيما يتعلق بتقديم خدمات معينة للزبائن .
3. معالجة ظروف معاكسة في عمليات المصرف مثل الكساد أو هبوط الطلب أو نضوبه على خدمات المصرف أو خدمات بعينها. على المصرف التعرَف على التكاليف التفاضلية والتي تتمثل في التكاليف المتغيرة للطلبية بالإضافة للتكاليف الثابتة الخاصة بالطلبية إن وجدت , أما التكاليف الثابتة العامة فهي تعتبر تكلفة غارقة لا تفيد في التحليل لان المصرف سيتحملها سواء قام بتقديم الخدمة ام لم يقم بتقديمها , مع الأخذ في الاعتبار ضرورة الوفاء بالشروط الفنية ويمكن أن يذهب التحليل أكثر من ذلك عبر تناول التكاليف الخاصة بالطلبية ومدى توفر تكاليف فرص بديلة وما إلى ذلك .
وباستعراض مختلف سياسات وطرق تسعير الخدمات المصرفية يري الباحث ان إستخدام إسلوب فرض رسوم موحدة على الودائع اصبح غير واقعي لان الواقع إختلاف درجة نشاط حسابات العملاء كما ان العملاء اصبحت حساسيتهم متزايدة تجاه عدم التمييز في المعاملة . ولمعالجة ذلك إعتمدت بعض المصارف حدوداً مسموح بها في التعاملات لايتم في مقابلها تحميل العملاء برسوم وذلك عبر إستخدام اسلوب فرض الرسوم على الخدمة المقاسة وايضاً يري الباحث ان هذا الاسلوب قد لايعكس تطلعات العملاء لان المعاملات بنظرهم ليست واحدة لانها تختلف من حيث الحجم والمحتوي .
بالنسبة لأسلوب تحليل ربحية الذبون يري الباحث ان استخدام المصارف لهذا الأسلوب يتطلب توفر قاعدة بيانات ضخمة لدي المصارف عن عملائها وعن تكاليف الخدمات المصرفية التي تقدمها لهم والتمييز بين الخدمات ذات العائد المرتفع والخدمات ذات العائد المنخفض الامر الذي تفتقدة المصارف السودانية في الوقت الراهن, وربما عند إكتمال عمليات توطين التقنية المصرفية مع زيادة البحث في مجالات تحديد تكاليف الخدمات المصرفية ربما يمكن للمصارف السودانية تبني هذا الاسلوب في تسعير خدماتها المصرفية في مقبل الايام .
بالنسبة للتسعير وفقاً لاسلوب التكلفة يري الباحث ان إستخدام اسلوب التكلفة الكلية يأخذ بتقسيم التكاليف تبعاً لوظائفها ويتم التسعير تبعاً لذلك على أساس تكلفة انتاج الوحدة الواحدة ولايأخذ بالاعتبار التكاليف التسويقية والادارية ويتبني لتغطيتها إضافة نسبة معينة الي تكلفة انتاج الوحدة الواحدة على أن تحقق هذه النسبة تغطية هذه التكاليف وتحقيق هامش ربح مرضي . ويري الباحث ان تحديد الربح المستهدف ابتداءً يفقدة عامل الدقة في التحديد لان الربح يخضع لعوامل عدة تمثل متغيرات لايستطيع المصرف التحكم في أكثرها مثل تأثيرات المصارف المنافسة وظروف السوق وتفضيلات المستهلكين ، الامر الذي يصبح معة إستخدام الاساليب التي تعتمد إضافة نسبة معينة الي التكلفة لتسعير الخدمات المصرفية مواجهة بكثير من المخاطر التي قد تعصف بموقف المصرف في السوقٍ ،
وبالرغم من ذلك يري الباحث إمكانية الاخذ باساليب التكلفة لتسعير الخدمات المصرفية الجديدة على إعتبار ان تسعير الخدمات المصرفية الجديدة يحتاج فقط الى حساب التكلفة المتغيرة للوحدة, الامر الذي يحقق ميزة نسبية للمصرف في السوق كما يتماشي مع سياسة تقديم الخدمات المصرفية على اساس كشط السوق. مع تأكيد الباحث على ان أفضل الاساليب التى تعتمد على التكلفة لتقديم الخدمة المصرفية الجديدة يظل هو اسلوب التكلفة الاضافية لانها تحتسب على اساس التكلفة المتغيرة بالاضافة للتكلفة الثابتة الخاصة بالمنتج . بالنسبة للتسعير وفقاً لاسلوب تحليل التكلفة الحجم الربح والذي يعد اسلوباً مناسباً لتسعير الخدمات المصرفية التي يميل معدل تكلفة الوحدة الواحدة منها الى الانخفاض عندما يتزايد الحجم ،يري الباحث إمكانية الاخذ بهذا الاسلوب في الحالات التي يريد فيها المصرف التوسع الافقي في تقديم الخدمة المصرفية المعينة على ان يسبق الاخذ بهذا الاسلوب دراسات عن ردود الفعل المحتملة من الزبائن والمنافسة وظروف السوق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.