الثلاثاء، 19 فبراير 2013

القياس المحاسبي للتكلفة الإجتماعية لتلوث البيئة

للتكلفة الإجتماعية لتلوث البيئة
مقدمة البحث:
تزايد الإهتمام بمفهوم المسؤولية الإجتماعية، نتيجة التغيرات القِيمية والأخلاقية في المجتمعات الإنسانية، وبسبب حرص كثير من دول العالم على تنفيذ برامج تنمية الموارد البشرية، والنظرة الحديثة للفرد والمجتمع، والرغبة في السعي نحو تحقيق قدر من العدالة الإجتماعية وحقوق الإنسان، وإيجاد توازن إيجابي بين مصالح مالكي منشآت الأعمال، ومصالح المجتمع بفئاته المتعددة، مما تطلب العمل على تخفيف حدة التعارض بين المصالح المتضاربة لجميع هذه الأطراف. كما برزت مفاهيم المسؤولية الإجتماعية للمشروعات الإقتصادية على نحوٍ أكبر، نتيجة الضغوطات التي تعرضت لها هذه المشروعات، من أجل إلزامها بالمشاركة في معالجة مشكلات البيئة، بعد أن اتضح أنّ الحكومات الوطنية لم تعد قادرةً وحدها على حل مشكلات البيئة. إنّ قيام كثيرٍ من الصناعات الحديثة، ساهم في القضاء على ثرواتٍ طبيعيةٍ كبيرة، وتسببت في تلويث البيئة، مما أدى إلى ظهور مشاكلَ معقدة، أحدثت أضراراً فادحةٍ بالصحة العامة [1]للإنسان والكائنات الحية الأخرى. وقد فرض ذلك على المشروع الإقتصادي، أن يضطلع بأنشطة متعددة، لا يتحقق من ورائها عائد اقتصادي مباشر للمشروع، كما ترتب على المجتمع أن يتحمل تكاليفَ ليست ذات طبيعة إنتاجية، من أجل إزالة الآثار السلبية التي أحدثتها أنشطة الوحدات الإقتصادية المختلفة، من تلوثٍ للبيئة وإفسادٍ للحياة البشرية بوجهٍ عام. إنّ الإعتراف بالتكلفة الإجتماعية لتلوث البيئة، وإمكانية قياسها والإفصاح عنها، أصبح يلاقي اهتماماً متزايداً منذ بداية سبعينات القرن الماضي، بعد عقد أول مؤتمر للبيئة والإنسان، تحت رعاية الأمم المتحدة في مدينة ستوكهولم في عام 1972، حيث ارتفعت الأصوات المطالبة بحماية الموارد البيئية من التلوث، وضرورة تطبيق معايير الجودة الشاملة، والدعوة للتحول إلى بيئة نظيفة، والحفاظ على الموارد الطبيعية لمنفعة العنصر البشري والأجيال القادمة.
مشكلة البحث:
تعود مشكلة البحث إلى عدم مقدرة الإطار الفكري التقليدي لنظرية المحاسبة، على تقديم إجاباتٍ قاطعة أو حلول جذرية، لعدد من القضايا المحاسبية المستجدة، في مجالات القياس المحاسبي والإفصاح المالي، والتي منها على الأخص: مشكلة قياس الأصول غير الملموسة، وعدم وجود مقاييس معتمدة لقياس رأس المال الفكري، وعدم الإتفاق على تأصيل الموارد البشرية، وصعوبة قياس التكلفة الإجتماعية والعائد الإجتماعي. لقد أجريت دراساتٌ متعددة حول هذه المواضيع، إلا أنها لم تتوصل إلى إيجاد حلول متفق عليها، ولم تسفر عن توفير مقاييس معتمدة، يمكن الاحتكام إليها بشكلٍ تقبل به جميع الأطراف. كما تتعلق مشكلة البحث، بالتحدي الذي يواجه المحاسبة المعاصرة، حول مدى قدرتها على توفير إجراءات وأدوات قياس محاسبيةٍ كمية، لاحتساب التكلفة الإجتماعية على أسس سليمة ودقة معقولة، عوضاً عن المقاييس النوعية الوصفية للأنشطة الإجتماعية، حتى تتمكن المنشأة من حصر التكاليف الخاصة بإزالة التلوث البيئي وخدمة المجتمع، وإعداد التقارير والقوائم الإجتماعية، والإفصاحِ عن هذه التكاليف، بتقديم المعلومات المتعلقة بها للأطراف المعنيّة، بوسائل الإفصاح المختلفة. 
أهداف البحث:
يهدف البحث إلى إبراز دور المحاسبة الإجتماعية، في التعرف على البنود المتعلقة بتكاليف التلوث البيئي، وكيفية تصنيفها وتحديد معالجاتها المحاسبية الممكنة، وتوفير معلومات مفيدة لجميع الأطراف ذات العلاقة بالمنشأة, بمن فيهم أفراد وفئات المجتمع, الذين يتأثرون سلباً أو إيجابا من قيام المنشأة بأنشطتها الإنتاجية المختلفة، وكذلك العمل على إعداد قوائم الأداء الإجتماعي للمنشآت، بشكلٍ يتزامن مع التقارير والقوائم المنشورة عن أدائها الإقتصادي. وقد تمَ التطرق إلى بعض الحلول الممكنة في هذه المجالات، من خلال تناول المحاور التالية:
1.  إلقاء الضوء على مفهوم محاسبة المسؤولية الإجتماعية ومحاسبة البيئة، وتحديد مفهوم وخصائص التكلفة الإجتماعية للتلوث، وبيان العناصر التي تتكون منها هذه التكلفة.
2.  قياس بنود التكاليف التي تتحملها الوحدة الإقتصادية، للحد من التلوث أو التخفيف من آثاره، بغرض المحافظة على نظافة البيئة وسلامتها، وحماية كلٍ من العنصر البشري وثروة المجتمع الحيوانية والزراعية، وثرواته الطبيعية المختلفة من الأخطار البيئية.
3.  قياس تكلفة الأجهزة والمعدات الخاصة بالحد من التلوث البيئي، وبيان كيفية تحميل التكلفة المستنفذة من هذه الأصول ، وتوزيعها على الفترات المحاسبية المتتابعة. 
4.  الإشارة إلى إمكانية الإستفادةِ من بعض مكونات النفايات الصلبة، ومخلفات العمليات الإنتاجية ، بحيث يتم الإستفادة منها كمواد أولية بأسعار رمزية أو بدون مقابل . 
5.  احتساب رسوم المساهمة التي تفرض على الوحدات الإقتصادية، للإنفاق منها على معالجة آثارالتلوث، وتوفير التمويل اللازم لاقتناء المعدات المخصصة للحد من التلوث، كجزء من تكاليف الأنشطة التي تقوم بها الجهات الحكومية أو السلطات المحلية.
6.  التطرق إلى ضرورة تطوير مبدأ الإفصاح والشفافية، بحيث يشمل الإفصاح عن تكاليف الحد من التلوث البيئي، كأحد العناصر الرئيسية لمفهوم المحاسبة الإجتماعية، والإفصاح عن الجوانب الإيجابية والسلبية، للأنشطة التي تقوم بها الوحدات الإقتصادية المختلفة.
مفهوم محاسبة المسؤولية الإجتماعية
يكمن الهدف الرئيسي للمشروع الإقتصادي من الناحية المبدئية، في توجيه ونشر موارده المتاحة، من أجل المحافظة على رأسماله وتعظيم أرباحه. ومن هنا فقد كان الهدف الأول للحاكمية المؤسسية، هو الحفاظ على حقوق حملة الأسهم، وتحقيق أهدافهم الخاصة، بصفتهم من قاموا بتقديم رأس المال، مما جعل مؤشر الأرباح المحققة، هو المعيار الأهم لتقييم كفاءة الإدارة، في استثمار الأموال الموكلة إليها من الملاك. إلا أنَ الوظيفة الإجتماعية، قفزت في الوقت الحاضر، لتكون من أبرز الأهداف الإستراتيجية للمنشآت المختلفة، بعد أن اتسع نطاق مسؤولياتها، لتشمل الإلتزام بتلبية مطالب جميع الأطراف الأخرى ذات العلاقة بها Stakeholders، فأصبحت المنشأة مسؤولةً أمام المجتمع الذي قدّم لها البنية التحتية، وأتاح لها استخدام تسهيلاتٍ كثيرة، ساعدت على تحقيق أهدافها المنشودة، مما حمّل الإدارة مسؤوليةً إضافيةً تجاه المجتمع الذي وجدت فيه المنشأة، وترتب عليها أن تتحمل تكاليف إضافية، إما بصورةٍ طوعيةٍ من تلقاء نفسها، أو بطريقة إلزامية تفرضها عليها الجهات الرسمية المختصة، بهدف الحد من النتائج السلبيّة لأنشطتها الإنتاجيّة المختلفة. وقد استلزم ذلك إيجاد حوافز معينة، واتخاذ إجراءات اقتصادية وقانونية وأخلاقية، تؤدي إلى قيام الصناعة بدورها في تحمل جزءٍ كبيرٍ من التكلفة الإجتماعية، [2] واتخاذ الوسائل والإجراءات الكفيلة بالوقاية والحد من التلوث البيئي، وإزالة الأضرار التي تسببت هي نفسها في إحداثها. وبذلك اتسعت مجالات المسؤولية الإجتماعية للمنشآت المعاصرة، لتشمل كلاً من الأمور الآتية[3] :
1.  المحافظة على جودة البيئة ونظافتها، والعمل على حمايتها من التلوث، ضمانا لسلامة أفراد المجتمع من الناحيتين الصحية والمعيشية.
2.  تحقيق أمان وجودة المنتجات، بحيث لا يُلحق استهلاكها أو استعمالها أضراراً بالمجتمع، أو بالبيئة التي تعيش عليها الكائنات الحية بوجه عام.
3.  المحافظة على أمان وصحة العاملين، وتوعيتهم وإرشادهم من أجل حمايتهم من الأخطار التشغيلية، إضافةً إلى تقديم العناية الطبية اللازمة لهم، والإهتمام برفاهيتهم بشتى الطرق، التي منها تأسيس نوادي رياضية واجتماعية، وتحسين البيئة المحيطة بظروف عملهم، وفق معايير السلامة التي لا تكتفي بتوفير الحد الأدنى [4].
4.  الحفاظ على الموارد الطبيعية للمجتمع، وحمايتها من سوء الإستغلال والإستخدام الخاطئ، حتى لايتم استنفاذها، دون تحقيق المنفعة المرجوة منها.
ويمكن النظر إلى مفهوم المحاسبة الإجتماعية، من خلال ثلاثة مداخل واتجاهات رئيسية:
المدخل الأول
اعتبار المحاسبة الإجتماعية، امتدادًا لمجال المحاسبة المالية التقليدية، بحيث تقوم المحاسبة بتغطية الأداء الإجتماعي للمنشأة، من خلال تطوير المهارات والنظم المحاسبية التقليدية، ليكون باستطاعتها إجراء التحليلات، وتقديم الحلول المالية الملائمة للمشاكل ذات الطبيعة الإجتماعية، والعمل على تضمين القوائم والتقارير المالية التقليدية، بياناتٍ وافية عن الأداء الإجتماعي للوحدة الإقتصادية، بالإضافة إلى البيانات الأساسية عن أدائها الإقتصادي.
المدخل الثاني
وينظر هذا المدخل إلى المحاسبة الإجتماعية على أنها الإطار الفكري العام للمحاسبة، ولمدى أشمل من كونها فرعًا للمحاسبة المالية، ويجعل باقي المحاسبات الأخرى تابعةً لها. وهذه نظرة جديدة للمحاسبة بمفهومها الواسع، تستلهم مفاهيمها من ثقافة المجتمع، وليس اعتماداً على وجهة نظر المنشأة. كما يشمل الإفصاح التام بموجب هذا المدخل، ضرورة تزويد المجتمع بمعلوماتٍ وافية، عن كل ما يتعلق بالمنظمة ومنتجاتها وموظفيها وخدماتها لهذا المجتمع.
المدخل الثالث
وينحو الإتجاه الثالث منحى الإستقلالية، إذ تُعتبر المحاسبة الإجتماعية فرعاً متميزاً له خصوصياته داخل الإطار العام للمحاسبة، كما هو الحال بالنسبة لفروع المحاسبة الأخرى، مثل: المحاسبة المالية، ومحاسبة التكاليف، والمحاسبة الإدارية، ومحاسبة الموارد البشرية، ثمّ محاسبة المسؤولية الإجتماعية .[5]
ورغم أنَه لم يتم الإتفاق على تعريف موحد لمحاسبة المسؤولية الإجتماعية، إلا أنَ التعاريف التي وردت في أدبيات المحاسبة، تدور جميعها حول مفاهيم متقاربة، تهتم بقياس وتحليل الآثار الإجتماعية والإقتصادية، التي تترتب على العمليات التشغيلية للوحدات الإقتصادية. كما أنّ صعوبة تحديد مفهوم محاسبة المسؤولية الإجتماعية، يعود إلى عدم إمكانية الفصل بين الجوانب الإقتصادية والجوانب الإجتماعية للمشروع، فالتأثيرات الإقتصادية لها تداعيات اجتماعية متشابكة، كما أنَ التأثيرات الإجتماعية لها أيضاً تداعيات اقتصادية.
وقد كان (Ramanathan, 1976) من أوائل الذين قاموا بتعريف المحاسبة الإجتماعية، حيث وصفها "  [6]بأنها عملية انتقاء المتغيرات والمقاييس وأساليب القياس، والتطوير المنظم للمعلومات المفيدة، لتقييم الأداء الإجتماعي للمشروع، وتوصيل هذه المعلومات إلى الفئات الإجتماعية ذات العلاقة، سواءٌ من داخل المنشأة أو من خارجها ". وعرّفها آخرون، بأنها [7] " محاولة منظمة لتحديد وقياس ورقابة وتقييم أداء المنشأة، فيما يتعلق بمجهوداتها وأهدافها وبرامجها الإجتماعية ". أما الوصف الأكثر شمولاً لمفهوم محاسبة المسؤولية الإجتماعية، والذي يغطي توقعات ومصالح كافة فئات المجتمع، فهو ما أورده ثلاثة من الكتاب، (Gray, Owen and Adams) حيث وُصفت بأنها: " مزيجٌ من أشياء مختلفة، تخدم أفراداً ومجموعات متعددة، وتهدف إلى تحقيق أغراض متنوعة، يتم الإعلام عنها بوسائل محددة ".
Gray, Owen and Adams defined social accounting as: More specifically, social accounting is about some combination of:[8]
(a) Accounting for different things. (I.e. other than accounting strictly for economic events). Or
(b) Accounting to different individuals or groups (i.e. not necessarily only accounting to the providers of finance).
(c) Accounting for different purposes (i.e. not necessarily accounting only to enable the making of decisions whose success would be judged in financial or even only cash flow terms). And    
(d) Accounting in different media (i.e. other than accounting in strictly financial terms).

ويتوافق هذا التعريف مع تنوع الأنشطة، وتعدد مسؤوليات المنشأة تجاه جميع الأطراف ذات المصلحة فيها، على اختلاف توقعاتهم وأهدافهم، والذين يتمثلون في الفئات الآتية:[9]



الفئات
توقعات ذوي المصالح
المالكون
يتطلعون إلى قدرة الشركة على تحقيق أرباح كافية، وتوليد تدفقات نقدية تمكنها من دفع توزيعات الأرباح، وتوقع نمو المنشأة واستمرارها مستقبلاً.
العاملون
يهتمون بسيولة الشركة وقدرتها على الإستمرار في دفع الرواتب، والحصول على عائد مجزي لقاء مجهوداتهم، وتوفير الظروف الملائمة للعمل.
الزبائن
يتطلعون إلى استمرار الشركة في تقديم منتجات، تتصف بخصائص ومزايا مفضلة لديهم، مقابل أسعار تناسبهم، وتنويعٍ يكفل لهم حرية الإختيار.
المقرضون
يتطلعون إلى كفاءة الشركة في إدارة المخاطر، وملاءتها في إدارة الأموال بربحية تمكنها من تسديد القروض والفوائد المستحقة حسب برامج التسديد.
الموردون
يتطلعون إلى تمتع الشركة بسيولة تمكنها من مواجهة التزاماتها قصيرة الأجل، وتسديد المستحقات في المواعيد المتفق عليها، واستمرارية التعامل.
المنافسون
يتطلعون إلى كسب مزايا تنافسية وفق أسس المنافسة الشريفة، وتحقيق منافع متبادلة من خلال تحالفات وتعاون استراتيجي من منظور أخلاقي.  
الدولة
تتطلع إلى قيام الشركة بتسديد ما يترتب عليها من ضرائب أو رسوم، والتزامها بالسير وفق الأنظمة والقوانين المرعية، وتجنب المخالفات.
المجتمع
يتطلع إلى الإهتمام بالبيئة والحد من التلوث والمساهمة في خدمة المجتمعات المحلية و تطويرها، وفق أسس ومعايير أخلاقية تحكمها سلوكيات المجتمع.
الإدارة
تهتم بكل جوانب النشاط في المنشأة، وتحرص على التأكد من أنّ النتائج ترضي كافة الأطراف، من مساهمين ودائنين ومستثمرين متوقعين وغيرهم.

أما الأداء الإجتماعي، فيشمل قياس كلٍ من التكلفة الإجتماعية بعناصرها المختلفة، وقياس العائد الإجتماعي الذي يتحقق للمجتمع، وهو لا يخرج عن كونه يتمثل في مقدار صافي المنافع التي نتجت عن الأنشطة الإجتماعية المختلفة للوحدة الإقتصادية، نتيجةً لما تمَ إنفاقه على هذه الأنشطة خلال فترة زمنية معينة، بحيث يتم مقابلة النفقات المدفوعة عن هذه الأنشطة، مع المنافع المستفادة منها اجتماعياَ. ولكون المحاسبة الإجتماعية تشمل مزيجاً من الأشياء المختلفة، فقد كان من الطبيعي أن لا يتمكن المحاسب من القيام بدورٍ فاعلٍ في هذا المجال، ما لم تتعاون معه مجموعة من التخصصات المهنية المتعددة، من أجل وضع وتطوير نظم ومعايير وأدوات قياس، ورسم سياسات تتعلق بإيجاد الحلول لمشكلات كثيرة في مجال البيئة ومحاسبة المسؤولية الإجتماعية، نظراً لما لها من تأثير على مصالح جميع الأطراف ذات العلاقة بالمنشأة، الداخليين منهم والخارجيين، وهم يشملون كافة أفراد المجتمع بشكلٍ عام.
بنود تكلفة الحد من التلوث البيئي
تعتبر مظاهر التلوث البيئي، نتيجة طبيعية لوجود الوحدات الإقتصادية، ومباشرتها لأنشطتها الإنتاجية العادية، وتتمثل هذه المظاهر في تلويث هواء الجو بالغازات السامة، والأبخرة المتصاعدة وتلويث المياه، أو التسبب في إفساد المزروعات ونفوق الحيوانات، أو التأثير على الصحة العامة للعاملين في المنشأة، أو أبناء المجتمع الذي تتواجد فيه. وتقتضي المسؤولية الإجتماعية، أن تقوم هذه الوحدات بتحمل تكاليف التخلص من مخلفات مصانعها، وتخفيف الأضرار الناشئة عن عملياتها الإنتاجية إلى حدها الأدنى، ومعالجة الآثار السلبية عند حدوثها. وهناك مظاهر أخرى للتلوث، تتمثل في النفايات الصلبة التي تتخلف عن الدورة الحياتية العادية للكائنات الحية، وهذه يمكن معالجتها والتخلص منها، إما بتصنيفها وفرزها للإستفادة من بعض مكوناتها كمواد أولية يعاد تصنيعها من جديد، ومن ثمّ التخلص من المكونات الأخرى غير النافعة بإزالتها كلياًّ لتلافي أضرارها، أو بالتخلص من هذه النفايات كتلةً واحدة، دون الدخول في عمليات فرزها وتصنيفها، إذا تبين أن التكاليف الإضافية التي ينبغي دفعها، تزيد عن قيمة المواد التي يمكن الحصول عليها منها. إنّ جميع هذه الأمور فرضت على المجتمع بوحداته المختلفة، أن يتحمل نفقاتٍ متعددة لإزالة التلوث البيئي، والعمل على الحد منه، وإعادة البيئة إلى حالتها الطبيعية، واتخاذ عدد من الإجراءات اللازمة للتخفيف من الأضرار الناشئة عن التلوث البيئي. وتهتم المحاسبة الإجتماعية، بمعالجة بنود المصروفات المتعلقة بآثار التلوث البيئي، والتي تعتبرضمن التكلفة الإجتماعية، ومنها ما يلي:
1.  تركيب مرشحات ومصافي للمداخن الصناعية من أجل تنقية الدخان، والمواد الصلبة المتصاعدة منها، واستخدام المصدات العاكسة لهذه النفايات، لإعادتها إلى موقع العمل من أجل التخلص منها وتصريفها لاحقاً [10].
2.    معالجة مخلفات الإنتاج والنفايات الأخرى، أو ترحيلها إلى الأمكنة المخصصة لها.
3.    التعقيم المباشر في أعقاب تنفيذ الأنشطة التي يترتب عليها زيادة التلوث.
4.  تطوير طرق الإنتاج بإدخال تقنيات حديثة، تكون أقل إنتاجاً للغازات والسوائل الملوثة والمخلفات الضارة الأخرى بوجهٍ عام.
5.  استخدام معدات إنتاج حديثة بمواصفات خاصة، تمتاز بقدرتها على تنفيذ العمليات الإنتاجية بالحد الأدنى من نسب التلوث الطبيعية، أو بدون إحداث أي تلوث.
6.  استخدام أجهزة خاصة يتم تركيبها على المعدات والآلات القائمة، لتخفيف كميات التلوث التي تسببها عمليات الإنتاج بواسطة هذه المعدات، حتى لا يتم الإستغناء عنها قبل انتهاء الأعمار الإنتاجية المقدرة لها.
إنّ التكلفة الإجتماعية للتلوث البيئي، تضم بنوداً متعددة لا يمكن حصرها على وجه الدقة والتحديد، وإنما يمكن حصر البنود الرئيسية ذات الأهمية المادية، و تتضمن جميع التكاليف التي ترتبط بمظاهر التلوث، والتي تتعلق بالبنود الآتية على وجه الخصوص:
·                                 تكاليف تشغيل معدات معالجة التلوث.
·                                 تكاليف اهتلاك معدات معالجة التلوث.
·                                 تكاليف المواد الخام المستخدمة في معالجة التلوث.
·                                 تكاليف الأبحاث الخاصة بالتلوث وبرامج معالجته.
·                                 التكاليف الإدارية المتعلقة بإدارة عمليات الرقابة والحد من التلوث.
·                                 التعويضات المدفوعة مباشرة للمتضررين من آثار التلوث.
·                                 الرسوم المدفوعة للأجهزة الحكومية والسلطات المحلية.
·                                 الغرامات المترتبة على مخالفة قوانين وأنظمة البيئة.
وبما أنّ بنود التكلفة الإجتماعية للتلوث البيئي ليست ذات طبيعة موحدة، نظراً لكثرتها وتنوع بنودها، فإنه يمكن تبويبها في أربع مجموعات رئيسية:
أولا: تكلفة المعدات وبنود المصروفات، التي يتم إنفاقها من قبل الوحدة الإقتصادية للحد من التلوث أو معالجة آثاره، في ظل العلاقة السببية بين النفقات المدفوعة والأنشطة المنفذة.
ثانيا: المدفوعات التي تتم مباشرة من قبل الوحدات الإقتصادية كتعويضات لأفراد المجتمع، الذين يثبت تعرضهم لأضرار أو أخطار بيئية، أو التسبب في تلف أو فقدان ممتلكاتهم، بسبب قيام هذه المشروعات بأنشطتها الإنتاجية العادية أو ممارساتها الخاطئة، في المحيط الذي يعيشون فيه، أو تعمل في نطاقه هذه المشروعات.
ثالثا: بنود المصروفات والرسوم التي يتم فرضها على الوحدات الإقتصادية المختلفة، وتلتزم بدفعها للجهات الرسمية المختصة في مجال الحد من التلوث، من أجل المساهمة في تكاليف إزالة التلوث، الذي لم تتمكن الوحدات الإقتصادية من القيام به بوسائلها الخاصة.
رابعاً: مبالغ الغرامات التي تفرض على المنشآت المختلفة، بسبب مخالفتها لقوانين وأنظمة حماية البيئة، وعدم تقيدها بالإجراءات التنظيمية لتنفيذ هذه القوانين.
أساليب قياس التكلفة الإجتماعية لتلوث البيئة
إنّ بنود التكلفة الإجتماعية، ليست ذات طبيعة واحدة، وإنما هي مزيجٌ من أشياء مختلفة، وتهدف إلى تحقيق أغراض متنوعة، وهذا يجعل دور المحاسبة الإجتماعية، متداخلاً في جوانب متعددة من الأنشطة المختلفة للوحدات الإقتصادية. ومن هنا كان القياس المحاسبي للمسؤولية الإجتماعية، من أصعب المشاكل التي يعاني منها الإطار الفكري التقليدي لنظرية المحاسبة، بسبب الصعوبة وعدم الدقة في قياس الأنشطة الإجتماعية، إضافةً إلى أنَ بعضها ليست لها قيمة مالية، مما يدفع المحاسب إلى تجاهلها، أو الاكتفاء بالإفصاح الوصفي عنها، بموجب ملاحظات تظهر في البيانات المنشورة عن المنشأة. ولذلك فإنّ الخطوط العريضة لدور المحاسبة الإجتماعية، يبرز في المجالات التالية على وجه الخصوص:
1.    حصر وتحديد مظاهر وآثار التلوث البيئي والجهات المسببة له، وقياس مقدار هذا التلوث والجهات المتضررة منه.
2.  حصر وتحديد وتصنيف التكاليف التي يجب إنفاقها للحد من التلوث وتخفيف آثاره، والتعويضات المدفوعة عن الأضرار المتسببة عنه.
3.    قياس التكلفة الإجتماعية للتلوث البيئي، وكيفية معالجتها في البيانات المالية للمنشأة.
4.  تحديد الجهة المسؤولة عن إزالة الأضرار الناتجة عن التلوث البيئي، وكيفية تحميل التكلفة على الجهة المتسببة في التلوث. 
ورغم صعوبات القياس، إلا أنه يمكن النظر إلى التكلفة الإجتماعية لتلوث البيئة، وفقاً لبنودها وعناصرها المختلفة، على النحو الآتي:
·   تكلفة الأصول المستخدمة في الحد من تلوث البيئة في المشاريع المعنية، وهي من ضمن الأصول المعمرة، التي تستخدم في العمليات الإنتاجية لفترات طويلة، ولا تختلف طرق قياسها، عن الطرق المتبعة في قياس الأصول الثابتة ( المعدات والمصانع والمنشآت )، والتي تشمل كافة التكاليف التي تتحملها المنشأة، حتى يصبح الأصل جاهزاً للإستخدام، بحيث تتضمن ثمن الشراء والمصاريف المرتبطة به، مثل مصاريف النقل والتجريب والتركيب، ومصاريف الإنشاءات. ولا تعتبر الإضافات التحسينية على الأصل الثابت جزءاً من تكلفته، إلاَ إذا أدت إلى زيادة عمره الإنتاجي أو زيادة طاقته التشغيلية، وما عدا ذلك تعتبر مصروفات إيرادية متكررة، تتحملها الفترة المحاسبية ضمن التكلفة الإجتماعية للمشروع. وتنطبق عملية القياس السابقة على أنواع الأصول المستخدمة في تنقية الدخان أو المواد الصلبة، كمرشحات المداخن والمصدات العاكسة، وأية معدات أخرى تستخدم في معالجة عناصر التلوث، وتعتبر من ضمن أصول الوحدة الإقتصادية، التي يتم توزيع مصروف اهتلاكها على الفترات المحاسبية، حسب العمر الإنتاجي للأصل، وفقاً لمبدأ الإستحقاق المحاسبي. ويعتبر قسط الإهتلاك من ضمن بنود التكلفة الكلية للإنتاج.
·   قياس مصروفات الحد من التلوث، وتشمل المبالغ التي تتكبدها الوحدة المحاسبية لمعالجة مخلفات العمليات الإنتاجية، أو ما تتركه من نفايات ضارة بالبيئة. ومن أمثلتها مصاريف جمع مخلفات الإنتاج أو تعقيم موقع العمل، أو القيام بالطمر الصحي للنفايات، أو ما تدفعه المنشأة إلى الجهات المختصة كمساهمة طوعية أو إلزامية، بموجب القوانين و التشريعات السائدة. ويمكن تقسيم مصروفات الحد من التلوث إلى ثلاثة أنواع رئيسية هي:
   ‌أ-   المصروفات التي تنفق مباشرة من قبل الوحدة الإقتصادية في مجال الحد من التلوث، والتي تتحدد من خلال فرضية العلاقة السببية بين المصروف وبين النشاط الذي خصص له. وتعتبر جميع المصروفات التي أنفقت على إزالة النفايات الضارة بالبيئة ومعالجة آثارها من ضمن التكاليف الإجتماعية للإنتاج، بما فيها أقساط الإهتلاك السنوية لمعدات الحد من التلوث، التي اعتبرت من ضمن الأصول الثابتة للمنشأة.
  ‌ب-  المصروفات التي تلتزم بدفعها الوحدات الإقتصادية ذات العلاقة بالتلوث البيئي، على شكل مبالغ محددة  سنوياً  إلى الأجهزة الحكومية أو السلطات المحلية، وفق القوانين والتعليمات الخاصة بهذا الشأن، والتي يجب أن تختلف مبالغها من وحدة اقتصادية إلى أخرى، حسب حجم نشاط الوحدة الإقتصادية وطبيعة عملها، ودرجة إضرارها بالبيئة. ولا توجد أسس دقيقة عند تحديد الرسوم المفروضة علىالوحدات الإقتصادية المختلفة، نظراً لاختلاف أنشطتها الإنتاجية. ولذلك فإنه تلافياً للتحيز الناتج عن التقديرات أو الأحكام الشخصية التي تفتقر إلى القواعد الموضوعية، ينبغي وضع أساس عادل لاحتساب مقدار الرسوم الواجب فرضها على هذه المشروعات، كأن يتم احتساب هذه المبالغ عن طريق الإسترشاد بمقدار التكاليف التي تتكبدها الوحدة الإقتصادية، من أقساط اهتلاك معدات، ومصروفات خاصة بالحد من التلوث، منسوبة إلى إجمالي التكاليف الكلية للمنشأة، على أن تضرب النسبة المستخرجة في مبلغ الربح السنوي المحقق، وفقاً للمعادلة المقترحة الآتية [11]:

مبلغ المساهمة المفروضة = صافي أرباح المنشأة ( مجموع التكاليف السنوية الخاصة بالحد من التلوث ÷ إجمالي التكاليف السنوية للمنشأة ) × 100.

ويمثل هذا المبلغ مقدار ما يجب أن تتحمله الوحدة الإقتصادية، كمساهمة منها في معالجة الآثار البيئية التي تقوم الجهة المسؤولة عن حماية البيئة بمعالجتها من خلال وسائلها الخاصة.
ولعلَ تبني استخدام المعادلة المقترحة في تحديد قيمة المساهمة المادية المفروضة على المنشأة للحد من تلوث البيئة، يستند إلى أنَ النفقات التي تتكبدها الوحدة الإقتصادية لإزالة التلوث الناتج عن عملياتها الإنتاجية خلال فترة محاسبية معينة، تعتبر مؤشراً على حجم أنشطتها وعملياتها التشغيلية، التي تعتبر العامل الأساسي في إحداث التلوث. على اعتبار أنَ العدالة تقتضي أن لا تفرض هذه الرسوم على الوحدات الإقتصادية وفقاً لحجم رأس المال، أو الشكل القانوني للمنشأة، لاختلاف طبيعة العمليات الإنتاجية والتشغيلية في كل منشأة عنها في المنشآت الأخرى. أما في حالة تحقيق المنشأة لخسارة في فترة معينة، فإنه يمكن اللجوء إلى وسائل تقديرية أخرى، وفقاً للظروف المحيطة في هذه الفترة.
   ‌ج-   الغرامات والجزاءات والرسوم التي يتم فرضها على الوحدة الإقتصادية، بسبب مخالفتها للأنظمة والقوانين الخاصة بالحماية من التلوث ومعالجة آثاره.
ولإمكانية فرض مثل هذه الغرامات، ينبغي الإستناد إلى معايير واضحة تبين الحدود المسموح بها للتلوث، وفقاً للنسب الطبيعية الناشئة عن المواد المستخدمة في العمليات الإنتاجية.   
وهناك من اقترح استخدام مقياس كمي لتحديد كمية التلوث [12]، من خلال إيجاد معدل خاص بالتلوث البيئي لكل مادة مستخدمة في الإنتاج، عن طريق دراسة عدة حالات تمثل عينة كافية لتعميم نتائجها على مجتمع الصناعة، ومن ثمّ يتم وضع معدلات موحدة للتلوث على مستوى الوحدات الصناعية متشابهة النشاط، تمثل الحد الأقصى للنسب الطبيعية المسموح بها للتلوث، على أن يتم فرض غرامات على الوحدات الإقتصادية، عن التأثيرات السلبية الناشئة عن زيادة النسب الفعلية، التي تزيد عن النسب الطبيعية المسموح بها للتلوث، بحيث يتم احتساب كمية التلوث الفعلي لكافة المواد المستخدمة في الإنتاج، وفقاً للمعادلة التالية:
كمية التلوث = كمية المواد المستخدمة × معدل تلوث المادة المستخدمة.
وعلى ضوء النسب المحددة، ومقارنتها مع كمية التلوث الفعلية، يتم فرض الغرامات على منظمات الأعمال التي تتجاوز حدود هذه النسب، وتكون الجزاءات المفروضة في صورة نسب ومعدلات تصاعدية، تتزايد مع تزايد كمية ما تحدثه الوحدة الاقتصادية من تلوث، وذلك لضمان جدية الرقابة على التلوث الناتج عن العمليات التشغيلية لهذه المشروعات.

يجدر بالذكر أنه ما دامت نسب التلوث الفعلية للمنشأة تقع ضمن الحدود المقبولة، فإنّ جميع تكاليف الحد من التلوث، تعتبر جزءاً من تكاليف الإنتاج، أما التكاليف المتعلقة بالتلوث والزائدة عن النسب المسموح بها، فهي مؤشرات تدل على عدم كفاءة العمليات التشغيلية، وتشير إلى ضعف الرقابة، وينبغي اعتبارها من ضمن المصروفات غير العادية، التي لا تُحمل على تكاليف الإنتاج. كما أنّ الغرامات والجزاءات المفروضة من الجهات الرسمية، هي أيضاً من ضمن المصروفات غير العادية التي تحمل على إيرادات الفترة، ولا تدخل ضمن التكلفة التشغيلية للمنتج، ولا تعتبر طرفاً في معادلة التكاليف التي تحدد على ضوئها أسعار البيع أوهامش الربح، لئلا يتحمل المجتمع ثمن أخطاء أو إهمال المشروع الإقتصادي، في مجال الحد من التلوث. ولا يمنع ذلك من أنّ جميع هذه التكاليف، تدخل في نطاق مفهوم التكلفة والعائد الإجتماعي للوحدة الاقتصادية.
وتجدر الإشارة إلى أنه في ظل مداخل التقنيات الحديثة للمحاسبة الإدارية، مثل إدارة الجودة الشاملة (TQM)، ومراقبة الجودة الشاملة (TQC)، ومدخل العيوب الصفرية(ZD)، فإنّ الرقابة على التلوث، تعتبر أنّ أي نسبة تلوث لا يعتبر مسموحاً بها مهما كانت ضئيلة، وتتمثل مهمة الإدارة في محاولة تخفيضها بشكلٍ مستمر، كي يتم استبعادها نهائياً في المدى الأبعد، من خلال السعي نحو تحقيق بيئة نظيفة خالية من التلوث.
أسس تصنيف بنود تكاليف التلوث البيئي
لا يوجد طريقة محددة تنال إجماع المحاسبين، توضح كيفية تصنيف تكاليف التلوث البيئي في القوائم المالية عند إعداد بيانات الفترة المحاسبية، إلا أنه يمكن اتباع إحدى الطريقتين الآتيتين عند تضمين تكاليف التلوث في البيانات المالية للمنشأة وهما على النحو التالي:
·   تحميل تكاليف التلوث على المصدر الذي نتج عنه التلوث. فعندما يكون التلوث ناتجاً عن عنصر المواد الخام أثناء عملية التشغيل، يتم تحميل تكاليف التلوث على هذه المواد، وإذا كان ناتجاً عن استخدام القوى المحركة، يتم تحميل تكاليف التلوث على مصروفات الطاقة والقوى المحركة. كما ينبغي تحديد نسبة التلوث التي يسببها المصدر، بسبب اختلاف معالجة المصروفات التي يتم تحملها في حدود النسبة العادية المسموح بها، عن تلك التي تزيد عن نسب التلوث العادي، من أجل الإستفادة من هذه التحليلات، عند إعداد التقارير التي توضح مدى مساهمة كل عنصر من عناصر الإنتاج، في إحداث التلوث الإجمالي للمنشأة وكيفية معالجة كل حالة.
·   أو إدراج تكاليف التلوث في مجموعة مستقلة ضمن التكاليف، واعتبار جميع بنود تكاليف الحد من التلوث ضمن هذه المجموعة، ويتم ذلك ضمن بند مستقل يحمل اسم  " التكاليف الإجتماعية للتلوث" Social Costs of Pollution من أجل إحكام عملية الرقابة على هذا البند من التكلفة، ولإمكانية إظهاره بصورة مستقلة ضمن التقارير النهائية للمنشأة ، للوقوف على مدى فاعلية استخدام هذه المصروفات في حماية البيئة من التلوث، بالإضافة إلى عدة مزايا أخرى منها:
1.    إظهار مدى مساهمة الوحدة في تلوث البيئة.
2.    إظهار مقدار مساهمة الوحدة في تكاليف الحد من التلوث.
3.    إحكام الرقابة على تلك المجموعة من التكاليف.
4.    لفت النظر إلى خطورة التلوث وحتمية الرقابة عليه مستقبلاً.
الإفصاح عن تكاليف الحد من التلوث
ترجع أهمية الإفصاح عن التكلفة الإجتماعية والأداء الإجتماعي، إلى أنّ كفاءة النظام المحاسبي الذي يعتبر جزءاً رئيسياً من نظام المعلومات في المشروع الإقتصادي، تقتضي ضرورة إعلام كافة أطراف المجتمع، عن العناصر الجوهرية للأنشطة الإجتماعية التي يمارسها المشروع، إضافةً إلى الإفصاح عن أنشطته الإقتصادية. بمعنى أن تنحو التقارير والبيانات المنشورة، منهجاً شمولياً يغطي احتياجات كافة فئات المجتمع، ذات العلاقة بالمشروع الإقتصادي. غير أنه ينبغي أن لا نتجاهل، أنّ هناك صعوباتٍ عملية وفنية في قياس التكلفة الإجتماعية والعائد الإجتماعي، تؤثر على درجة الإفصاح الممكن عن هذه الأنشطة، فعملية تقدير القيمة النقدية للمنفعة التي يحققها المجتمع، من قيام المشروع الإقتصادي بإنشاء حديقة عامة، أو فتح وتعبيد شوارع للمنطقة التي يقع فيها المشروع، أو حتى مساهمته في إنشاء مستشفيات أو معاهد علمية لا ربحية، تعتبر من الأمور التي يستحيل تقديرها بدقة. كما أنّ تكلفة الجهود المبذولة للقيام بذلك، سوف تكون أكبر من المنفعة التي يمكن تحقيقها. إلا أنّ وجود كثيرٍ من الصعوبات في تقدير الإلتزامات والتكاليف البيئية، وكذلك الصعوبة في تقدير قيمة العائد الإجتماعي، لا يمنع من الإفصاح عنها بأفضل التقديرات الممكنة، على أن يتم إيضاح طريقة التوصل إلى هذه التقديرات، وإدراج ذلك في الملاحظات والملاحق المرفقة بالبيانات المالية، وإظهار أقصى ما يمكن من معلومات عن الأداء الإجتماعي والتكلفة الإجتماعية، لما يتعلق بحماية المستهلكين بصفة عامة، وما يتعلق بتنمية الموارد البشرية، أوتلك التي تتعلق بحماية البيئة والموارد الطبيعية للمجتمع بشكلٍ عام.
وتتمحور طبيعة الإفصاح المناسب عن تكاليف الحد من التلوث في نهاية الأمر، حول توفير المعلومات المفيدة للفئات التي تستخدم البيانات المنشورة، في اتخاذ القرارات الإقتصادية والإجتماعية التي تتعلق بالمنشاة المصدرة لهذه البيانات، بحيث تمكنهم من التنبؤ بالمتغيرات المتعلقة بالحد من التلوث البيئي وبرامج أدائها الإجتماعي.
ولعله جديرٌ بالملاحظة، أنّ كثيراً من البحوث والدراسات العلمية، قدمت بعض النماذج المقترحة لإنتاج قوائم اجتماعية وتقارير بيئية دورية، تفصح عن بعض الأمور المتعلقة بالتكلفة الإجتماعية والعائد الإجتماعي، إلا أنَ جميع الجهود التي بذلت في هذا المجال، لم تتوصل إلى نماذج تتسم بطابع شمولي، يضم كافة البنود والتفاصيل المطلوبة. وعادةً ما يتم إدراج مثل هذه النماذج، على سبيل المثال ومن أجل إبراء الذمة، والإيحاء بأنّ الباحث قام بتغطية موضوع المشكلة، وساهم في حل الجوانب المتعلقة بها، في حين أنّ تلك النماذج لا تفي بمتطلبات الإفصاح المطلوب، ولاتتوافق مع معايير معتمدة، تتوفر فيها خصائص الموثوقية والدقة والإكتمال، ولا توفر خاصية الثبات وإمكانية المقارنة، بين بيانات المنشأة وبيانات المنشآت الأخرى، أو بين بيانات الفترات المختلفة للمنشأة الواحدة. ويمكن التمييز بين ثلاثة مداخل رئيسيّة للإفصاح عن الأداء الإجتماعي للمنشأة، يمكن توضيحها فيما يلي:
1.             المدخل الوصفي للأنشطة الفعلية:
ويعني هذا المدخل، أن تقوم الوحدة الإقتصادية بالإفصاح عن أنشطتها المتعلقة بالرقابة على التلوث في شكل وصفي، بحيث تتضمن تقاريرها الدورية وصفاً لما قامت به من أنشطة وبرامج وإجراءات في هذا الصدد، من حيث تعداد الأجهزة والآلات والمعدات المقتناه للمعالجات المطلوبة للحد من التلوث، والإجراءات العملية المتخذة في هذا الشأن.
إلا أنه يصعب تقييم الأداء الإجتماعي للوحدة الإقتصادية باتباع هذا الأسلوب، كونه لا يساعد المحاسبة على أداء وظيفتها كـــأداة إعلامية، ولا يمكن من خلاله إجراء المقارنات الدقيقة بين أداء الوحدات الإقتصادية المختلفة، أو أداء الوحدة نفسها على مدار الفترات المتعاقبة، بسبب افتقاره لخاصية القياس الكمي النقدي.
2.             المدخل الكمي للأنشطة الفعلية:
ويقتضي هذا المدخل، أن تقوم الوحدة الإقتصادية بالإفصاح عن أنشطتها في مجال الرقابة علـى التلوث، موضحة المبالغ التي أنفقت فعلاً على كل نشاط، إضافةً إلى الإفصاح عن المعلومات الكمية التي ليس لها طبيعة مالية. ويلاحظ أنَ هذا المدخل أفضل من سابقه، حيث أنه يفصح عماَ تحملته الوحدة من نفقاتٍ لكل نشاط أو برنامج، وبالتالي يتميز بوجود أساس لإجراء المقارنات بين الوحدات الإقتصادية ذات النشاط المتماثل في هذا المجال.
3.             مدخل التكلفة والعائد:
ويقضي هذا المدخل، بأن تفصح الوحدة الإقتصادية،عن أنشطتها المتعلقة بالمسؤولية الإجتماعية، بما فيها الأنشطة الخاصة بمنع التلوث أو الحد منه، مبينة المبالغ التي أنفقت على كل منها، وكذلك المنفعة التي تحققت من كل نفقة. وعلى الرغم من وجود صعوبات كبيرة تكتنف التعرف على المنفعة أو العائد الذي تحقق بالنسبة لكل نشاط من الأنشطة التي تقوم بها الوحدة الإقتصادية من خلال الرقابة على التلوث، إلا أن هذا المدخل يمتاز على المدخلين السابقين، بأنه يهتم بما تحقق فعلاً من فوائد مقابل كل نفقة من النفقات، ويقدم صورة أدق عن الأداء الإجتماعي للوحدة الإقتصادية .
ولعله من الأمور التي تستلفت النظر، أنه على الرغم من تزايد أهمية الإفصاح عن البيانات المالية، إلا أنَ معيار المحاسبة الدولي رقم (1) الذي يحمل عنوان عرض البيانات المالية، وكذلك الفقرات الخاصة بالإفصاح والملحقة بالمعايير الأخرى، جاءت خاليةً من أية إشارة إلى طريقة الإفصاح عن التكاليف والأنشطة الإجتماعية أو العائد الإجتماعي للوحدات الإقتصادية المختلفة، وهذا يشير إلى مقدار الصعوبة التي يمكن أن يواجهها المحاسب، إذا ما رغب في الإفصاح عن هذه الأنشطة بشكلٍ أكثر شمولاً، ورغم ذلك فإنّه إثبات وعرض تكاليف الحد من التلوث، في قوائم وجداول إحصائية، ترفق مع القوائم المالية المنشورة سنويا، بحيث تبين العناصر التالية على نحوٍ واضح في هذه البيانات:
1.    تكلفة كل نوع من أنواع الآلات والمعدات المستخدمة في الحد من التلوث.
2.   مصروف الإهتلاك السنوي للآلات والمعدات المستخدمة في الحد من التلوث.
3.    مصاريف إزالة النفايات الضارة بالبيئة بعد الانتهاء من العمليات الإنتاجية.
4.    تكاليف البحث و التطوير في مجال الحد من تلوث البيئة.
5.    المبالغ المدفوعة للجهات الحكومية أو السلطات المحلية المسؤولة عن حماية البيئة.
6.    مبالغ الغرامات والمخالفات التي تحملتها الوحدة الإقتصادية خلال الفترة المالية.
وتوضح هذه القائمة أداء الوحدة الإقتصادية ومدى مساهمتها من خلال مسؤوليتها الاجتماعية المتمثلة بالحد من التلوث، إضافةً إلى أنه يمكن إدراج معلومات وصفية عن الأنشطة الإجتماعية الناجمة عن المعاملات الإجتماعية التي لا يكون لها أية قيم مالية، بحيث تحقق إفصاحاً مناسباً للأداء الاجتماعي الذي تمارسه الوحدة الإقتصادية في المجالات التالية:
·        مجالات تتعلق بالعمالة.
·        مجالات تتعلق بالرقابة على البيئة.
·        مجالات تتعلق بالتفاعل مع المجتمع.
·        مجالات تتعلق بحماية المستهلك.
ولا يغني القيام بذلك، عن ضرورة بذل جهود مكثفة لتطوير معيار الإفصاح عن المعلومات المالية، بحيث يكون منسجماً مع الأداء الإقتصادي، بالإضافة للأداء الإجتماعي للوحدة الإقتصادية، على أن يرفق تقرير الأداء الإجتماعي مع التقارير والقوائم المالية الأساسية، المتمثلة في قائمة الدخل والميزانية العمومية وقائمة التدفقات النقدية. كما يجب أن يشمل التقرير الإجتماعي كافة المزايا والمنافع الإجتماعية التي تساهم بها المنشأة في خدمة المجتمع. ولا يمنع أن تشتمل التقارير الإجتماعية على بيانات وصفية، بالإضافة للبيانات التي تقوم على أساس كمي، وفقاً لمبالغ وأرقام فعلية حقيقية، لكل من تكلفة الأضرار التي أحدثت تأثيرات سلبية على المجتمع والبيئة بشكل عام، وكذلك قيمة جميع المنافع التي تحققت للمجتمع.















الخلاصة
يتحمل المجتمع في نهاية المطاف، كافة تكاليف الرقابة على تلوث البيئة، إضافةً إلى تحمله جميع الأضرار السلبية المترتبة على التلوث، وترتفع أسعار السلع والخدمات بازدياد الأعباء الإجتماعية المترتبة على الوحدات الإقتصادية. ولعلَ الحالة المثالية التي ينبغي أن تسعى إليها المجتمعات المختلفة، هي التوصل إلى منع التلوث دون الإكتفاء برقابته أو التخفيف من آثاره. ويستدعي ذلك تطوير التكنولوجيات، وإعادة تصميم المصانع والعمليات الإنتاجية، باستعمال أجهزة متطورة تمنع تكوين العوادم، ومن ثمَ الحفاظ على بيئة نظيفة خالية من التلوث. أما المطلب الرئيسي للحد من هدر ثروة المجتمع وموارده الطبيعية، والحفاظ على سلامة أفراده، فيتم من خلال تفعيل قوانين حماية البيئة وتطبيقها مركزياً، مع توخي العدالة عند فرض الرسوم على المشروعات الإقتصادية المختلفة، وتطبيق القوانين والأنظمة بعدالة وشفافية، حتى لا يتاح للمنظمات الأكبر أن تتملص من مسؤولياتها، اعتماداً على ما لها من تأثيرٍ قوي وموارد اقتصادية كبيرة، قد تمكنها في بعض الأحيان من تجنب العقوبات القانونية في مجال تلوث البيئة. كما أنَ على جميع المشروعات الإقتصادية، أن تفصح في تقاريرها السنوية، عن تأثير القضايا البيئية على قوائمها المالية، متضمنةً جميع البيانات المتعلقة بالتلوث الناجم عن أنشطتها الإنتاجية والتشغيلية، وتوضيح التكاليف التي تتكبدها المنشآت في الحد من التلوث، مع ذكر أية مخالفات لقوانين البيئة، ومقدار الغرامات التي تكبدتها المنشأة نتيجةً لذلك، بحيث تتضمن التقارير والقوائم المالية، معلوماتٍ وافية عن الأداء الإجتماعي، إضافةً إلى الأداء الاقتصادي للمشروع. كما ينبغي تطبيق معايير تدقيق موحدة على المحاسبة البيئية، بحيث تضيف مكاتب تدقيق الحسابات، البنود الخاصة بالمحاسبة البيئية إلى عمليات التدقيق.
أما ما هو أكثر بشاعةً من كل مظاهر التلوث الذي تحدثه الوحدات الإنتاجية المختلفة، فهو ما تخلفه آلة التدمير العسكرية الفتاكة، المعززة بأسلحة الدمار الشامل، والعائدة للقوى المسيطرة على عالم اليوم، والتي خرجت على كل القوانين البشرية والإلهية، فأصابت كل مظاهر الحضارة في عالمنا العربي والإسلامي، وقامت بتدمير البيئة الطبيعية، مما لا يمكن لأحدٍ أن يقوم باحتساب تكلفته المادية أو المعنوية، ولو تمَ تسخير كل حواسيبهم المتطورة لذلك. وليس لنا إلاّ أن نترك حسابنا وحسابهم إلى يوم الحساب، عندما ينطق الحق سبحانه بقوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم
 " ونضعُ الموازينَ القسطَ ليوم القيامةِ، فلا تُظلمُ نفسٌ شيئاً، وإن كان مثقالَ حبةٍ من خردلٍ أتينا بها، وكفى بنا حاسبين".صدق الله العظيم.

قائمة المراجع :REFERENCES

·                               المراجع العربية :
1.    رضوان حلوة حنان ، بدائل القياس االمحاسبي المعاصر ، الطبعة الأولى، عمان : دار وائل للنشر ، 2003 .
2.    عباس مهدي الشيرازي ، نظرية المحاسبة ، الطبعة الأولى ، الكويت : دار السلاسل ، 1990.
3.  فرهنك جلال، التنمية الصناعية العربية وسياسات الدول الصناعية حتى عام 2000،        بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية يونيو1991.
4.    وليد ناجي الحيالي، دراسات في المشاكل المحاسبية المعاصرة، الطبعة الأولى ( عمان: الحامد للنشر والتوزيع، 2002 )
·                               المراجع الأجنبية :
1.     Beans, F. & Fertig, P., Pollution Control Through Social Cost Conversion. The Journal of Accountancy, Nov. 1971.P.24
2.     Demers I, and Wayland D, Corporate Social Responsibility: Is No News Good News? A magazine, February 1982 , PP 45-49
3.     Gray, R., Owen, D. and Adams, C. A. Accounting and Accountability: Changes and Challenges in Corporate Social and Environmental Reporting. London: Prentice Hall. (1996)
4.     Jack Quarter OISE, University of Toronto, Social Accounting for Non-profits (Richmond: Prentice Hall, 2002).
5.     Johnson, G., & Scholes, K., Exploring Corporate Strategy, 6th.Ed. Harlow, England, 2002.
6.     Linowes D.F., Socio – Economic Accounting, The Journal of Accountancy, November 1998, pp 41-46.
7.     Mobley S.C, The C/challenges of Socio –Economic Accounting , The Accounting Review, October 1970, PP 762-768
8.     Power, M. (1997). Expertise and the construction of relevance: accountants and environmental audit. Accounting, Organizations and Society, 22 (2): 123-46.
9.     Power, M. (1994). The Audit Society, in Hopwood, A. G. and Miller, P. (eds) Accounting as Social and Institutional Practice. Cambridge: Cambridge University Press.
10. Ramanathan K.V, Toward a Theory of Corporate Social Accounting, Accounting Review, July 1976. P.516.


[1] . فرهنك جلال، التنمية الصناعية العربية وسياسات الدول الصناعية حتى عام 2000، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، يونيو1991، ص68.

[2] . رضوان حلوه حنان ، " بدائل القياس المحاسبي المعاصر " ( عمان : دار وائل للنشر ، 2003 ) ص . 234
[3] . عباس مهدي الشيرازي ، "نظرية المحاسبة" ، ( الكويت:دار السلاسل ، 1990 ) ص 348 .

[4]. Johnson, G., & Scholes, K., Exploring Corporate Strategy, 6th.Ed. Harlow, England, 2002... P.221.   
[5] . رضوان حلوه حنان ، مرجع سابق ، ص . 267 .
[6]. Ramanathan K.V, Toward a Theory of  Corporate Social Accounting, Accounting Review, July 1976, pp 516
[7]. Carroll,A.B.,&Buchholtz,A.K., Business and Sociaty: Ethics and stockholders management (4Ed.) Cincinnati: Suothwestern:college Publishing, 2000.P.59
[8]. Gray,R.H.,Owen,d.& Adams,C.Accounting & Accounntability (London: Prentice Hall, 1996) P.3,11
[9] . Gerry Johnson &Kevan Scholes, Exploring Corporate Strategy, 6th. Ed.(London: Prentice Hall, 2002) pp.501-511
[10] . وليد ناجي الحيالي، دراسات في المشاكل المحاسبية المعاصرة، الطبعة الأولى ( عمان: الحامد للنشر والتوزيع، 2002 ) ص. 32.
[11] . وليد ناجي الحيالي، مرجع سابق، ص. 41.
[12] . Beans, F. & Fertig, P., Pollution Control Through Social Cost Conversion. The Journal of Accountancy, Nov. 1971, P.24.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

كتاب مباديء المحاسبة المالية 2024

للتحميل