مدخل تكلفة النشاط فى تحميل التكاليف الصناعية
غير المباشرة وحتمية تطويره
تمهيــــد :
يقوم مدخل تكلفة النشاط فى تحميل التكاليف الصناعية غير المباشرة على أساس ربط التكاليف وغيرها من المعلومات الفنية والمالية ومعلومات التشغيل بالأنشطة التى يتطلبها إنتاج المنتج المراد تحديد تكاليفه . ولقد ساعد على التحول إلى طريقة محاسبة النشاط مجموعة من العوامل يتمثل أهمها فى الآتى : ([1])
1 – ضغط المنافسة على الشركات بكل أنواعها مما جعل الشركات الصناعية بصفة خاصة تفكر جدياً وبعمق فى الفهم الصحيح لهيكل تكاليفها .
2 – تغير هيكل التكاليف لمعظم الشركات الصناعية ، حيث لم تعد الشركات الصناعية ترتكز على عدد محدود من المنتجات ولا على نموذج واحد من كل منتج .
3 – توفر نظم المعلومات الإلكترونية التى تكوِّن قاعدة شاملة للبيانات تسهل تطبيق طريقة محاسبة النشاط .
ولتحميل التكاليف الصناعية غير المباشرة فى ظل مدخل تكلفة النشاط يلزم إجراء عدد من الخطوات الرئيسية تتمثل فى الآتى :
-41-
|
2 – تحديد الموارد الرئيسية (المدخلات) التى ترتبط بالنشاط مع اختيار وحدة قياس لهذه المدخلات .
3 – تحديد وفهم مسببات كل نشاط وبالتالى حدوث التكلفة والتى تمثل بدورها وحدة قياس لهذه المدخلات .
4 – إيجاد ما يسمى بمجمعات التكلفة لكل نشاط رئيسى ، فبعد تحديد الأنشطة الرئيسية التى تحدث فى المنشأة يتم تجميع هذه الأنشطة فى مجمعات تكلفة .
5 – ربط تكاليف الأنشطة بالمنتجات بنسبة استفادة هذه المنتجات من تلك الأنشطة بواسطة مسببات التكلفة المحددة مسبقاً .
6 – تخصيص التكاليف غير المباشرة أولاً على أساس الأنشطة ثم تحميلها بعد ذلك على المنتجات طبقاً لمسببات التكلفة لهذه الأنشطة بحسب درجة استفادة كل منتج من النشاط . ([2])
وعلى ذلك يناقش الباحث فى المسار العلمى لهذا المبحث ، أسباب الاتجاه إلى مدخل تكلفة النشاط فى تحميل التكاليف الصناعية غير المباشرة ، والفلسفة والأبعاد التى يقوم عليها ذلك المدخل ، وأهمية مدخل تكلفة النشاط فى تحميل التكاليف الصناعية غير المباشرة فى المنشآت الصناعية ، وأخيراً حتمية وضرورة تطوير ذلك المدخل ليلائم مستحدثات العصر وذلك بالتصدى لحدود تطبيق مدخل تكلفة النشاط فى تحميل التكاليف الصناعية غير المباشرة ، من خلال استخدام الأساليب الكمية كما سيعرض الباحث بعد ذلك .
أولاً – أسباب الاتجاه إلى مدخل التكلفة على أساس النشاط :
1 – قصور فى الممارسة المحاسبية :
لقد جرت الممارسة المحاسبية التقليدية على تخصيص وتحميل تكاليف الإنتاج على كل الوحدات المنتجة ، حيث يقوم نظام التكاليف التقليدى بقسمة هذه التكاليف (المواد والأجور والتكاليف الصناعية غير المباشرة) على الوحدات المباعة وتلك التى تبقى كمخزون ولذلك استمدت الممارسة المحاسبية فى معظم الشركات فى استخدام العمل المباشر كأساس لتخصيص المصروفات الصناعية غير المباشرة على الرغم من أن العمل المباشر لا يمثل فى الوقت الحاضر أكثر من 5% من إجمالى تكاليف التصنيع فى بعض الحالات .
وترتب على ما سبق ضرورة العمل على تحسين وتطوير نظام التكاليف التقليدى باستخدام وسائل أكثر دقة فى تحديد تكلفة المنتجات على أساس معرفة الأنشطة التى تؤدى إلى وجود التكاليف الصناعية غير المباشرة ومعرفة أسباب وجود الأنشطة المسببة للتكاليف ، ومعرفة الموارد التى تستهلكها هذه الأنشطة .
ومن الملاحظ أن التطوير السابق يستلزم بالضرورة استخدام أسس جديدة لتحميل التكليف على المنتجات تسمح بإمكانية تتبع تكاليف الأنشطة إلى المنتجات التى استخدمت هذه الأنشطة وبحيث تعطى تصوراً جديداً لكيفية تحديد تكلفة المنتجات ، فعلى سبيل المثال قد يكون استخدام طلب أو أمر الشراء كأساس لتحميل تكاليف الحصول على المواد أفضل من الأساس التقليدى وهو قيمة المواد المطلوبة . فإذا فرض أن هناك أمرين للإنتاج يتطلب الأول إصدار أمر شراء واحد لطلبية مواد قيمتها (100000 جنيه) ، فى حين يتطلب الأمر الثانى إصدار عشرة أوامر شراء لمواد مجموع قيمتها (75000 جنيه) فإنه من الواضح ضرورة تحميل الأمر الثانى بنصيب أكبر من تكلفة الحصول على المواد لأنه نشاط أكثر .
2 – تغير الأهمية النسبية لمكونات التكلفة :
تواجه المنشآت فى الوقت الحاضر وخصوصاً التى تتصف عملياتها الصناعية بالكثافة الآلية والتجهيزات الإلكترونية بالزيادة غير العادية فى المصاريف الصناعية غير المباشرة وما تحدثه هذه الزيادة من أثر على الأرباح وعلى الموقف التنافس للشركة . مما يدعو إلى القول بأن نظم التكاليف التقليدية لم تعد قادرة على مسايرة تقنيات التصنيع الحديثة فقد صممت نظم التكاليف التقليدية على أساس أن تكاليف المنتجات تتكون أساساً من المواد المباشرة والأجور المباشرة مما يعطى نتائج غير دقيقة لبنود التكاليف التى ستظهر فى تقارير نظم التكاليف التقليدية ، حيث أنه لم يعد العمل المباشر هو المكون الرئيسى لتكلفة التصنيع وبالتالى لا يعتبر الأساس الملائم للتحميل فى ظل الوقت الحاضر .
3 – زيادة حدة المنافسة :
مما لا شك فيه أن ما يشهده العالم الآن من حرية فى التجارة الدولية وإنفتاح فى الأسواق قد ساهم إلى حد كبير فى زيادة درجة المنافسة التى تواجها الشركات الصناعية أمام المنتجات الوطنية والأجنبية ، وبالتالى أصبح هدف زيادة الحصة من السوق أو على الأقل المحافظة على نفس الحصة من السوق يعتبر من الأهداف الحيوية التى تشغل حيز تفكير إدارة المنشأة .
وتجدر الإشارة إلى أن حل المشكلة يكمن فى ضرورة أن تعيد إدارة المنشأة ترتيب أولوياتها بحيث يكون التركيز على زيادة الربحية فى ظل مستوى المبيعات الحالى بدلاً من تخفيض الأسعار لتحقيق زيادة حجم المبيعات ، بمعنى أن تعمل المنشأة على ترشيد استخداماتها لمواردها المتاحة لكى تكون أكثر ربحية بدلاً من تخصيص أسعارها .
4 – زيادة التنوع فى المنتجات :
أدى تنوع المنتجات وزيادة الاختلافات فيما بينها من حيث الحجم والمواصفات ودرجة التعقيد فى عملية التصنيع إلى اختلاف أنواع الأنشطة ومستوى المجهود المطلوب لخدمة وإنتاج هذه المنتجات ، بمعنى التركيز على العلاقات السببية بين التكاليف وبين الأنشطة الرئيسية المطلوبة لتصنيع المنتج .
ومن الملاحظ أنه لا يمكن لأساس تخصيص واحد أن يستوعب بدقة كل مدخلات التكاليف التى استهلكتها المنتجات ، حيث أن استخدام أسس تحميل مرتبطة بالحجم بمفردها لتتبع التكاليف سيؤدى إلى عدم دقة التكاليف فى حالة عدم ارتباط بعض الأنشطة التى تستهلكها المنتجات بالحجم . فمثلاً مضاعفة حجم الإنتاج لا يتطلب بالضرورة مضاعفة عدد مرات أو عدد ساعات إعداد الآلات للإنتاج .
ويرى الباحث أن تتبع التكاليف التى تنشأ بسبب أنشطة غير مرتبطة بالحجم يتطلب بالضرورة أسس تحميل مستقلة عن الحجم ، أى يتطلب نظام تتبع تكاليف الأنشطة وليس المنتجات .
ثانياً – فلسفة وأبعاد مدخل تكلفة النشاط :
بناء على ما سبق يتضح أن مدخل تكلفة النشاط يمثل فلسفة جديدة تركز على أن المنتجات لا تستهلك موارد الوحدة ولكنها تستهلك الأنشطة التى تحدث فى الوحدة وأن الأنشطة هى التى تستهلك موارد الوحدة وتتسبب فى التكاليف لذلك فإن هذا المدخل المستحدث يرتكز على مجموعة من الخطوات عند تطبيقه ، وهذا ما سيعرضه الباحث كما يلــى:
1 – تحديد وتحليل الأنشطة : Identification & Analysis of Activities
تعتبر عملية تحديد وتحليل الأنشطة الخطوة الأولى والرئيسية لتطبيق مدخل تكلفة النشاط ويتم تحديد أنشطة المنشأة بناء على طبيعة مراحل العمل والوظائف الرئيسية بالمنشأة حيث يتم تكوين فكرة عن كل نشاط من خلال تحليل السجلات التاريخية والوحدات المكونة لهذا النشاط وتحليل الوظائف ذات الصلة بهذا النشاط ويمثل النشاط عملية استخدام لموارد معينة مثل رأس المال والعمالة والمعدات لإنتاج مخرجات محددة قد تكون جزء من وحدة منتج أو خدمة أو منتج نهائى . ([4])
ويرى الباحث أنه لابد من التحديد الدقيق والسليم للأنشطة وتحديد جميع العمليات التى تحدث فى المنشأة عن طريق معرفة الهيكل التنظيمى للمنشأة ودراسة دليل العمليات داخل كل إدارة .
وبعد أن يتم التحديد السليم للأنشطة يتم تحليل كل نشاط إلى مجموعة العمليات الداخلة فيه ويتم تحليل كل نشاط على خطوتين كالآتى :
( أ ) تحديد طبيعة العمل داخل النشاط والتى تتمثل فى تحديد الوظائف التى يتم تأديتها داخل النشاط ، حيث أن أداء النشاط يتطلب القيام بمجموعة من الوظائف ، فعلى سبيل المثال فإن نشاط التصنيع فى صناعة الأجهزة الكهربائية يشمل القيام بمجموعة من الوظائف وهى عملية التقطيع ثم التجميع ثم التركيب . ([5])
(ب) تحديد مراحل العمل داخل النشاط ، حيث يتم تحديد مراحل العمل اللازمة لأداء كل وظيفة داخل النشاط وبحيث يتم أداء المراحل المختلفة ويحدث التفاعل بين مجموعة العناصر من عمالة وآلات وتكنولوجيا وذلك لأداء وظيفة معينة داخل النشاط .
ويهتم مدخل تكلفة النشاط بتحديد وتحليل الأنشطة التى تحدث فى المنشأة خلال دورة حياة المنتج من مرحلة تصميم وتخطيط المنتج وصولاً إلى مرحلة بيع المنتج وتسويقه ، حيث يعتبر النشاط المعين هو دائرة نشاط تحدث فيه مجموعة من العمليات غير المتجانسة فيما بينها فى استهلاكها للتكاليف ، ولذلك فيتم فى هذه المرحلة تصنيف الأنشطة إلى مجموعتين كالآتى : ([6])
المجموعة الأولى – الأنشطة التى تضيف قيمة إلى المنتج :
Value Added Activities
وهى تتمثل فى تلك الأنشطة التى تساهم مباشرة فى زيادة قيمة المنتج من وجهة نظر العميل حيث الرضا فى نظرة العميل للمنتج بالإضافة إلى ذلك الأنشطة الأخرى التى تعتبر ضرورية لكى يؤدى التنظيم لكل وظائفه وهى الأنشطة التى تقدم خدمات مباشرة وضرورية للأنشطة التى تصيف إلى القيمة وتحافظ على وجود الشركة .
المجموعة الثانية – الأنشطة التى لا تضيف قيمة إلى المنتج :
Non-Value Added Activities
هى تلك الأنشطة غير الضرورية والتى يمكن التخلص منها دون التأثير على قيمة المنتج ودون التأثير على قدرة التنظيم على أداء مهامه ويلاحظ أن هذه الأنشطة تستهلك موارد الوحدة دون إضافة إلى قيمة المنتج ومن أمثلتها التخزين ومناولة المواد وإصلاح الإنتاج المعيب ووقت الانتظار للتشغيل .
وفى ظل مدخل تكلفة النشاط يتم تقسيم الوحدة الاقتصادية إلى مجموعة من الأنشطة الرئيسية والتى تعتبر هى مراكز النشاط الذى يمده فيها مجموعة من العمليات التى تساعد فى إنتاج المنتج ، وهذه العمليات هى التى تستهلك موارد الوحدة ويطلق على هذه العمليات الأنشطة الفرعية المستهلكة لموارد الوحدة والتى تتسبب فى التكاليف لكل نشاط . ([7])
وعادة ما يؤدى تقسيم الوحدة الاقتصادية إلى مجموعة أنشطة رئيسية بداخلها أنشطة فرعية وهى مسببات التكلفة إلى ظهور هيكل هرمى للأنشطة يتضح فى الشكل رقم (4) .
شكل رقم (4)
أنشطة عامة |
إدارة المصنع
المبانى
الإضاءة والأمن
| |
أنشطة مدعمة بخطوط الإنتاج
|
هندسة العمليات
مواصفات المنتج
ملاحظات التغير الهندسى
تطوير الإنتاج
| |
أنشطة على مستوى
دفعة الإنتاج
|
التجهيزات
تحركات المواد
أوامر الشراء
العرض
| |
أنشطة على مستوى وحدة المنتج
|
العمل المباشر
المواد المباشرة
ساعات دوران الآلات
الطاقة
| |
2 – تحديد تكلفة الأنشطة :
تعتبر الخطوة التالية لمرحلة تحديد وتحليل الأنشطة هى تحديد احتياج كل عمل داخل النشاط من موارد المنشأة ، حيث يعتبر كل عمل داخل النشاط مسبباً للتكلفة .
وبذلك تعتبر تكلفة النشاط هى مجموعة تكاليف عوامل الإنتاج التى أمكن تتبعها وتبين أنها تخص نشاط معين بذاته ، ويعنى ذلك أنها مجموعة التكاليف التى تسببت فيها الأعمال داخل النشاط المعين ذاته ، ويتضح أنه فى هذه المرحلة يتم تخصيص موارد الوحدة الاقتصادية المتاحة على الأنشطة حسب درجة استفادة كل نشاط من هذه الموارد . ([9])
ويتم تحديد تكلفة كل نشاط عن طريق تحديد تكاليف مدخلات النشاط من الموارد التى تتمثل فى نوعين رئيسين هما :
( أ ) موارد مباشرة : وهى تلك الموارد التى تقدمها المنشأة للأنشطة التى تحدث فيها مثل المواد الخام وطاقة الآلات والعمال وغيرها .
(ب) موارد غير مباشرة : وهى تلك الموارد التى تمثل مخرجات أنشطة أخرى وتعتبر مدخلات كموارد فى بعض الأنشطة .
ويوضح الشكل رقم (5) حركة مدخلات النشاط من موارد الوحدة الاقتصادية
شكل رقم (5)
حركة مدخلات النشاط من موارد المنشأة
موارد مباشرة
|
موارد غير مباشرة
|
النشـــاط
|
وحدة المنتج
|
تكلفـــة
النشـــاط
|
وبعد العرض السابق لمفهوم مرحلة تحديد تكلفة الأنشطة يتعرض الباحث لكيفية تحديد تكلفة كل نشاط وذلك على النحو التالى :
يتم تحديد تكلفة الأنشطة فى المنشأة عن طريق قيام مدير الوحدة الاقتصادية بتفويض بعض السلطات لمديرى الأنشطة لوضع الخطط التى تحدد احتياجات كل نشاط من الموارد المتاحة ثم يتم قياس تكلفة كل مورد ومن ثم تحقيق الكفاءة فى إدارة الموارد .
- يقوم مدير النشاط بتحديد مدخلات كل نشاط من الموارد اللازمة لأداء العمل داخل النشاط، ثم يتم تحديد الجوانب المالية التقديرية لكل نشاط فى ضوء المستوى المتوقع حدوثه لهذا النشاط وفى ضوء هذا المستوى يتم تخصيص الموارد ، ويتم إعداد خطة لكل نشاط لتحديد احتياجات النشاط من موارد الوحدة .
- يتم إعداد تقديرات التكاليف الخاصة بكل مورد ثم يتم تجميع التكاليف المتعلقة بالموارد اللازمة لكل نشاط .
- يقوم مدير المنشأة بإعداد خطة للأنشطة كلها والموارد المخصصة عليها فى شكل مصفوفة وتسمى مصفوفة الأنشطة على هيئة أعمدة وصفوف ، ويتم فيها تخصيص تكاليف كل مورد على الأنشطة .
ويرى الباحث أن المرحلة السابقة وهى تحديد تكلفة الأنشطة أو تخصيص الموارد على الأنشطة تساعد على تحقيق الاستخدام الأمثل والكفء للموارد المتاحة للمنشأة .
3 – تحديد مجمعات التكلفة :
تعتبر هذه المرحلة نتاج للمرحلة السابقة ، حيث يتم بعد تحديد التكلفة اللازمة لكل نشاط تحديد مجمعات التكلفة على مستوى الأنشطة الفرعية للأعمال التى تتم داخل الأنشطة المسببة للتكاليف حيث يعتبر لكل نشاط مجمعات للتكاليف التى تحدث بداخله .
ويعرف مجمع التكلفة بأنه مركز النشاط الذى تحدث خلاله مجموعة من التكاليف تعرف بتكلفة مركز النشاط ، ويعتبر مجمع التكلفة ذلك الجزء من عملية الإنتاج الذى ترغب الإدارة فى الحصول على تقارير تفصيلية عن التكاليف بداخله . ([11])
كما يرى بعض الباحثين أن مجمع التكلفة يقصد به التكلفة الإجمالية المخصصة على النشاط المعين ، أى أنه يمثل المبلغ الإجمالى لكل عناصر التكاليف الناتجة عن مسببات التكلفة والتى تخص نشاط معين بذاته . ([12])
4 – اختيار مسببات التكلفة :
تعتبر مسببات التكلفة أو محركات التكلفة العامل الرئيسى لمدخل تكلفة النشاط الذى يتم الاعتماد عليه فى تخصيص تكاليف الأنشطة على المنتجات النهائية وذلك لزيادة الدقة فى أرقام تكلفة المنتجات ، وذلك نظراً لأن مسببات التكلفة تعتبر هى المقياس السليم لمقدار ما تستهلكه المنتجات من الأنشطة المختلفة حيث تعكس مقدار استفادة وحدات الإنتاج من الأنشطة المختلفة .
ويرى الباحث أن الاختيار الصحيح لمسببات التكلفة هو العامل الرئيسى لنجاح مدخل تكلفة النشاط ، حيث لابد أن يتم اختيارها بدقة وبحيث يتم التأكد من أن هذه المسببات تقيس ما تستهلكه الأنشطة فعلاً من موارد المنشأة .
- المرحلة الأولى : يتم فيها حصر مسببات التكلفة التى يمكن استخدامها بتتبع تكلفة عوامل الإنتاج المستخدمة والمعبر عنها بمجموعات التكلفة المرتبطة بمركز النشاط .
- المرحلة الثانية : يتم فيها اختيار مسببات التكلفة ، حيث يتوقف اختيارها على الهدف الذى تسعى إليه الإدارة ومستوى الدقة المطلوب فى تقارير التكاليف .
ويتطلب اختيار مسببات التكلفة ما يلى :
( أ ) اختيار عدد مسببات التكلفة :
يتوقف اختيار عدد مسببات التكلفة على معايير اختيار العدد المناسب من مسببات التكلفة ، ولما كان هذا الأمر تعرض لـه بالدراسة عدد من الباحثين ، فسيتناول الباحث بعض منها فيما يلى :
- درجة الدقة المطلوبة فى أرقام التكلفة ، حيث أنه يعتبر من البديهى أنه كلما زاد عدد مسببات التكلفة كلما تم التقرب من درجة الدقة التامة أو ما يطلق عليها التكلفة الصحيحة أى أنه هناك علاقة طردية بين درجة الدقة المطلوبة فى أرقام التكلفة وعدد مسببات التكلفة.([14])
- كما أن تعقد وتنوع المزيج الإنتاجى يلعب دوراً هاماً فى تحديد عدد مسببات التكلفة حيث تؤثر درجة التنوع فى المنتجات فى معدلات استهلاك كل منها للأنشطة وبالتالى تؤثر على معدلات استهلاك الأنشطة من الموارد المتاحة ، ولذلك فكلما زادت درجة التنوع فى المزيج الإنتاجى كلما زادت الحاجة إلى زيادة عدد مسببات التكلفة لتعكس الاستفادة الحقيقية لكل منتج من الأنشطة المختلفة ومدى اختلاف المنتجات فى استهلاك الأنشطة ومن ثم موارد المنشأة . ([15])
(ب) اختيار نوع مسببات التكلفة :
يتم اختيار نوع مسببات التكلفة بحيث تكون مسببات التكلفة المختارة تستخدم بيانات ومعلومات متاحة ويمكن الحصول عليها بسهولة نسبياً ، وذلك لتخصيص تكلفة القياس. وهى تكلفة تجميع البيانات لمسببات التكلفة بالنسبة للمنفعة أو العائد من وراء زيادة عدد مسببات التكلفة ، وبالإضافة إلى ذلك نظراً لأن مسبب التكلفة يقيس بدقة ما تستهلكه المنتجات فعلاً من الأنشطة فهذا يتطلب توافر درجة عالية من الارتباط بين مسبب التكلفة المختار وبين الاستهلاك الفعلى للمنتجات حتى يتم الحصول على نتائج دقيقة لأرقام التكلفة.([16])
ويرى الباحث أنه من الضرورى تحقيق شرطى التجانس والتناسب بين مسببات التكلفة داخل مركز النشاط الواحد وبين الأنشطة الفرعية .
5 – تخصيص تكاليف الأنشطة على المنتجات :
بعد أن يتم تحديد الأنشطة وتحديد تكلفة كل نشاط وتحديد مجمعات التكلفة واختيار مسببات التكلفة لكل نشاط ، يأتى دور كيفية تخصيص تكاليف الأنشطة المجمعة على المنتجات النهائية والتى تعتبر الخطوة الأخيرة فى مجال تطبيق مدخل تكلفة النشاط ، حيث يتم فى هذه المرحلة إعداد معدلات تحميل لكل نشاط ويستخدم هذا المعدل فى تحميل المنتجات بتكاليف الأنشطة وفقاً للخطوات التالية : ([17])
( أ ) يتم إيجاد معدلات التحميل لكل نشاط عن طريق المعادلة التالية :
معدل تحميل النشاط = إجمالى تكلفة النشاط / عدد الأحداث الكلية للنشاط .
ويقصد بعدد الأحداث الكلية للنشاط عدد مرات حدوث مسبب التكلفة داخل النشاط ويراعى فى هذه الخطوة فرض التجانس ، حيث أنه إذا كانت مسببات التكلفة بداخل النشاط غير متجانسة فيتم إعداد معدل تحميل لكل مسبب تكلفة على حدة باعتباره نشاط فرعى من النشاط الرئيسى وذلك للوصول إلى درجة من الدقة فى التكلفة .
(ب) يتم تحديد نصيب الوحدة من المنتج من تكلفة كل نشاط عن طريق ضرب عدد مرات استفادة وحدة المنتج من النشاط المعين فى معدل التحميل المحسوب ، ويتم تكرار هذه الخطوة بالنسبة لجميع الأنشطة لإيجاد نصيب وحدة المنتج من كل نشاط .
(جـ) يتم تجميع أنصبة وحدة المنتج من تكاليف كل نشاط فتحصل على التكلفة غير المباشرة المحملة لوحدة المنتج ، ثم تضاف على التكلفة المباشرة للوحدة فتحصل على رقم تكلفة وحدة المنتج .
ويخلص الباحث مما سبق أن مدخل تكلفة النشاط يمثل خطوة إيجابية على طريق تطوير دور محاسبة التكاليف ، حيث أنه يؤدى إلى زيادة فعالية مخرجات محاسبة التكاليف بزيادة الدقة فى أرقام التكاليف بالإضافة إلى المزايا الأخرى التى يحققها هذا المدخل . وعلى الرغم من أهمية هذا المدخل والمزايا التى يحققها البعض وجود بعض الحدود والصعوبات التى تعوق تطبيق هذا النظام .
ثالثاً – أهمية مدخل تكلفة النشاط فى تحميل التكاليف الصناعية غير المباشرة :
يعد النشاط حجر الزاوية فى مدخل التكلفة على أساس النشاط كما تعد الأنشطة عموماً أداة كفء فى تحقيق إدارة فعالة لأعمال المنشأة ، وتتمثل أهمية مدخل تكلفة النشاط فى إمكانية تقديمه لأرقام تكاليفية صحيحة بالنسبة للمنتجات المختلفة وذلك لأن تكلفة المنتج تتمثل فى عناصر التكاليف المباشرة الداخلة فى المنتج وكذلك عناصر التكاليف غير المباشرة . وبالنسبة لعناصر التكاليف المباشرة فيسهل تخصيصها على وحدة المنتج ، ويتضح من ذلك أن أى تحريف فى رقم تكلفة المنتج يكون ناتج من التخصيص غير السليم لعناصر التكاليف غير المباشرة . ([18])
ويرتكز النقد الأساسى الموجه إلى أسس تخصيص التكاليف غير المباشرة إلى استخدامها لأسس تحميل مرتبطة بحجم الإنتاج باعتبار أن حجم الإنتاج هو المسبب الوحيد للتكلفة وبذلك يعتبر التخصيص والتحميل فى مثل هذه الحالة غير سليم ويؤدى إلى نتائج غير سليمة . وعلى خلاف ذلك يرتكز مدخل تكلفة النشاط على أن التكاليف غير المباشرة ناتجة من وجود العديد من المسببات وهى مسببات التكلفة والتى تتمثل فى الأنشطة الفرعية التى تساعد فى إنتاج المنتج وهى التى تستهلك موارد الوحدة ويتسبب فى التكاليف .
ومما سبق يتضح أنه فى ظل أسس التخصيص القائمة تكون نسبة التكاليف غير المباشرة المحملة للإنتاج لا تعكس العلاقة الفعلية بين المنتجات وما استخدمته من موارد الوحدة ، وهذا يعنى أن الأسس التقليدية تسهل التنوع والاختلاف بين المنتجات من حيث درجة التعقيد فى عمليات التصنيع ومن حيث طلب المنتجات على الأنشطة ومن ثم على الموارد المتاحة للمنشأة .
ولقد عالج مدخل تكلفة النشاط هذه المشكلة ، حيث ركز على العلاقات السببية بين المنتجات والتكاليف ، فهو يهتم بمسببات التكلفة ثم يبدأ بربط الأنشطة بموارد الوحدة وتحديد مقدار ما تستهلكه منها ، ثم يتم بعد ذلك تحديد مقدار ما يستهلكه كل منتج من الأنشطة عن طريق مسببات التكلفة ، وبذلك يتم الوصول إلى أساس سليم لتخصيص التكاليف غير المباشرة وبالتالى تحميل التكاليف غير المباشرة على المنتجات . ([19])
وخلاصة القول أن زيادة نسبة التكاليف غير المباشر تكون نتيجة للتقدم التكنولوجى فى التصنيع وهى التى أدت إلى تعقيد المشكلة ، حيث أصبح هناك ضرورة للتخصيص والتحميل السليم لهذه التكاليف حتى يتسنى التحديد السليم لتكلفة المنتجات ، ونتيجة لما سبق فقد أصبحت قضية تخصيص التكاليف غير المباشرة محور اهتمام محاسبة التكاليف ، وأنه عند الوصول إلى أساس سليم للتخصيص والتحميل يمكن الجزم بأن هذا الأساس قد أدى إلى تطوير دور محاسبة التكاليف ويتضح من العرض السابق أن مدخل تكلفة النشاط يلعب دوراً جوهرياً فى تطوير دور محاسبة التكاليف .
ومن ناحية أخرى فإن مدخل تكلفة النشاط يوفر المعلومات اللازمة للتنبؤ بالتغيرات فى الطلب على الأنشطة المستهلكة للموارد نتيجة للتغيرات فى حجم وتشكيله المنتجات أو تقديم منتجات جديدة أو إلغاء منتجات حالية أو تحسين عمليات التصنيع أو التغير فى تصميم المنتجات ، وبالتالى يمكن التنبؤ بما قد يحدث من عجز أو زيادة فى الموارد المتاحة نتيجة للتغيرات فى الطلب على الأنشطة المستخدمة لهذه الموارد ، وبذلك يمكن القول بأن المعلومات التى يوفرها مدخل تكلفة النشاط تعتبر المدخلات الرئيسية لأغراض التخطيط وإعداد الموازنات.([20])
كما أنه من ناحية أخرى يوفر مدخل تكلفة النشاط معلومات تساعد على تحسين التكلفة من خلال تحقيق رقابة أفضل على التكاليف وذلك لأن معرفة العلاقة السببية بين الأنشطة وعناصر التكاليف تؤدى إلى إمكانية الرقابة على التكاليف . ([21])
وإضافة إلى ما تقدم فإن مدخل تكلفة النشاط يساعد الإدارة على تحقيق سياسة التحسين المستمر Continuous-Improvement والتى تعتبر من أهم وأبرز السياسات التى تتبعها المنشأة فى الوقت الحالى لمواجهة تحديات المنافسة القوية ، والتى يقصد بها الاهتمام بالتطوير والتحسين المستمر فى جميع عمليات المنشأة بهدف تطوير مخرجات الوحدة ككل .
وذلك لأن مدخل تكلفة النشاط يهتم بالتحديد السليم للأنشطة بداية من مرحلة تصميم المنتج وحتى مرحلة بيع المنتج وتسويقه ، وهذا يعنى الاهتمام بعناصر التكاليف التى تحدث فى جميع مراحل المنتج والتى تتمثل فى مرحلة التخطيط والتصميم الهندسى للمنتج ، عمليات الشراء ومرحلة التشغيل والإنتاج . وأخيراً مرحلة البيع والتوزيع وذلك على خلاف اهتمام محاسبة التكاليف القائمة بعناصر التكاليف المتعلقة بعمليتى الإنتاج والبيع فقط . ([22])
ويلاحظ مما سبق أن مدخل تكلفة النشاط يلعب دوراً لا يمكن تجاهله فى تحقيق أهداف التطوير والتحسين المستمر عن طريق تحديد وتحليل الأنشطة فى جميع مراحل المنتج والذى يؤدى بدوره إلى تمكن إدارة الوحدة الاقتصادية من التحكم فى التكاليف ومن ثم تخصيص التكاليف فى الأجل الطويل .
ومن الجدير بالذكر أن مدخل تكلفة النشاط يهتم بالتحديد السليم للأنشطة وتحليلها بالفصل بين الأنشطة الضرورية التى تضيف قيمة للمنتج والأنشطة غير الضرورية التى لا تضيف قيمة للمنتج وتستهلك تكلفة ، حيث يتم استبعاد الأخيرة وبالتالى تخصيص تكلفتها . وهذا فضلاً عن إمكانية التحكم والرقابة فى تكاليف الأنشطة التى تضيف قيمة للمنتج، وهذا يؤدى بدوره إلى تحقيق الرقابة على التكاليف . ([23])
رابعاً – حتمية تطوير مدخل تكلفة النشاط :
يواجه تطبيق مدخل تكلفة النشاط عدة صعوبات عند تخصيص وتحميل التكاليف الصناعية غير المباشرة والتى تعد عائقاً دون تطبيق هذا المدخل وهو الأمر الذى يدعو إلى حتمية تطوير ذلك المدخل حيث تكمن هذه الصعوبات فى الآتى :
1 – الصعوبة العملية والاقتصادية فى تحديد الأنشطة المسببة لحدوث بعض التكاليف ، مثل تكاليف المبانى والتى تشمل أنواع مختلفة مثل الإيجار أو الإهلاك والتأمين ، والضرائب العقارية ، فمثل هذه التكاليف قد لا يكون من المناسب اقتصادياً تحمل تكاليف دراستها وتحليلها وربطها بالأنشطة عن العائد من وراء ذلك مما يجعل من المحتمل توزيعها على الأقسام والمنتجات وفقاً لأسس تعتمد على مقاييس حكميه . ([24])
2 – قد تضطر المنشأة عند تحديد تكاليف المنتجات إلى التحديد المحكم لفترات المحاسبة ، فإذا كان قياس ربحية المنتج خلال دورة حياته هو الأفضل ، ولكن توجد بعض المنتجات قد تطول دورة حياتها فيكون من المرغوب فيه بالانتظار حتى نهاية حياتها لقياس الربح وهذا يضطر المنشأة إلى استخدام بعض المقاييس المؤقتة لتوزيع التكاليف .
ويرى الباحث أن هذا الانتقاد لا يقتصر على مدخل التكلفة على أساس النشاط فقط بل أنه قائم أيضاً فى ظل النظم التقليدية للتكاليف .
3 – مدى توافر البيانات وارتفاع تكلفة النظام ، فمن الجدير بالذكر أن تطبيق أى نظام تكاليفى داخل المنشأة يعتبر قرار يحكمه مبدأ التكلفة والعائد ، وبالتالى فإنه يجب عند تطبيق مدخل تكلفة النشاط أن تفوق المنفعة المضافة نتيجة لتطبيقه التكاليف المترتبة عليه .
ويرى العديد من الباحثين أن أحد الصعوبات التى تواجه تطبيق هذا المدخل هو البيانات التفصيلية المطلوبة للمدخل والتى تتمثل فى البيانات عن الموارد والأنشطة والمسببات ، لأنه يتطلب درجة كبيرة من التفاصيل وكذلك عدد كبير من العمليات الحسابية لتحديد تكلفة المنتج . ([25])
ويرى الباحث أنه فى ظل النظم الإلكترونية الحديثة والتى تعتبر مسئولة عن تجميع البيانات المرتبطة بخطوات التصنيع فيعد من السهولة الحصول على البيانات المتعلقة بالأنشطة ومسببات التكلفة مهما زاد عددها وبالتالى يمكن الرد على أصحاب الرأى السابق حيث أن مدخل تكلفة النشاط يطبق فى الوحدات الاقتصادية المتقدمة تكنولوجياً التى فيها نظم إلكترونية متقدمة ، أى أن وجود نظم تقنيات المعلومات الحديثة يعتبر السبب الذى أعطى المؤشر لتطبيق مدخل تكلفة النشاط وتذليل العقبات أمام تطبيق هذا الدخل .
4 – توجد بعض التكاليف قد يصعب ربطها مباشرة بمنتج معين مما قد يصعب من دراستها وتحليلها مثل تكاليف أنشطة التسويق والإعلان والأبحاث . ويرى الباحث أنه فى ظل توافر بيانات عن هذه التكاليف وعن الأنشطة التى تسببت فى حدوثها يمكن دراستها وتحليلها ومحاولة ربطها بالمنتجات بدرجة معقولة نسبياً من الدقة .
5 – صعوبات تتعلق بالعنصر البشرى ، فلا شك أن أى عملية تغيير أو تطوير تواجه دائماً بالمعارضة والمقارنة من جانب الأفراد الذين يخصهم هذا التغير والتطوير ، لذلك فإن المنشآت التى تسعى إلى تطبيق مدخل التكلفة عن النشاط تواجه بمعارضة كبيرة من الأقسام والإدارات التى لا ترغب فى التغير وتفضل التمسك بنظام التكاليف التقليدى الذين اعتادوا على استخدامه ، حيث أن هذا المدخل يرتكز على التحديد السليم للأنشطة التى قد تضيف للمنتج واستبعاد الأنشطة التى لا تضيف قيمة للمنتج وهذا بدوره يؤدى إلى إلغاء الأنشطة الأخيرة وقد يؤدى ذلك إلى الاستغناء عن بعض العاملين أو تغيير مراكزهم قد يدفعهم إلى مقاومة عملية التغيير ورفض تطبيق هذا المدخل المستحدث.([26])
ورداً على ذلك فإنه يمكن التقليل من تأثير عملية مقاومة التغير من خلال مشاركة القائمين على تنفيذ المدخل مع مصممى المدخل (أو مصممى النظام) ، ومن ناحية أخرى إدراك جميع المستويات التنظيمية بقيمة هذا المدخل وأهميته فى تحقيق مزايا عديدة للمنشأة ، أى أن هذا المدخل المستحدث لا يؤدى إلى الاستغناء عن العمالة بل يؤدى إلى زيادة قيمة العمالة حيث يتم الاستفادة من معلومات كل مسئول بكل قسم عن طبيعة الأنشطة بداخل القسم ومدى مساهمة كل نشاط فى إضافة قيمة إلى المنتج والوحدة الاقتصادية .
ويرى الباحث أن نجاح تطبيق مدخل تكلفة النشاط يمكن أن يتم بنجاح من خلال عمل البرامج والدورات التدريبية للعاملين المتوقع تعاملهم مع ذلك النظام الجديد وبصفة خاصة القيادات الإدارية فى مجال الإنتاج والعمليات .
( أ ) تكاليف الطاقة الفائضة :
وتعنى تكلفة الطاقة الفائضة أو غير المستغلة والتى يجب ألا تحمل على المنتجات الفردية، وإنما يتم معالجتها باعتبارها تكلفة خاصة بالفترة (تكلفة دفترية) فمثلاً إذا كانت الطاقة المتاحة للمنشأة 100000 وحدة ، والتكلفة الكلية السنوية 500000 جنيه فإن معنى ذلك أن تكلفة الوحدة تبلغ 5 جنيه عند الاستغلال الكامل للطاقة فإذا كان الطلب على المنتج أقل من 100000 وحدة فإنه من غير المقبول أن يتم توزيع التكلفة الكلية على حجم الطلب الأقل من الطاقة المتاحة مما يؤدى إلى الارتفاع تكلفة الوحدة رغم أن العمالة والآلات لم تصبح أقل كفاءة بل أن السبب هو انخفاض حجم الطلب ولذا تعالج تكلفة الطاقة الفائض باعتبارها تكلفة فتريه .
(ب) تكاليف الأبحاث والتطوير للمنتجات الجديدة :
فهذا النوع من التكاليف لا يتم تحميله على المنتجات الفردية فى ظل مدخل التكلفة على أساس النشاط أما تلك التكاليف المرتبطة بإجراء تحسينات وتعديلات على المنتجات والخطوط الإنتاجية القائمة فعلاً فإنه يتم نسبتها إلى المنتجات التى تستبعد من جهود التطوير والتى كانت سبباً فى وجود هذه التكلفة .
ولو تعرض الباحث إلى خطوات تطبيق مدخل محاسبة تكلفة النشاط يجد أن الخطوة المتعلقة بتحديد نوع محرك التكلفة لها معايير أو ضوابط لابد من الاسترشاد بها فى تحديد نوع محركات التكلفة الواجب استخدامها وهى :
( أ ) درجة الارتباط :
ويقصد بذلك أنه لابد من وجود ارتباط بين محرك التكلفة المختار وبين الاستهلاك الفعلى للأنشطة بواسطة المنتجات حيث أن قيام نظام محاسبة تكلفة النشاط يتبع تكلفة كل نشاط إلى المنتجات على أساس مقدار ما أستهلكه كل منتج من محرك التكلفة المحدد لذلك النشاط فإن القياس السليم لتكلفة المنتجات يقتضى استخدام محركات تكلفة ترتبط مباشرة بالاستهلاك الفعلى لموارد الأنشطة حيث توضح الكثير من الدراسات المحاسبية أن دقة تخصيصات التكلفة تعتمد على درجة ارتباط محرك التكلفة المستخدم بالاستهلاك الفعلى أو الحقيقى للأنشطة . ([28])
وعلى ذلك يرى الباحث أن استخدام محركات تكلفة لا ترتبط مباشرة باستهلاك المنتجات للأنشطة سوف يؤدى إلى الوصول لأرقام تكلفة للمنتجات لا يعبر عن التكلفة الحقيقية لهذه المنتجات .
(ب) الآثار السلوكية :
يتحكم فى عملية اختيار نوع محركات التكلفة الآثار السلوكية لمحرك التكلفة حيث يرى القائمون على إدارة المنشأة ضرورة زيادة الجانب التأثيرى لنظم التكاليف بحيث يتم توجيهها نحو تغيير العاملين لكى يتصرفوا وفقاً للاستراتيجيات الصناعية طويلة الأجل أكثر من تركيز استخدامها كأداة لإمداد الإدارة العليا ببيانات عن التكاليف والانحراف . والأرباح فقط ، الأمر الذى يعنى ضرورة أن تلعب نظم التكاليف دوراً تأثيراً ملموساً إلى جانب دورها الإخبارى . ([29])
ويرى الباحث أن النظرة السابقة قد يكون لها تأثيرها على اختيار نوع محرك التكلفة إذا يمكن لمحاسب التكاليف أن يكيف نفسه مع استراتيجية التصنيع الذى تعتمد على زيادة درجة التنميط ويخصص عدد الأجزاء الداخلة فى تكوين المنتجات ، بأن يستخدم عدد الأجزاء الداخلة فى نماذج المنتج كمحرك تكلفة لمنتج تكلفة نشاط التصميم إلى المنتجات بهدف التأثير على القرارات الهندسية الخاصة بتصميم المنتج فكلما كان التصميم أكثر تبسيطاً وأكثر استخداماً كلما انخفضت التكاليف الإضافية المحملة على المنتج .
ومن ناحية أخرى قد تكون هناك آثار سلوكية غير مرغوبة لبعض محركات التكلفة ، فعلى سبيل المثال يلاحظ أن اختيار عدد الاتصالات المباشرة بالموردين لاختيار المورد كمحرك تكلفة لنشاط الشراء ، قد يحفز القائمين على إدارة المشتريات على الاتصال بعد قليل من الموردين ، الأمر الذى قد يؤدى إلى الفشل فى تحديد المورد المناسب حتى حيث التكلفة والجودة ومواعيد التوريد .
ومن الجدير بالذكر أن تحديد عدد أوعية تكلفة النشاط المطلوبة (أو محركات التكلفة) يتوقف على تحقيق شرط التجانس بين الأنشطة الفرعية أو الأعمال المؤداة والتى يجب تضمينها فى وعاء التكلفة حيث يعتبر تجانس الأنشطة الفرعية أو الرئيسية ، التى تدخل تكلفتها فى وعاء التكلفة تجانس الأنشطة الفرعية أحد المقومات الأساسية اللازمة لنجاح نظام محاسبة تكلفة النشاط فى الوصول إلى أرقام دقيقة لتكلفة المنتجات أو الخدمات التى يمكن الاعتماد عليها فى اتخاذ القرارات الإدارية ، والمقصود هنا بشرط التجانس أن يتم تجميع بنود التكلفة التى يحركها مسبب واحد فى وعاء تكلفة واحد .
ويمكن القول بأن فرض التجانس يصبح غير متوافر حالة ما إذا تم تجميع أنشطة رئيسية لا ترتبط فيما بينها مما يؤدى إلى انخفاض مستوى دقة أرقام تكلفة المنتجات مما قد يصعب معه التصديق بدقة المعلومات المستمرة من نظام محاسبة تكلفة النشاط .
وبناء على تذليل تلك الصعوبات السابق مناقشتها واستخدام بعض الأساليب الكمية المتطورة يمكن تطوير مدخل تكلفة النشاط فى تحميل التكاليف الصناعية غير المباشرة ومن ثم تطويره والاستفادة من مزاياه بشكل مقبول . وهو ما يحاول الباحث جاهداً توضيحه ومناقشته فى الجزء التالى من المبحث ، ولكن بداية يستوجب على الباحث عمل دراسة انتقادية للأساليب الكمية التى استخدمها بعض الباحثين فعلاً فى محاولة تطوير طرق تحميل التكاليف الصناعية غير المباشرة خلال الربع الأخير من القرن العشرين ، وذلك ما يقدمه فى الفصل التالى تمهيداً لتقديم الأسلوب الذى يتبناه الباحث فيما بعد .
أ - - Dopuch, Nicholas, "A Perspective on Cost Driver", The Accounting Review, July 1995, Pp. 615 - 620.
ب - - Shields, Michael, and Mcewen, "Implementing Activity - Based Costing System Successfully", Journal of Cost Management, Vol. 9, No. 4, Winter 1996, Pp. 15 - 22.
جـ - - Banker, Rajiv D., Gordon Potter and Roger G. Schroeder, "An Empirical Analysis of Manufacturing Overhead Cost Drivers", Journal of Accounting and Economics (Vol.
19, 1995), Pp. 115 - 137.
أ - - Mike Jeans and Michael Morrow, "The Practicabilities of Using Activity - Based Costing", Management Accounting, Vol. 67, No. 10, Nov. 1989, Pp. 42 - 43.
ب - - Cooper, R., "Explicating the Logic of ABC", Management Accounting, November 1992, P. 127.
جـ - - Hardy, J.W., and E.D., Hubbard, "ABC Revisiting the Basis", CMA Magazine, November 1994, Pp. 211 - 214.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.