مفهوم وأسس قياس وتحديد الإيرادات فى المصارف
أولاً : مفهوم الإيراد :
وردت للإيرادات عدة تعريفات يمكن من خلالها إستباط المفاهيم الأساسية للإيرادات ومن هذه التعريفات مايلي :
(1) الإيرادات تمثل الزيادة في الأصول ( التدفق النقدي الداخل) أو الزيادة في الأرصدة القابلة للتحصيل والناتجة عن عمليات المشروع التي تحدد وتقاس وفق مبادئ المحاسبة المقبولة([1]). ويلاحظ على هذا التعريف انه ينظر إلى الإيراد على انه تدفق نقدي داخل إلى الوحدة المحاسبية نتيجة قيامها بأداء أنشطتها خلال الفترة سواء كان هذا لتدفق في شكل سداد نقدي او في شكل دائنيه قائمة على العملاء .، وبالتالي يترتب عند تحديد طبيعة الإيراد ضرورة انتقال السلع والخدمات التي تعمل فيها الوحدة إلى طرف خارجي )( تمام عملية المبادلة وان يترتب على ذلك زيادة في صافي أصول الوحدة المحاسبية ).
(2) تمثل الإيرادات الجانب الإيجابي في معادلة الربح وعن طريق إجراء المقابلة بين النفقات الايرادية والإيرادات التي سببتها يمكن الحصول على الربح أو الخسارة([2]). وفي هذا التعريف يتم النظر إلى الإيراد من زاوية قائمة الدخل حيث تتم المقابلة ما بين الإيرادات الايرادية والنفقات التي تسببت فيها للحصول على الربح ويلاحظ عدم شمول هذا التعريف للإيرادات غير المستمرة التي تأتي عن طريق بيع الأصول ، الحصول على تعويضات مترتبة عن قضايا قانونية ، وغيرها .
(3) يمثل الإيراد الجانب الإيجابي من معادلة تحديد الربح وذلك بمقابلة الإيرادات مع المصروفات التي تحدد (معادلة) صافي الربح ونقاس الإيرادات بمقدار الزيادة في أصول المنشأة أو النقصان في مطاليبها أو الاثنين معاً ([3]). أيضا ينظر هذا التعريف إلى الإيراد من زاوية قائمة الدخل مع الأخذ في الاعتبار أن تتحقق عنة زيادة في صافي أصول المنشأة أو مطلوباتها أو الاثنتين معاُ.
(4) يتمثل الإيراد في كل ما يتولد من قيم سواء كان ذلك في شكل سلع أو خدمات وسواء تم تبادل هذه السلع أو لم يتم تداولها خلال الفترة المحاسبية([4]).
(5) الإيراد هو مقدار الزيادة في الأصول أو مقدار النقص في الخصوم الناتج عن قيام المشروع ببعض أو كل النشاطات التالية (1) بيع السلع(2) تأدية الخدمات للعملاء أو تأجير أصول المنشأة للغير(3)بيع أحد بنود الأصول مثل الأراضي، المباني أو الأوراق المالية([5]). ويلاحظ على التعريف انه ينظر إلى الإيراد على انه تدفق من القيم خارج من الوحدة المحاسبية متمثل في قيمة السلع والخدمات والأوراق المالية التي يتم تبادلها مع الغير .
(6)الإيراد هو عبارة عن المبالغ التي يتم الحصول عليها نقداً مباشرة أو لاحقاً من جراء البيع الآجل للسلع والخدمات مقابل مصاريف ساهمت في تحقيق عملية البيع([6]). ويلاحظ ان التعريف ينظر إلى الإيراد على انه تدفق من القيم داخل إلى الوحدة المحاسبية
(7)الإيراد هو إجمالي التدفق النقدي أو ديون العملاء أو أي إيرادات ناشئة عن مزاولة النشاط العادي للمؤسسة والتي تنشأ عن مبيعات السلع و تأدية الخدمات والخدمات المقدمة إلى الغير مقابل فوائد أو عوائد أو أرباح الأسهم([7]).
(8) الإيراد هو التدفقات الداخلة إلى الوحدة أو أي زيادة في أصولها أو تسديد لخصومها (أو كليهما معا) التي تنشأ عن إنتاج وبيع السلع وتأدية الخدمات للغير أو أي أنشطة أخرى مما يشكل الأعمال الرئيسية المعتادة والمستمرة ([8]). ويلاحظ على هذا التعريف انه ينظر إلى الإيراد على انه كل ما يسفر عنه النشاط الإنتاجي خلال فترة معينة وبالتالي يتمثل الإيراد في ظله في كل ما يتولد من قيم سواء كان ذلك في شكل سلع أو خدمات أو نظير أي أنشطة أخرى تقدمها المنشأة للغير وسواء تم تبادلها مع الغير أو لم يتم تبادلها خلال الفترة .
من التعريفات السابقة للإيراد نجد أن مفهوم الإيراد يمكن النظر إلية من خلال ثلاث وجهات نظر مختلفة هي :
الاتجاه الأول : وفية يتم النظر إلى الإيراد على انه تدفق من القيم داخل إلى الوحدة المحاسبية نتيجة قيامها بأداء نشاطها خلال الفترة . ويشترط عند تحديد طبيعة الإيراد وفقا لهذا الاتجاه ضرورة انتقال السلع والخدمات إلى طرف خارجي ( إتمام عملية المبادلة ) وان يترتب عن ذلك زيادة في صافي أصول الوحدة المحاسبية .
الاتجاه الثاني : وفيه يتم النظر ألي الإيراد على انه تدفق من القيم خارج من الوحدة المحاسبية متمثل في قيمة السلع والخدمات التي يتم تبادلها مع الغير وتبعا لهذا الاتجاه ناتج المنشأة لا يعتبر إيراداً إلا في حالة تبادله مع الغير .
الاتجاه الثالث : وفية يتم النظر إلى الإيراد على انه كل ما يسفر عنه النشاط الإنتاجي خلال فترة معينة . بمعني أن الإيراد طبقا لهذا الاتجاه يتمثل في كل ما يتولد من قيم سواء كان ذلك في شكل سلع أو خدمات وسواء تم تبادلها أم لم يتم تداولها خلال الفترة ويلاحظ أن هذا الاتجاه يحدد طبيعة الإيراد من اتجاه فكري بحت لا علاقة له بمشاكل التطبيق العملي المتعلقة بالقياس والتحقق بحكم معالجته للإيراد دون التقيد بطريقة معينة من طرق القياس أو توقيت معين للاعتراف والإثبات المحاسبي.
وبإستعراض الاتجاهات الثلاث يري الباحث ان الاتجاه الأخير افضل الاتجاهات الثلاث في التعبير عن مفهوم الإيراد لانه ينظر الى الايراد على انه كل مايسفر عنة النشاط الانتاجي خلال فترة معينة وبذلك يحتوي على مفهومي تدفق القيم الداخل والخارج.
ثانياً : أنواع الإيرادات :
يمكن تقسيم الإيرادات إلى الأنواع الأساسية الآتية :
1- إيرادات عادية
2- إيرادات غير عادية
3- مكاسب رأسمالية
4- إيرادات غير مستمرة
1- الإيرادات العادية :
هي الإيرادات التي تنشا عن عملية البيع للسلع والخدمات التي تمثل النشاط العادي للمشروع وتقاس بمقدار الزيادة في صافي الأصول للمنشأة([9]) وهي تتصف بصفات أهمها :
أ- أنها تتعلق بالفترة المحاسبية التي تعد الحسابات عنها خلال سياق عمليات المشروع
ب- إنها متكررة من فترة مالية إلى أخرى وبالتالي يمكن التنبؤ بها وتوقعها
ج- لاشك أن هذه الإيرادات هي عائد يقابل النفقات الإيرادية التي يقدمها المشروع أو أن هناك علاقة سببية بين هذه الإيرادات وتلك النفقات التي أنتجتها .
وتأسيسا علي ذلك فان هذه الإيرادات تمثل العنصر الإيجابي في معادلة قياس الربح وهي تظهر في قائمة الدخل من خلال المقابلة مع النفقات الإدارية([10]).
2- الإيرادات غير العادية :
هي الإيرادات التي يحصل عليها المشروع بعيدا عن مزاولة نشاطه العادي بل عن طريق أنشطة عارضة أخرى بسبب عوامل إدارية أو قانونية أو اقتصادية وبالتالي يصعب التحكم فيها والتنبؤ بها مثل (إعانات الإنتاج ، إعانات التصدير ، تعويض متعلق بمنازعه قانونية أثيرت في السنين السابقة ، أو الأرباح الطارئة الناتجة عن طريق الحروب ) وهي إيرادات ايرادية لأنها متعلقة بتحديد ربح المشروع عن المدة الحالية المعدة عنها الحسابات ، ومع ذلك إيرادات غير اعتيادية حيث أنها لا تنتج عن النشاط العادي للمشروع([11]) و تتميز الإيرادات الايرادية غير العادية بالصفات الآتية :
(1) ليس من الضروري أن تكون هذه الإيرادات متعلقة بالمدة الحالية ، بل قد تكون متعلقة بمدة مالية سابقة ولم تتحقق إلا في المدة الحالية .
(2) لا تتصف بالتكرار ، وإذا تكررت فتكون بشكل غير منتظم وعلي ذلك لا يمكن التنبؤ بها أو توقعها.
(3) لا توجد علاقة سببية بين هذه الإيرادات والنفقات الايرادية ، إذ أنها تنشأ نتيجة وجود عوامل من الصعب التحكم فيها .
رغم الاتفاق حول طبيعة الإيرادات الايرادية غير العادية وضرورة اقفالها في حساب الأرباح والخسائر إلا أن هناك خلافاًً محاسبياً حول كيفية عرضها في قائمة الأرباح والخسائر ويمكن التمييز بين اتجاهين اثنين([12]):
الاتجاه الأول : يري أنصار هذا الاتجاه انه لامبرر لتمييز الإيرادات غير العادية من الإيرادات العادية ، وانَ كِلا النوعين يجب أن يظهر في قائمة الدخل على قدم المساواة . وينسجم هذا الاتجاه مع التعريف العام أو الشامل للربح بأنه قيمة صافي الأصول للمشروع بين أول المدة وآخر المدة كما ينسجم هذا الاتجاه مع نظرية أصحاب المشروع أو الملكية المشتركة , ويَدعِي أصحاب هذا الاتجاه أن اتباع مبدأ الربح الشامل يتميز بسهولة التطبيق من الناحية العملية وانه لا يترك فرصة لظهور الآراء الشخصية أو مجالاً لتلاعب الإدارات في تفسير الربح العادي و الشامل كي تحدد الإيرادات بما ينسجم مع مصلحتها . كما أن اتباع الربح الشامل يسمح بأجراء المقارنة بين أرباح السنوات الماضية وكذلك يبين أرباح المشروعات المماثلة في السنة الواحدة .
الاتجاه الثاني : يري أنصار هذا الاتجاه ضرورة تمييز الإيرادات العادية من الإيرادات غير العادية، بحيث تقسم قائمة الدخل أو الأرباح والخسائر ألي مرحلتين : الأولي تظهر الأرباح العادية نتيجة مقابلة الأحداث الايراديه العادية ، والثانية تظهر الربح الشامل بمراعاة الأحداث غير العادية الايرادية والرأسمالية. كما يمكن أيضا الاكتفاء بعرض الأحداث الايرادية العادية لتحديد الربح العادي في قائمة الدخل، وإظهار الأحداث غير العادية مباشرة في حساب التوزيع . ويعتقد أنصار هذا الاتجاه الأخير أن تمييز الربح العادي من الربح الشامل يؤدي إلي فهم سليم للمقدرة الكسبية للمشروع ، فالأرباح غير العادية ليس لها صفة التكرار أو الديمومة , وان وضعها في قائمة الدخل من شانة تضليل قراء القوائم المالية .
هذا الاتجاه يعتبر اكثر انسجاما مع تطور الفكر المحاسبي الذي اعتمد علي فصل الملكية عن الإدارة وادي إلي ظهور نظرية الشخصية المعنوية والتي تعتبر المشروع وحدة مستقلة تمتلكها إدارة هذا المشروع ولما كانت الأرباح غير العادية ليست عائدة لنشاط إدارة المشروع المعتاد ، فإن تمييزها من الأرباح العادية يعد أمرا مرغوبا فيه بحيث تعد الأرباح العادية الناجمة عن مقابلة الإيرادات العادية بتكلفة الحصول علي هذه الإيرادات العادية مؤشرا جيدا لتقييم أداء إدارة المشروع .كما أن الربح العادي اكثر انسجاما مع أغراض المقارنة مع الربح الشامل ، إذ أن الصفة غير المتكررة للأرباح غير العادية تزيد من أرباح الدورات التي حدثت فيها تلك الأرباح، بحيث يظهر خلل جوهري في تحليل ربحية المشروع إذا تمت المقارنة مع دورات متتالية ، مع أن ذلك بالفعل يعود إلي ظروف طارئة.
الجدير بالذكر أن التقسيم بين الأرباح العادية والأرباح غير العادية يثير الكثير من الجدل بين مؤيدي هذا التقسيم و معارضيه : إذ يري مؤيدي هذا التقسيم انه ينطلق من الأمور الثلاثة التالية([13]):
(1) تقويم الأداء السابق:
إن دمج الإيرادات العادية مع الإيرادات غير العادية ، لا يؤدي بالأطراف المستفيدة إلي تقويم أداء المشروع عن الفترة السابقة أو تقويم مستوياته الادارية المختلفة . فإذا حقق المشروع خسائر في العام السابق مقدارها مائة ألف دينار ,وتحصل على تكلفة تقاضي خلال ذات العام مليون دينار تعويضا عن غرق بضاعة في حالة حرب مثلا ، فصارت أر باحة المعلن عنها تسعمائة آلف دينار ، فان القارئ العادي يعتقد أن حال المشروع هذا العام افضل من الأعوام السابقة بكثير . ولكننا إذا فصلنا بين ربح العام الحالي وربح العام الماضي يتبين أن المشروع حقق خسارة عادية وربحا غير عادي وبالتي قد يحجم المستثمرون عن شراء اسهم من هذا المشروع بعد التقسيم ويقبلون علي الشراء قبلة .
(2) توجيه قرارات الأعمال:
أي أن توجيه قرارات الأعمال من قبل المستويات الادارية المختصة يحتاج إلي الفصل بين الإيرادات العادية والإيرادات غير العادية وذلك انطلاقا من الافتراضيين التاليين :
(أ) أن الأرباح العادية تشير إلي ربحية الشركة علي المدى الطويل فهي أرباح متكررة الحدوث طالما أن المشروع يقوم بأعماله المعتادة .
(ب) أن الأرباح العادية هي مؤشر تنبؤي اكثر ثباتا للربحية علي المدى الطويل . وهكذا فان استخدام الأرباح العادية من اجل اتخاذ القرارات سوف يقود إلي ثبات متزايد علي مستوي المنشأة وعلي مستوي الاقتصاد الوطني .
(3) المقارنة بين المنشات والدورات:
إن انعدام التمييز بين الأرباح العادية والأرباح غير العادية يؤدي إلي تغليف المنشات ذات الكفاية الضعيفة بقناعات ترفع من أدائها عن طريق الأرباح الطارئة أو أرباح الحيازة أو تلك الأرباح العائدة إلي سنين سابقة مما يؤدي إلي الإخلال بقابلية المقارنة زمانا أي بين نتائج عمليات المنشاة ومركزها المالي خلال فترة زمنية ، أو مكانا بمقارنة نتائج الأعمال والمركز المالي لعدد من المنشات مع بعضها البعض .
يرد معارضي التقسيم علي المبررات التي قدمها مؤيدي التقسيم علي النحو التالي :
- تقويم الأداء السابق:
لعل أهم أهداف التقسيم هو تقويم أداء القرارات السابقة علي أساس أن كلا النوعين من الأرباح يتطلب نموذجين مختلفين من القرارات ، وان الإدارة تتمتع بحرية اتخاذ القرار المتعلق بكل منهما علي حدة. ويمكننا أن نأخذ عدة حالات يتحقق فيها هذا الاستقلال بين هذين النوعين من القرارات , ففي حالة السمسار الذي يشتغل في إجراء المقابلة بين الموردين والعملاء و يحصل علي نسبة من العمولات وليس من الضروري أن يحوز مخزونا من ممارسة عملة هذا، وعلي ذلك فإذا أشترى هذا السمسار جزءا من بضاعة الموردين أو أوراقهم المالية واحتفظ بها لفترة من الزمن ثم عاد وباعها ثانية محققا أرباحا ، فان هذه الأرباح الأخيرة أرباح غير مستمرة لأنها ليست من طبيعة نشاطه المعتاد . وكذلك التاجر الذي يحوز البضاعة برسم الأمانة ليبيعها لقاء عمولة معينه فإذا قرر شراء البضاعة وتحمل مخاطرها قبل بيعها فان قراره هذا مستقل عن قراراته السابقة بحيث يبرر هذا الاستقلال تقسيم أر باحة إلي أرباح عادية مستمرة ناجمة عن أعمال العمولة وأرباح غير مستمرة ناجمة عن الشراء بغرض البيع.
إن تقسيم الدخل من اجل التقويم المنفصل لقرارات الإدارة المتعلقة بمخاطر غير مستمرة يتضمن ما يلي:
1- عناصر المضاربة : وهي تتضمن كل الأرباح أو الخسائر علي تلك الأصول التي تمتلكها المنشاة بحيث يكون خطر حيازتها ليس ملزما لها لتسيير عملياتها .
2- عناصر التشغيل العادية : وتمثل المتمم الحسابي لعناصر الحيازة . أما ما يتعلق بالأرباح الطارئة الناتجة من عوامل قانونيه كالتعويض الناجم عن منازعه قانونيه نشأت في السنين السابقة فهي تختلف عن أرباح المضاربة في أنها أرباح عاديه ولكنها تعود إلي سنين سابقه .
- توجيه قرارات الأعمال :
( أ ) كمؤشر على الربحية في الأمد الطويل :
الأرباح العادية الجارية يمكن أن تستخدم لأغراض التنبؤ إذا ما توقع استمرار الإنتاج والظروف المتعلقة به , ولكن التسليم باستمرار الظروف الانتاجيه بدون تغير لا يمكن الأخذ به على إطلاقه فضلاً عن أن إستمرار الظروف الموجودة يعني إستمرار المعدلات الحالية للتغيرات في التكنولوجيا والأسعار ومستويات الإنتاج وهنا الربح الحدي على السلع الفردية والخدمات سوف يتبدل مع مرور الزمن مما يتطلب من الإدارة إستتباعه بتغيرات في خطط الإنتاج ومزيج المنتجات مما يقود إلى القول بأن ربح العمليات العادية لا يشكل مؤشراً يمكن الاطمئنان إليه في المستقبل.
(ب) كمؤشر تنبئي أكثر ثباتاً :
حيث يرى البعض أن هناك تناقضاً في النقاش الذي يتبنى قابلية التنبؤ والثبات النسبي على المدى الطويل من جهة ورفض أسعار السوق من جهة أخرى , وان التأكد من سعر بيع المنتجات لتحقيق هامش ربح العمليات هو المبرر الأساسي للحفاظ على مبدأ الاستحقاق بالبيع في الفكر المحاسبي , وإذا كان ربح العمليات ثابت ثبات القابلية للتنبؤ فلماذا ينتظر المحاسب حتى نهاية البيع الحقيقي ( أساس تحقق الإيراد بالبيع ) لاحتساب هامش ربح العمليات الجارية كجزء من الدخل .
يخلص الباحث من ذلك إلى أن التقسيم يعنى ترك الإدارة حره في استبعاد أجزاء من الأرباح على أنها أرباح حيازة وفي ذلك خروج على الموضوعية ولكن على الرغم من ذلك نجد أن التقسيم يعد أكثر انسجاما مع التطور في الفكر المحاسبي ونظرية الشخصية المعنوية كما أنه يقر بعرض الأرباح غير العادية في ذات قائمة الدخل التي تعرض الأرباح العادية مما يعني أن الرصيد النهائي لصافي للأرباح سيكون مساوياً لرصيد صافي الربح الذي ينادي به المعارضين للتقسيم , كما أن الحكم باستحالة التنبؤ يعني ضمنياً إستحالة إتخاذ القرارات .
لكل ذلك نرجح الفصل بين الإيرادات العادية والإيرادات غير العادية طالما أن التقسيم يأخذ بالقدرة على التنبؤ وبالتالي القدرة على إتخاذ القرارات فضلاً عن أن الرصيد النهائي لصافى الربح متساوي في الحالتين .
ثالثاً :المكاسب الرأسمالية:
الكسب الرأسمالي هو الربح الناتج من إعادة تقويم أصل من الأصول الثابتة للمنشأة أو بيعة ، ولما كانت المنشأة تقتني الأصل الثابت بغرض إستخدامة في العمليات الإنتاجية لفترة طويلة نسبياً وليس بقصد إعادة بيعة فإن بيع الأصل وتحقيق ربح ليس إيراداً عادياً متكرر الحدوث . ويستند أنصار التقسيم إلى الأمور الأربع التاليات([14]):
( أ ) تقويم الاداء السابق :
الخلط بين الأرباح الرأسمالية والأرباح العادية يؤدي إلى صعوبة تقويم أداء المشروع عن الفترة السابقة أو تقويم أداء مستوياته الادارية المختلفة
( ب ) توجيه قرارات الأعمال :
حيث يؤكد أنصار التقسيم إلى انه يساعد على إتخاذ قرارات الأعمال لان الربح العادي وليس الرأسمالي يشير إلى ربحية المنشأة على المدى الطويل ، كما يؤدي الربح العادي إلى تصنيف بدائل الإنتاج حيث لا يمكن الحكم على احسن تشكيلة للإنتاج تؤدي إلى تعظيم الربح إلا إذا تم التمييز بين الأرباح العادية والأرباح الرأسمالية . يضاف إلى ذلك أنَ الربح العادي هو مؤشر تنبؤ أكثر ثباتاً .
( ج ) المحافظة على راس المال العيني :
حيث يرى أنصار التقسيم بان الأرباح العادية هي الدخل ذاته وليس مجرد عنصر من عناصر الدخل . ويشار إلى الربح العادي على أنه قابل للتوزيع أو أنه يحافظ على بقاء المشروع على أساس انه المقدار الذي يمكن للمنشأة توزيعه دون المساس برأس المال العيني
( د ) المقارنات :
يرى أنصار التقسيم أن الإدارة الحكيمة التي تدخل صناعة في وقت ما عندما يكون من الممكن شراء الأصول الضرورية بسعر مناسب , وبمرور الزمن فإن منشآت أخرى تدخل الصناعة وتشترى أصولاً بأسعار أعلى ، فإذا كانت المنشآت الآن في الصناعة ذاتها متساوية من حيث الكفاية المتعلقة بنشاط العمليات ،فإن المنشأة الأولى سوف تسجل ربح عمليات أوسع من المنشآت الأخرى في تلك الصناعة ، كما أن أعباء الاستهلاك للمنشأة الأولى هي أقل بكثير على أساس التكلفة التاريخية من الأعباء المماثلة في الصناعة نفسها ولكن هذه الزيادة لا تنشأ من الحكمة التي شغلت فيها المنشأة أصولها وإنما هي نتاج قرارات توزيع تكلفة الأصل وقرارات حيازته . وعل ذلك يجب استبعاد أرباح الحيازة والاستهلاكات من أرباح المشروع لغرض المقارنة بين المشروعات وعبر الدورات المحاسبية المتعاقبة .
أما المعارضون للتقسيم فيردون على الحجج السابق كما يلي :
( أ ) تقويم الأداء السابق :
معظم الشركات تهتم بحيازة مخزوناً واصولاً ثابتة ، لكن خطر الحيازة في الغالب غير منفصل لان فرصة نقلة إلى شخص آخر غير متاحة . وبالتالي القول بتقسيم الدخل إلى أرباح عادية وأرباح رأسمالية يتطلب الاهتمام بموضوعين أساسين هما الإنتاج غير الزمني ومقتضيات التقسيم الناجمة عنه.
فبالنسبة للإنتاج غير الزمني نجد أن تغيير شكل المنتج يتم من خلال ارتباطه بالفجوات الزمنية والافتراض الصحيح أن التغيرات المتناهية إلي الصفر في الشكل إنما تأخذ مكانها من خلال الفجوات الزمنية المتناهية إلى الصفر وليس في مراحل غير زمنية . وعلى ذلك نجد أن قرار الإنتاج له نتيجتان: الأولى أن التبديل في الشكل وحيازة الأصول التي يقتضيها هذا التبديل في الشكل عمليتان لا يمكن أن تنفصلا, والنتيجة الثانية انه من أجل عد قرارات الحيازة على أنها منفصلة عن قرارات الإنتاج فمن الواجب معالجة صفات كل من القرارين على انهما لهدفين مختلفين مع أنهما يمثلان هدفاً واحداً. وقياسا على ذلك يمكن القول أن الحصول على الأصول الثابتة ليس مستقلاً عن إستخدامها في الإنتاج وبالتالي نحن أمام قرار اقتصادي واحد . وتأسيساً على مارد فليس من المجدي فصل الأرباح الرأسمالية عن الأرباح العادية أو فصل الاستهلاك عن النفقات الجارية الأخرى .
( ب ) توجيه قرارات الأعمال :
يحتاج السبب الأول - من الأسباب التي يأخذ بها المؤيدين للتقسيم لتقرير أن التقسيم يساعد على إتخاذ قرارات الأعمال – إلى بقاء الظروف التكنولوجية والاقتصادية على حالها وهو أمر لا يمكن الأخذ به في عالم اليوم الذي يمثل فيه التغيير في التكنولوجيا والظروف الاقتصادية أهم الملامح.
أما السبب الثاني فيعتمد على قياس الربح الحدي عن طريق إختيار الوحدة التي تترك هامش الربح الأكبر ، أو كتلة الإنتاج التي تترك الهامش الأكبر .
ويعتمد السبب الثالث عل ثبا تن الظروف الاقتصادية على ما هي علية . ومع ذلك نجد أن التقسيم مفيد من أجل قرارات التسعير لصفقات معينة وتقويم أداء إدارة المشروع لفترة قصيرة ( أي قبل التغييرات في التكنولوجيا والظروف الاقتصادية ) .
( ج ) المحافظة على رأس المال العيني :
النظر للمنشأة عن طريق أصحابها كمصدر للنقود يتطلب أن تقاس ثرواتها وان يقوم دخلها من خلال وحدات نقدية وليس من خلال رأس المال العيني أو الطاقة الاقتصادية . وبالتالي فإفتراض الأرباح العادية على أنها الدخل المسموح به من اجل المحافظة على رأس المال سليماً على حسب ما يقول به المؤيدين للتقسيم و يمكن الأخذ به لإزالة آثار تغيرات الأسعار في تجميع الإنتاج الكلي أو الدخل الكلي لان تغيرات محددة في الأسعار تفيد مجرد إعادة لتوزيع الثروة بين القطاعات الاقتصادية المختلفة . ولكن دخل المنشأة بحد ذاته لا يعطي إنتباهاً لتجميع الدخل عن طريق استخدام مفهوم المحافظة على رأس المال العيني لأنه يتجاهل آثار إعادة توزيع تغيرات الأسعار.
( د ) المقارنات :
يرى الرافضين للتقسيم أن الفصل يجب أن يشمل فقط أرباح المضاربة نظراً لاستقلالية القرار . وفي رأينا ثمة فرقاً بين مقارنة ربيعية المشروع وتقويم إدارة المشروع خلال فترة معينة . ففي مجال تقويم المشروع لآيكن الفصل بين آلاته وما ينجم عنها من أرباح أو خسائر رأسمالية أو أعباء إستهلاك وبين أرباحه الجارية. أما في مجال تقويم الإدارة فإن التقسيم يفيد في عزل العناصر التي لا يمكن التحكم فيها من قبل الإدارة على أن تبقى قائمة الدخل هي الوعاء الوحيد للأرباح العادية وغير العادية والرأسمالية. وقد نص المعيار الدولي السابع ( بيان مصادر الدخل وإستخداماتة ) على ما يلي: ( يتم بيان البنود غير العادية والتي لا تتعلق بعمليات المنشآت في بند مستقل في حساب الأرباح والخسائر، مما يجعل البيانات المالية مفيدة أكثر. وكذلك الأمور بالنسبة لبيان مصادر الدخل وإستخداماتة حيث يجري بيان تلك البنود بشكل مستقل عن بقية البنود). كما أن القول بالتقسيم يدفعنا إلى عد الربح العادي هو النوع الأساسي ، أما الأنواع الأخرى وهي الأرباح غير المستمرة والأرباح غير العادية والمكاسب الرأسمالية ، فهي أرباح أخري لكنها تصب في قائمة الدخل.
( أ ) الخصم النقدي والمسموحات:
قد يقل السعر الذي يدفعه العميل عن سعر البيع الآجل المقرر من قبل في حالة سداده للقيمة الآجلة حالاً ويسمي هذا التخفيض في قيمة البيع بالخصم النقدي ويمنح عادة في مقابل حصول البائع على الثمن نقداً مما يمكنه من إستثمار حصيلة البيع في المشروع أو مقابل عمولات التحصيل ومصروفات التحصيل أو في مقابل تأمين إعسار العملاء وإفلاسهم .
قد يتنازل البائع للمشتري عن جزء من ثمن البيع كمسموحات وفي رأي بعض المحاسبين أن الخصم النقدي والمسموحات تمثل نفقة من بين عناصر النفقات والرأي السليم أن تعد هذه المسموحات تخفيضاً في الإيرادات الناتجة عن المبيعات لأنها بمثابة تعديل في ثمن البيع . إلا ان عد الخصم النقدي من قبيل النفقة هو ماجرى علية التطبيق العملي .
ثالثاً : قياس وتحقيق الإيرادات:
يعتبر الإيراد أحد عناصر القوائم المالية الأساسية مما يجعله خاضعا للشروط العامة الواجب توافرها للاعتراف المحاسبي ( الإثبات المحاسبي ) لأي عنصر من عناصر القوائم المالية ، وتتمثل هذه الشروط في الآتي :
( أ ) التعريف : ويشير إلي انه يجب أن ينطبق علي المفردة المراد إثباتها (الاعتراف بها ) محاسبيا أحد التعريفات الخاصة بعناصر القوائم المالية .
( ب ) القياس : ويشير إلي انه يجب أن يكون للمفردة خاصية القابلية للقياس ويستلزم ذلك توافر ثلاث شروط رئيسية :
1/ أن يكون للمفردة خاصية ملائمة .
2/ انه يمكن التعبير عن هذه الخاصية تعبيرا كميا .
3/ إستخدام وحدة النقد كأساس للقياس الكمي .
( ج ) الملائمة : بمعنى أن يكون للمفردة خاصية ملائمة بمعني أن يكون للمعلومات الخاصة بهذه المفردة المقدرة علي إحداث تأثير علي قرارات مستخدمي القوائم المالية ، ويتطلب ذلك أن تكون للمعلومة قدرة تنبؤيه وقيمة تغذية عكسية .
( د ) ثقة و إمكانية الاعتماد علي هذه المعلومات : بمعني أن تحقق المعلومات الخاصة بهذه المفردة المراد إثباتها محاسبيا درجة كافية من :
· صدق التمثيل
· إمكانية التحقق
· الحياد (عدم التحيز )
بالإضافة إلي هذه الشروط العامة يجب أن تتوافر بعض الشروط الخاصة في مجال المحاسبة عن الإيرادات ، ففيما يتعلق بالإثبات المحاسبي للإيرادات (الاعتراف المحاسبي بالإيرادات ) يجب أن يتوافر أيضا شرطين آخرين يكملان مع الشروط العامة هدف توفير مستوى مقبول من التأكد من تواجد الإيراد ومقداره قبل الاعتراف به رسمياً في القوائم المالية , والشرطين هما :
- الاكتساب : ويقصد به اكتمال عملية خلق (توليد ) الإيراد أو اقترابها من الاكتمال .
- التحقق أو القابلية للتحقق : ويقصد بالتحقق إمكانية تحويل الأصول غير النقدية إلي نقدية أو إلي ما هو في حكم النقدية([16]). وعموما يتطلب قياس وتحقق الإيرادات التعرف علي الأسس المحاسبية للإثبات ( الأساس النقدي أساس الاستحقاق ) والأسس المعدلة .
قياس الإيراد :
القاعدة العامة في قياس الإيراد هي علي أساس القيمة التبادلية لناتج نشاط من السلع والخدمات ، أي أن مقياس قياس الإيراد هو قيمة مبادلة ما تقدمه المنشأة من منتجات أو خدمات للغير وتتمثل قيمة المبادلة هذه في المبلغ النقدي المحصل في تاريخ البيع أو في القيمة الحالية المحسومة للحقوق النقدية المكتسبة من الإيراد المنتظر مستقبلا ( كما في حالة العمليات الآجلة ذات فترة الائتمان الطويلة نسبيا)( [17]) أو ثمن الشراء الحالي للأصل الثابت المكتسب مقابل عملية البيع ، أو القيمة الحالية لاوراق الدفع لدينا والتي تنازل عنها المشتري ( وقد يكون بائعاً لنا في عمليات سابقه ) أو القيمة السوقية لأسهم الشركة التي حصلت عليها نتيجة البيع([18]) وبالنسبة لعمليات التبادل غير النقدية( التبادل العيني) يتم قياس الإيراد علي أساس القيمة العادلة للأصل الذي حصلت علية المنشأة أو الأصل الذي قدمته المنشاة في عملية خلق الإيراد أيهما ايسر أو أدق في التقدير.
يجب التنبيه إلي انه يلزم الإفصاح عن عناصر الإيراد علي أساس إجمالي المتدفقات الخاصة بها. يلاحظ أن ما يمثل إيرادات يختلف من وحدة لأخرى مع اختلاف طبيعة النشاط واختلاف الظروف المحيطة , فمثلا تعتبر الاستثمارات في أوراق مالية أحد اوجه النشاط الرئيسي بالنسبة للمنشات المالية (والمصارف الجزء الأكبر منها ) وبالتالي يعتبر ناتج هذه الاستثمارات إيرادا في حين انه يعتبر من عناصر المكاسب والخسائر في المشروعات التجارية والصناعية([19]).
تحقق الإيراد:
يبحث شرط أو معيار تحقق الإيراد في سؤالين هامين (1) متي يتم الاعتراف بالإيراد ، أي توقيت الاعتراف بالإيراد بتحديد النقطة الزمنية للإثبات المحاسبي (2) كيف يتم تخصيص (توزيع ) الإيراد فيما بين الأنشطة والفترات([20]).
قبل الإجابة علي السؤالين لابد من تحديد الأساس المحاسبي المتبع في التسجيل إن كان الأساس النقدي (في ظله جميع المصاريف التي أنفقت والعوائد التي استلمت بغض النظر عن عائداتها تسجل علي أنها تخص الفترة التي تحققت فيها ) أو أساس الاستحقاق (في ظله تحمل الفترة بنصيبها فقط من المصروفات وبالتالي الإيرادات الناجمة عن إنفاق هذه المصروفات).
عموماً الموقف التقليدي لمهنة المحاسبة في الإجابة علي هذين السؤالين هو الاعتراف بالإيراد كاملا عند نقطة إتمام البيع و التسليم([21]), أي عند حدوث تبادل فعلي بين الوحدة المحاسبية والغير ، فعند تلك النقطة الزمنية يكون الحدث الهام قد تحقق في دورة اكتساب الإيراد بالنسبة لغالبية الوحدات المحاسبية ، وفي الوقت نفسه تقدم عملية البيع والتسليم دليلا موضوعيا لقياس قيمة الإيراد بالنسبة لغالبية الوحدات (فاتورة البيع ) كما يمكن تحديد درجة التأكد أو عدم التأكد من إمكانية التحصيل([22]) .
فعملية إتمام البيع تمثل من الناحية القانونية تحويل ملكية السلع أو الخدمات التي ينتجها أو يقدمها المشروع إلي الغير وتمثل من الناحية المحاسبية الواقعة الموضوعية التي يستند إليها في الإثبات المحاسبي لان سعر البيع عندها يتحدد بصفة نهائية وتتحدد بالتالي قيمة المبادلة للمنتج المباع أو المقدم, وكذلك عندها تكون تكاليف الإنتاج قد حددت بصفة نهائية في تاريخ البيع ، كما أن عملية البيع تمثل عادة الحدث الذي له اكبر دلالة مالية في النشاط الاقتصادي للمنشأة ([23]).
الأسس البديلة لتحقق الإيرادات:
الممارسات المحاسبية المختلفة في مجال تحقق أو الاعتراف بالإيراد كثيرة بعضها يركز الاهتمام علي اكتساب الإيراد ، وبعضها علي تحققه أو قابليته للتحقق ، واغلبها يوازن بين شرط الاكتساب وشرط التحقق ويمكن حصر تلك الممارسات العملية في مجموعتين رئيسيتين([24]) :
المجموعة الأولى : وهي مجموعه من الأسس تنظر جميعها إلي الإيراد علي انه تيار متدفق من الإنتاج المشترك فيما بين الأنشطة المختلفة والفترات المحاسبية . وبالتالي يلزم توزيع القيمة المضافة علي اكثر من نقطة زمنية واحدة أو علي اكثر من وظيفة إنتاجية واحدة , ويندرج تحت هذه المجموعة كافة أسس التحقق التي تعترف بالإيرادات تدريجيا أثناء الإنتاج واهم هذه الأسس:
(1) أساس الاستحقاق الدوري .
(2) أساس الزيادة الطبيعية (النمو في القيمة ) .
(3) أساس نسبة الإتمام .
المجموعة الثانية: وهي مجموعة الأسس التي تقضي بالاعتراف بالإيراد كاملا في تلك النقطة الزمنية التي عندها يتم أداء النشاط الرئيسي أو إتمام حدث هام في دورة الأعمال واهم هذه الأسس :-
(1) أساس البيع والتسليم
(2) أساس الإنتاج
(3) أساس التحصيل النقدي
أولاً : الأسس التي تعترف بالإيراد تدريجياً:
يستخدم في ظل عقود مبرمه مع الوحدة المحاسبية يتفق فيها مسبقاً على كيفيه إحتساب الإيراد وكيفية إستخدامه وحيث يعد انقضاء أو مرور الوقت نشاطا إنتاجيا يوفر شرط الاكتساب وشرط التحقق في آنٍ واحد معاً . فالوحده المحاسبية تعترف بالإيراد مقابل تقديمها خدمات للغير أو منح الغير حق استخدام بعض أصولها (النقدية , مباني ... الخ ) . لذلك يطبق أساس الاستحقاق الدوري في حالة الفوائد الدائنة والإيجارات الدائنة والعمولات والأتعاب التي يتم اكتسابها وتحققها بمرور الزمن .
(2) أساس الزيادة الطبيعية (النمو في القيمة ):
يتم تطبيقه عن طريق إعادة التقييم الدوري لأصول لمنشاة, ويستخدم بصفة عامة في مجال الصناعات الاستخراجية والأنشطة التي يكون فيها عنصر الزمن (مرور الوقت ) العامل الرئيسي كما في حالة الزراعة والصيد وتربية الماشية , ففي مثل هذه الأنشطة تطرأ زيادات بمرور الزمن وبصورة تدريجية علي قيمة الأصل بالتالي يلزم إعادة تقدير قيمة الأصول بصفة دورية([26]). يلي مرور الزمن في هذا الأساس شرط الاكتساب ولكن من ناحية ثانية ، فانه لتلبية شرط قابلية تحقق الإيراد يجب أن تكون إعادة التقدير موثوقاً بها , أي يجب أن يتوفر للمنتج سعر سوق موثوق به في مراحل نموه المختلفة ، وان يكون بالإمكان تقدير التكاليف الإضافية اللازمة لوصول المنتج إلي مرحلة النمو المثلي وكذلك تقدير تكاليف أنشطة التسويق الضرورية([27]).
(3) أساس نسبة الإتمام :
تبعاً لهذا الأساس يتم الاعتراف بالإيراد تدريجيا وفق التقدم في الإنجاز والتنفيذ حيث يعتبر ذلك التقدم في التنفيذ اكتسابا للإيراد . ولتلبية شرط قابلية تحقيق الإيراد، فان هذا الأساس يطبق في المجالات التالية حيث يكون السعر محددا مسبقا وبالتالي موثوقا به :
· العقود والمقاولات طويلة الآجل .
· العقود ذا ت الربحية الثابتة .
يتم تطبيق هذا الأساس بإحدى طريقتين :
الطريقة الأولى : طريقة قياس المخرجات ، وفيها يعتمد مثلا عدد الوحدات المنتجة المسلمة منسوباً إلي عدد الوحدات الواجب إنتاجها وتسليمها . وتطبق هذه الطريقة عند تجانس الوحدات وإمكانية نسبتها إلى بعضها البعض لتحديد نسبة الإتمام أو الانجاذ بدقه, وتوفر هذه الطريقة أساساً موضوعياً للاعتراف بالإيراد حيث يلبي شرطي الاكتساب والتحقق .
الطريقة الثانية : طريقة قياس المدخلات وتعرف أيضاً بطريقة نسبة التكلفة إلى التكلفة, وهي نسبة التكلفة الفعلية لمستوى الانجاذ إلى التكلفة الكلية المتوقعة لاتمام العقد أو المقاولة, وفيها يواجه المحاسب مشكلة تقدير التكاليف المنتظر إنفاقها لاتمام العقد في كل فتره محاسبيه ولذلك تعاني هذه الطريقة من ضعف في درجة الموثوقية([28]) . ورغماً عن ضعف درجة الموثوقية في هذه الطريقة إلا أنه هنالك بعض الحالات يتحتم فيها إستخدام هذه الطريقة وهي الحالات التي تكون وحدات المخرجات غير متجانسة سواء من حيث الوقت المستنفذ في إنتاج كلٍ منها أو من حيث الجهود المبذولة في إنتاجها أو في تكاليف إتمامها .
عموماً يلاحظ على أسس المجموعة الأولى أنها جميعها تتفق مع القاعدة العامة لتحقق الإيراد المتمثلة في ضرورة الاعتراف بالإيراد في أقرب نقطه زمنية ممكنة كالما انه عند هذه النقطة تتوافر الشروط التالية
أ / اكتساب الإيراد , أي إتمام النشاط الإنتاجي
ب / قابلية الإيراد للقياس , أي توافر دليل موضوعي على زيادة القيمة
ثانياً : الأسس التي تعترف بإيراد كاملاً عند نقطة أداء النشاط الرئيسي أو تحقق الحدث الهام .
(1) أساس البيع أو التسليم :
يمثل الأساس التقليدي المقبول عموماً لتحقق الإيراد إنطلاقا من أن عند نقطه البيع والتسليم للسلعه أو الأداء للخدمه للعميل عادةً ما تتحقق الشروط العامة للتحقق , ولذلك تحقق عملية إتمام البيع والتسليم أدنى درجات عدم التأكد نظراً للآتي([30]):
أ / سعر المنتج قد تم تحديده بصوره نهائية وقاطعه
ب / انتقلت حيازة المنتج لطرف آخر وحل مكانه أصل جديد
ج / البيع يمثل الحدث الهام في دورة نشاط كثير من المنشآت
د / معظم التكاليف الخاصة بالمنتج قد تم تحملها بالفعل أو أنه يمكن تحديدها
يثير أساس البيع تساؤلاً هاماً فحواه , متى يتم البيع ؟ والإجابات على هذا السؤال متعددة . مثلاً عند انتقال الملكية القانونية ,عند شحن البضاعة, عند حجز البضاعة باسم العميل , عند إستلام البضاعة, عند ورود موافقة العميل على البضاعة, عند انتهاء مهلة البضاعة. والقاعدة العامة للإجابة على التساؤل ( متى يتم البيع ) هي أن يكون البائع قد نقل للمشتري الجزء الأكبر من المخاطر والحقوق المتعلقة بملكية الأصل المباع , وليس من الضروري نقل كافة المخاطر وكافة الحقوق المتعلقة بالملكية القانونية إلى المشتري . وهذا يظهر في حالة البيع بالتقسيط أو البيع التأجيري, فإحتفاظ البائع بالملكية القانونية للأصل المباع لا يتعارض مع وجوب الاعتراف بالإيراد في دفاتر البائع . فالملكية القانونية لاتعد أمراً جوهرياً , وإنما هي مجرد إجراء لضمان سداد المستحقات من قيمة الأصل المباع . ولقد عرفت هيئة معايير المحاسبة المالية (FASB) الأصول تعريفاً ينسجم مع هذا الموقف وذلك بتعريفها بأنها منافع إقتصاديه متوقع الحصول عليها في المستقبل , وان الوحدة المحاسبية قد إكتسبت حق الحصول على هذه المنافع ليس فقط بالملكية القانونية فقد يتم ذلك بالتأجير التمويلي .
الجدير بالذكر أن السلف النقدية المحصلة من العملاء لاتمثل إيراداً , بل تظهر في السجلات كالتزام على الوحدة المحاسبية , إذ أنً عملية اكتساب الإيراد مازالت في مراحلها الأولى وبالتالي يتم الاعتراف بالإيراد فقط عند تسليم المنتجات موضوع السلفة .
عموماً يثير تطبيق أساس البيع للاعتراف بالإيراد عدة مشاكل تتعلق في مجملها بعنصر عدم التأكد كما في حالة وجود الحق في رد البضاعة المباعة خصوصاً عندما يكون التبادل صورياً , مثلاً ( بين شركه قابضة وشركه تابعه , البيع مع شرط إعادة الشراء ) وفي ظل هذه الحالة يتوجب على المحاسب تغليب الجوهر على الشكل لتحديد مدى جدية التبادل, مع الأخذ في الاعتبار بحث احتمالات رد البضاعة وقياس قيمتها المتوقعة لاجل تكوين المخصصات اللازمة لمقابلة الخسائر المتوقعة من احتمالات رد البضاعة . وبتكوين المخصصات اللازمة يكون قد تم الاعتراف بالإيراد خلال الفترة التي تمت فيها عملية البيع . ومن الحالات الأخرى المتعلقة بعنصر عدم التأكد نجدها عن د وجود التزام بتقديم خدمات بعد البيع والتسليم ( كفالات ابعد البيع), وعندها يتوجب على المحاسب تقدير تكاليف تلك الالتزامات وإحتمالات حدوثها وتكوين المخصصات اللازمة إذا كانت مهمة نسبياً([31]) . ويجدر التنبيه إلى أن أساس البيع يعتبر مرحله متأخرة للاعتراف باللايرادات في كثير من الأحيان ولذلك فإنه لا ينصح بإتباع هذا الأساس إلا إذا لم يمن في الإمكان الاعتراف بالإيرادات في مرحله سابقه([32]) .
(2) أساس الإنتاج :
في ظل أساس الإنتاج يتم الاعتراف بالإيراد كاملاً عند نقطة الانتهاء من الإنتاج دون الانتظار إلى حين إجراء التبادل والبيع للغير,وينتشر هذا الأساس في المقاولات حيث يعتبر الانتهاء من الإنتاج هو النشاط الرئيسي الأكثر أهميه في دورة النشاط اللازمة لاكتساب الإيراد . وبالنسبة لتوافر شرط قابلية تحقق الإيراد يجب توافر سوق جاهزة نشطة لتصريف إنتاج الوحدة المحاسبية وبأسعار تنافسيه لا تتأثر كثيراً بكميه الإنتاج الذي تطرحه الوحدة للبيع , أي توافر سوق شبيهه بسوق المنافسة الكاملة .
عموماً التطبيق العملي لهذا الأساس يتطلب تقدير التكاليف الإضافية التي ستتحملها الوحدة حتى إتمام عملية البيع , ليتسنى استبعادها من ثمن البيع وتحديد صافي القيمة البيعية للإنتاج , وبالتالي تحديد ربحيه الوحدة المحاسبية كاملاً بمجرد إتمام النشاط الإنتاجي . وبالتالي يفترض أنً الانشطه التالية بعد إتمام الإنتاج ليست مهمة ولا تضيف ربحاً جوهرياً . وتنطبق هذه الشروط في حاله وجود أو توفر سوق نشطه أو بورصة تسمح بتحديد القيمة البيعيه بصوره مؤكدة أو شبه مؤكدة. وتبعاً لهذه الشروط نجد أن أساس الإنتاج لا يمكن تطبيقه في حالات , إنتاج السلع الثمينة مثل الذهب والفضه وفى مجال الصناعات الاستخراجيه والمناجم والتي يكون فيها سعر البيع مؤكداً وكذلك المنتجات الزراعية وبعض الاستثمارات في الأوراق المالية التي يتم تداولها في البورصة والتي تكون أسعار بيعها مؤكدة أو شبه مؤكدة[33]. والجدير بالذكر أن عقود المقاولات ( الإنشاءات ) طويلة الآجل تمثل أحد المجالات الشائعة لتطبيق أساس الإنتاج . حيث يتم تطبيق أساس الإنتاج فيها عن طريق ما يعرف بطريقة العقود المكتملة . وعلى ذلك تتحقق الإيرادات في عقود المقاولات (الإنشاءات ) طويلة الآجل إما بطريقة نسبة (درجة) الإتمام أو بطريقة العقود المكتملة . حيث يتحقق الإيراد في ظل طريقة ( نسبة) الإتمام من خلال فترة تنفيذ العقد بينما يتحقق الإيراد في ظل طريقة العقود المكتملة عند اكتمال العقد , ويتوقف إستخدام أي من الطريقتين على مدي الثقة في تقدير تكاليف تنفيذ العقد . فإذا توفرت تقديرات للتكاليف يمكن الاعتماد عليها يتم الأخذ بطريقة نسبة الإتمام , وبالتالي يتم الأخذ بطريقة العقود المكتملة في حالة عدم إمكانية الاعتماد على تقديرات التكاليف .
الحدث الأهم وفقاً لهذا الأساس هو التحصيل النقدي وقد يسبق التحصيل النقدي بدء النشاط الإنتاجي وقد يكون لاحقاً له :
أ/ التحصيل قبل بدء النشاط :
في حالة استلام مبالغ نقدية كبيرة قبل بدء النشاط كما في حالة المقدمات و تحصيل الاشتراكات يكون الإيراد قد تحقق ولكنة غير مكتسب لذلك لأيمكن الاعتراف بتلك المبالغ على أنها إيرادات في فترة تحصيلها إنما يجب إثباتها على أنها إلتزام ( يظهر في قائمة المركز المالي باعتباره إيراداً غير مكتسب) بتقديم سلع وخدمات في المستقبل .
على الطرف الآخر إذا أمكن تقدير تكاليف النشاط بدقة أي تقدير تكاليف الْاكتساب أو التنفيذ , يمكن الاعتراف بالإيرادات الناتجة عن هذه المتحصلات ومن ثم إمكانية حساب الربحية منها وهنا يتوجب إظهار القيمة المالية لتكاليف التنفيذ المتوقعة على أنها إلتزام في قائمة المركز المالي وبذلك يمكن القول أن توقيع العقد وتحصيل العربون يمثل الحدث الأهم في دورة النشاط . وإذا لم يكن بالإمكان تقدير تكاليف التنفيذ بدقة فإن الربحية المتوقعة من العقد (وبما يتناسب والتحصيل النقدي ) يجب توزيعها على فترات التحصيل وفترات التنفيذ . والشائع في التطبيق العملي هو الْاعتراف بالقسم الأكبر من الربحية في الفترة التي يتم خلالها التعاقد وتوزيع الربحية المتبقية على فترات التنفيذ وفق نسبة التكاليف الخاصة بكل فترة .
ب/ التحصيل النقدي بعد البيع و التسليم :
يتطلب التمييز بين حالتين عمليتين : حالة عملية التحصيل الروتينية ، وحالة عملية التحصيل غير الروتينية.
1- حالة عملية التحصيل الروتينية : وهي حالة إمكانية تقدير الديون المعدومة المتوقعة وتكوين المخصصات للديون المشكوك في تحصيلها . وهنا يتم إتباع أساس البيع التقليدي فيتم الاعتراف بالإيراد الناتج عن المبيعات الآجلة وبالتالي الاعتراف بالأرباح الناجمة عنها قبل إتمام عملية التحصيل النقدي . ويمكن القول بان هذه الحالة مقبولة عموماً إذا لم يكن لعملية التحصيل وزن جوهري في التأثير على ربحية الوحدة المحاسبية . ومن جانب آخر إذا كانت عملية التحصيل روتينية ولكنها طويلة الآجل يجب الاعتراف بالإيراد عند نقطة البيع ( أساس البيع ) بعد حساب القيمة الحالية لتدفقات التحصيل النقدي المتوقعة .
2- حالة عملية التحصيل غير الروتينية : وفيها يواجه التحصيل مخاطر كبيرة ( مثل حالة البيع بالتقسيط لأقساط تمتد لفترة طويلة ) وهنا الاعتراف بالإيراد وتحقيق الربحية يرتبطان بمدي كفاءة نشاط التحصيل ويحتمل الأمر ثلاثة آراء :
( أ ) رأي متفائل : ويعتمد هذا الرأي أساس البيع رغم المخاطر فيتم الاعتراف بالإيراد والربح كاملين عند نقطة البيع والتسليم إذ يعتبر تحصيل الأقساط الأولى ربحاً محققاً وبقية الأقساط استرداد لتكلفة السلعة أو الخدمة المباعة , ويلاحظ أنه ( الرأي المتفائل ) يتجاهل الحدث الهام (التحصيل النقدي ) . وعموما يعد هذا الرأي مخالفاً لقواعد الاعتراف بالإيراد والربح وغير مقبول عموماً .
( ب ) رأي متشائم : وهو على عكس الرأي الأول يعتمد طريقة استرداد التكلفة أولاً حيث يؤجل الاعتراف بالأرباح من المتحصلات النقدية إلى أن يتم تغطية التكلفة بالكامل . وهذا الرأي يعد مقبولاً عموماً .
( ج ) رأي وسط : حيث يتم – وفق المتحصلات النقدية – توزيع الربح على كل فترة بما يتناسب والتحصيل النقدي ( نسبة النقدية المحصلة خلال الدورة إلى ثمن البيع النقدي ) . أي أنه يتم الاعتراف بالإيرادات والأرباح على أساس متزامن مع التحصيل النقدي ، وتسمي هذه الطريقة بطريقة البيع بالتقسيط . ويعد هذا الرأي الأكثر شيوعاً واستخداماً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.